العدد 8 - بورتريه | ||||||||||||||
بين البداية في قرية منجا المادبوية عام 1945 واحتفاظه بحقيبة الداخلية في حكومة نادر الذهبي قبل أسابيع، تنقّل بين عشرات المناصب القيادية في العديد من المؤسسات الأردنية والعربية. بعض تلك المناصب مر بسلام وصفاء، وأخرى دار حولها جدل كبير، ما لبث أن انتشر بين المواطنين ووسائل الإعلام. ارتبط اسمه بالانتخابات البلدية والتشريعية رغم الانتقادات الواسعة لكيفية إدارة الحكومة السابقة لتلك الانتخابات التي تجرى مرة كل أربع سنوات. أول دخول له إلى الوزارة، كان من الباب الواسع وزيراً للعمل في حكومة عبد الرؤوف الروابدة (1999)، أولى الحكومات في عهد الملك عبد الله الثاني. من يومها تقلّب عيد الفايز بين الحقائب، حتى سماه بعض الظرفاء “الوزير المزمن”. في الحكومة الثانية مع المهندس علي أبو الراغب، بقي محتفظاً بحقيبة العمل، ثم ما لبث أن تركها ليتسلم حقيبتين معاً (وزير دولة، ووزيراً للشباب والرياضة). عندما شكّل د. معروف البخيت حكومته في العام 2005، انتقل الفايز إلى مكتبه في وزارة الداخلية، وهو المكتب الذي حُفِظ له في الحكومة اللاحقة مع نادر الذهبي. رحلة الفايز مع الألقاب والمناصب يعيدها بعضهم إلى “الدينامية والكاريزما التي يتمتع بها”. آخرون يرجعونها إلى ما يسمى “نظام الكوتا” لبعض العشائر الأردنية، خصوصاً أن الفايز ابن لعشيرة أردنية عريقة. خدم الجد مثقال الفايز إلى جانب الملك المؤسس عبد الله الأول، وحارب معه في الثورة العربية الكبرى، إضافة إلى المساهمات العديدة لهذه العشيرة في تمكين الحكم الهاشمي في البلاد. وصف بأنه الرجل القوي في حكومة البخيت. فقد أشرف على اقتراعين رغم الجدل الذي رافقهما. وكان نجماً في وسائل الإعلام المختلفة على مدار أشهر طويلة. تستهويه الألوان الجذابة، فتراه يشكّل في ملبوساته، حتى غدت الألوان المتنوعة سمة لقيافته، ليستحق بالتالي لقب “الوزير المتأنق”. ولكن تستهويه “النجومية” أكثر، ويحب أن يكون نجماً دائماً في وسائل الإعلام المختلفة. لعله ينفرد بين مسؤولي الحكومة في نيل حكم بالبراءة من الفساد عن تهمة كانت رمته بها صحيفة “صوت الشعب” التي توقفت عن الصدور، إبان خدمته مديراً لمؤسسة الموانئ الأردنية (1986 – 1990). يجمع أصدقاؤه والمقربون منه على أنه “لا يخلع أصدقاءه”. ويجمع أولئك المقربون على سجايا «أبو سُداد» الإنسانية وتسامحه. ويستذكرون قصّة مقتل والده الشيخ زعل الفايز في حادث سير، وكيف أن السائق “دخل” على أبو سداد في أول البيوت التي وجدها أمامه. وهكذا لم يسجن ذلك السائق ولو للحظة واحدة، بل حضر مراسم دفن الشيخ زعل، وهي الحادثة التي ربما تشكل سابقة في العُرف العشائري في الأردن. سياسياً، لا يتفق مراقبون سياسيون مع مؤيديه. إذ يرون بأنه “يكاد يكون عرفياً، وإيمانه غير راسخ بالديمقراطية وبالأحزاب”. ويستشهد أولئك بالانتخابات البلدية التي وصفها تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان بأنها اشتملت على العديد من التجاوزات، مثل “التدخل السافر في مسار الانتخابات لصالح مرشحين معينين”، و”استغلال منتسبي القوات المسلحة في تصويت (أمّي) لترجيح كفة مرشحين على غيرهم”، و”غياب العدالة في التعامل مع بعض المرشحين”. كذلك يستذكرون إدلاء الشخص بصوته لأكثر من مرة، وشطب أسماء من جداول الناخبين رغم أن دفاتر العائلة الخاصة بهم كانت مختومة، وقيام أطفال دون السن القانوني بالإدلاء بأصواتهم. ورغم تلك الانتقادات الحادة التي حملها تقرير شبه رسمي، وانتقادات أخرى كثيرة من شخصيات سياسية معتبرة ووسائل إعلام محلية وعربية، إلا أن الفايز الذي أشرف على الانتخابات البلدية أواخر تموز/يوليو، جاء هو نفسه ليشرف على الانتخابات النيابية في العشرين من تشرين الثاني، رغم توقع كثيرين بتغيير حكومي، في أعقاب الانتخابات الأولى، أو تعديل وزاري على أقل تقدير. “النيابية”، وبحسب مراقبين، جاءت نسخة عن “البلدية”، ولكن بصورة أوضح. فعمليات شراء الذمم (الأصوات) كانت تدور علناً في أروقة المنتخبين، وعمليات (السمسرة) كانت تجري أمام سمع الجهات الحكومية وبصرها، رغم الحالات القليلة التي رصدتها الجهات الأمنية ما عده متابعون “عملية ذرّ رماد في العيون، فالحالات المضبوطة لا تساوي شيئاً من حجم الظاهرة”. عملية نقل أصوات المقترعين من دائرة إلى أخرى، أعادها متابعون إلى “تسهيلات لدعم بعض المرشحين على حساب آخرين”. أما تحفظات المرشحين الإسلاميين وانتقاداتهم، فلم تلقَ آذانا صاغية من الحكومة التي أرادت التأكيد بأن “الزحف الإسلامي في الشارع الأردني توقف مرة واحدة وإلى الأبد”، بحسب أحد الإسلاميين. الفايز الذي جاء وزيراً أساسياً في الحكومة الجديدة، يقول عنه مراقبون إنه “ليس ضمن فريق الليبراليين الجدد، ولكنه جاء ضمن التشكيلة الجديدة بسبب عدم إيمانه بالديمقراطية والتمثيل النسبي والحزبي، شأنه في ذلك شأن بعض أعضاء الطاقم الليبرالي الجديد”. مقولة ربما تكون مجافية للصواب، ولكن الثابت أن وزير الداخلية يتمتع بكاريزما قوية، أهّلته لشغل هذا المنصب على مدار زهاء ثلاث سنوات. كما أنه ليس ببعيد عن المناصب الحكومية، وهو الذي اختبر أكثر من عشرين منصباً قيادياً مؤثراً، ساهم فيها بصناعة القرار المحلي والتوجهات المرحلية. |
|
|||||||||||||