العدد 49 - حريات
 

نور العمد

اعتبر تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية - أمنستي - أن «عشرات الآلاف من الخادمات الوافدات في الأردن، يواجهن العزل والاستغلال وإساءة المعاملة، في ظل عدم توافر الحماية أو القليل منها».

وأشار التقرير الذي حمل عنوان «مستخدمات وافدات يعملن في الأردن محرومات من حقوقهن» الى أن العديد من خادمات المنازل، لا يتلقين أجورهن أو بعضا منها، رغم أنها زهيدة، وأحيانا لسنوات، إضافة إلى إنهن يعملن بين 16- 19 ساعة يوميا، من دون التمتع بعطلة أسبوعية».

التقرير صدر بعد زيارات قامت بها وفود منظمة العفو الدولية إلى الأردن في آذار/مارس ونيسان/أبريل 2008 وقابلت الوفود العديد من الخادمات الوافدات، وممثلين لسفارات ودول ترسل العمالة، ومحامين، وممثلي منظمات تعنى بقضايا الخادمات، ومسؤولين حكوميين.

وفقاً لما جاء في التقرير فقد أفاد بعضهن أنهن يبقين مقيدات في التوقيف، ويعانين سوء معاملة جسدية وعقلية، ولا يستطع بعضهن مغادرة البلاد، لأن جهة التوظيف لا تجدد إقاماتهن، لعدم حصولهن على تصاريح عمل، لما ترتب عليهن من غرامات تجاوز الإقامة. إضافة إلى أن هناك نحو 14 ألف خادمة عالقة في الأردن بسبب ترتب غرامات عليهن، وهناك عدة مئات لجأن إلى سفارات بلدانهن، فيما توجد نحو 100 منهن في سجن الجويدة جنوب عمان. يذكر التقرير أن العاملات يبقين قيد الاعتقال إلى أن تدفع الغرامة، دون أن يكون هناك إجراء يلزم مكاتب الاستقدام أو الكفلاء بدفع الغرامة.

أشار التقرير إلى أن عمل هؤلاء النساء، مهم للاقتصاد في الأردن ولبلادهن، لمساهمتهن في رفاهية المنازل الأردنية، وتوفيرهن دخولا مجزية لعائلاتهن في بلدانهن، ما يتوجب حمايتهن.

وزارة العمل عمدت إلى تشكيل لجنة لدراسة تقرير منظمة العفو الدولية والرد عليه.

و قد اعتبرت الوزارة ما جاء في التقرير الذي صدر قبل أيام "مبالغاً فيه"، لافتة الى أن "الأردن أدخل بنوداً في قانون العمل، تضمن الحماية للعاملات، في سابقة لم تشهدها العديد من الدول".

أحمد الهباهبة، نقيب مكاتب استخدام واستقدام عاملات المنازل، قال إن ما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية مبالغ فيه للغاية، وأضاف: «التقرير يحمل إساءة للبلد، فالخادمات يتمتعن بالحماية الكافية والدائمة، في ظل التوجيهات المستمرة على أعلى المستويات لوزيري العمل والداخلية والجهات المختصة، باستمرار باحترام حقوق الإنسان من غير قيد». مؤكداً في الوقت ذاته أن التجاوزات لا تتعدى عدد أصابع اليد. على حد تعبير الهباهبة.

عايدة أبو راس، رئيسة جمعية المرأة العاملة في المنازل، وافقت الهباهبة الرأي، معتبرة أن ما جاء في التقرير مبالغ فيه،" فالأرقام الواردة في التقرير غير دقيقة فعدد العاملات يقدر بحوالي 40 ألف عاملة، فإذا كانت هناك عشرات الآلاف يتعرضن للإساءة فهذا يعني أن جميع العاملات يتعرضن للإساءة، وهذا كلام غير صحيح. هناك حالات تتعرض للإساءة و في المقابل هناك عاملات يعاملن بطريقة جيدة في المنازل".

تطرقت أبو راس لمثال عن انتحار خادمة في مدينة الكرك، وقالت إن "الانتحار لم يأت بسبب تعرضها لسوء المعاملة من قبل مخدومها، وإنما لتلقيها خبراً عن وفاة زوجها".

بينت أبو راس، أن عدد الشكاوى التي تصل إلى الجمعية شهريا يصل إلى 10 شكاوى من قبل خادمات، موضحة أن الجمعية أطلقت حملة لرفع وعي الطرفين بحقوق العاملة الوافدة خلال الصيف" .الحملة شددت على ضرورة فتح حساب بنكي للعاملة الوافدة، حتى يحمي صاحب العمل حقه فلا تدعي الخادمة عدم حصولها على أجرتها، فضلاً عن توفير استشارة قانونية مجانية للعاملات، رغم أنه يصعب، في بعض الأحيان، التحقيق فيها لعدم وجود الأدلة".

سرد تقرير منظمة العفو شهادات، منسوبة لعاملات في منازل، فقد ادعت «تي» فلبينية (27 عاما) أنها «أجبرت على العمل 17 ساعة يومياً طيلة أيام الأسبوع، وأن جواز سفرها صودر»، وقالت إن العائلة التي تعمل لديها، زودتها بطعام «غير كاف وغير مناسب»، ولدى خروج العائلة من المنزل، كانت الأبواب تقفل عليها وهي داخله.

ويدعي التقرير أنها عملت لسنتين وفق عقدها، لكن العائلة التي تعمل الفلبينية لديها ، أجبرتها على العمل شهرين إضافيين، ولم تدفع لها أجرها لسنة كاملة تقريباً. يزعم التقرير أن  «تي» قفزت هاربة من نافذة في الطابق الثاني، ما ألحق الأذى بساقها.وادعت وفق التقرير، أنه في محاولة واضحة لتجنب دفع الأجر المستحق والغرامة المترتبة على عدم تجديد إقامتها لشهرين، من قبل العائلة التي خدمتها، فإن جهة التوظيف رفعت قضية ضدها متهمة إياها بالسرقة. تقول وفق التقرير، إنها تسعى الآن لتعويض من المحكمة، وتلاقي دعم سفارة بلادها.

مسؤول ملف العمالة الوافدة في المركز الوطني لحقوق الإنسان عاطف المجالي، أقر بوجود تجاوزات في هذا المجال، مشيرا إلى أن المركز الوطني لحقوق الانسان رفع توصياته الى وزارة العمل للنظر في هذا الموضوع.

أضاف المجالي «المركز الوطني نوه بوجود تجاوزات مذكورة في التقارير التي أصدرها المركز مؤخرا، منها عدم حصول العاملات الوافدات على تأمين صحي، أو عدم دفع الأجور المتفق عليها في العقد، فضلاً عن تعرضهن للعنف اللفظي والجسدي واحتجاز جوازات السفر ووثائقهم الخاصة بهم» . وأوضح المجالي أن المركز رفع عام 2007 توصيات لوزارة العمل ،منها الموافقة على إدخال العاملات في المنازل ضمن أحكام قانون العمل ووضع أنظمة تكفل حقوقهم».

وأشار التقرير إلى أن نحو 40 ألف خادمة من جنوب وجنوب شرقي آسيا 40 مسجلات في وزارة العمل ، فضلاً عن وجود أكثر من 30 ألف منهن، يزعم بأنهن من دون وثائق صحيحة.وادعى أن إساءة معاملة الخادمات الوافدات في الأردن، تنتشر على نطاق واسع، إذ يدفع للعديد منهن أجور ضئيلة، أو أنهن لا يتلقين أجوراً على الإطلاق وأحيانا لعدة سنوات.

وقالت السلطات وفقاً للتقرير إنها «ملتزمة بتحسين وضع العمالة الأجنبية، وقد طرحت بعض الإصلاحات المشجعة المتعلقة بالعمالة الوافدة في المناطق الصناعية، وهي قيد صياغة تشريع قد يوفر حماية أكبر لحقوق المستخدمات».

وطالبت منظمة العفو الأردن أن تضمن التعديلات التشريعية حقوق العاملات، تمشياً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبخاصة تنفيذ توصية لجنة الأمم المتحدة لإزالة التمييز ضد النساء، والتي عدلها قانون العمل لتشملها، وتخصيص مأوى تموله الحكومة للخادمات اللواتي يهربن بسبب إساءة المعاملة والاستغلال، كما يدعي، مطالبة بتحسين ظروف مراقبة العمل «التفتيش» ومكاتب الاستقدام، لضمان تنفيذ عقود العمل وضمان أن كافة ممثلي مكاتب الاستقدام والكفلاء سيمثلون أمام القضاء في محاكمتهم، عند ارتكاب أي جرم بحق عاملات المنازل.

كما طالبت المنظمة بتطوير آليات أسرع وأكثر كفاءة ،لوقف اعتقال الخادمات أو منعهن من مغادرة الأردن، بسبب إخفاق مكاتب الاستقدام أو الكفلاء في الحفاظ على تصاريح إقامة وعمل صالحة لهن، والتأكيد على أن كافة الخادمات الوافدات اللواتي يعتقلن، يحصلن على وصول فوري وحر لمحامٍ، لتمكين الشكاوى التي تستند الى مزاعم زائفة من استبعادها في الحال، وضمان أن المعتقلات يستطعن الخروج من الاعتقال بكفالة، كما دعت الأردن الى المصادقة على معاهدة حقوق العمال الوافدين.

الجهات المعنية والمسؤولة مدعوة لإبداء التزام أكبر تجاه هذه الفئة ،يستند الى النصوص الدستورية والقانونية ، وإلى معاهدات حقوق الإنسان التي سبق للأردن التوقيع والمصادقة عليها ، وذلك في ظل سلسلة تقارير مشابهة تدعي وجود العديد من المخالفات تجاه الخادمات في الأردن.

تقرير لمنظمة العفو: عاملات المنازل ما زلن يتعرضن للإساءة
 
30-Oct-2008
 
العدد 49