العدد 48 - أردني | ||||||||||||||
نور العمد في كل سنة، ومع اقتراب موسم الحج، يشهد مكتب وزير الأوقاف والمقدسات الإسلامية ازدحاماً بنواب يطالبون بتوفير أكبر عدد من تأشيرات الحج التي خُصصت لهم بنظام «كوتا» دون غيرهم من المواطنين الذين يدفعون بدل هذه التأشيرات من أموالهم الخاصة. إضافة إلى التأشيرات، هناك امتيازات كثيرة يحصل النواب عليها. فأعضاء المجلس الحالي يتمتعون بالإعفاء الجمركي على سياراتهم، وبرواتب عالية تصل إلى 2000 دينار فأكثر للنائب الواحد، فضلاً عن رحلات السفر والمؤتمرات التي قد لا تتعدى أهمية المشاركة في بعضها سوى إثبات التواجد المحلي فيها، على حد تعبير نائب فضّل عدم نشر اسمه. فقد تسربت أنباء من مكتب وزير الأوقاف حول تقليص عدد تأشيرات الحج الممنوحة للنواب هذا العام إلى اثنتين (للنائب من المسلمين وزوجته فقط)، دون منح أي تأشيرات لأقارب النواب وأصدقائهم كما جرت العادة في الأعوام السابقة، الأمر الذي أثار حفيظة عدد من النواب، بل إن بعضهم وجّه انتقادات إلى وزير الأوقاف في إحدى جلسات المجلس الأسبوع الماضي. وزير الأوقاف عبد الفتاح صلاح، نفى وجود هجوم عليه من جانب النواب، وأكد لـ"ے" أن تأشيرات الحج تعطى لمن انطبقت عليهم الشروط التي حددتها الوزارة للحصول على التأشيرة، وهم مواليد العام 1943. لكن مصادر نيابية مطلعة أكدت حصول النواب على «كوتا» للحج، بواقع خمس تأشيرات لكل نائب. وكشفت أنه يتعين على النائب تقديم أسماء خمسة أشخاص لوزارة الشؤون البرلمانية التي سترفعها بدورها لوزارة الأوقاف لجهة تأمين رعاية هؤلاء الأشخاص ووضعهم تحت إشرافها خلال موسم الحج المقبل. المصادر نفسها، أكدت أن الاتفاق نصَّ على تحمُّل الشخص الوارد ضمن الأسماء الخمسة دفع تكاليف الحج وفق الأسعار الدارجة. وزير الأوقاف رفض الرد على ما كشفته هذه المصادر، واستغرب من عدم ذكر الاسم الصريح لهذه المصادر. وتساءل: «لماذا الخوف من إعلان الاسم إذا كانت المعلومات صحيحة؟». الكاتب سميح المعايطة، في مقالة عنونها بـ»مِنح وامتيازات للنواب» نشرها في «الغد»، قال: «في كل موسم حج هنالك مواطنون لا تشملهم الأسس، لديهم ظروف صحية أو اجتماعية يفترض أن يتم البحث في طلباتهم عبر لجان محايدة تدرس وتقيّم ظروفهم الصحية والإنسانية والاجتماعية، لكن منح النائب حق ترشيح خمسة أشخاص فيه ظلم لآخرين ليسوا من أنصار النائب أو أقاربه». من الامتيازات التي تضاف إلى ميزان امتيازات النواب وبمباركة حكومية، تقديم النواب معاملات للحصول على إعفاء جمركي على سيارات تصل سعتها إلى 3750 سي سي، حيث سيحظى النواب بإعفاء جمركي كامل بنسبة 100 بالمئة للنواب الجدد، فيما سيحظى النواب القدامى بإعفاء جمركي تصل نسبته إلى 50 بالمئة، لكونهم مُنحوا إعفاءات جمركية سابقة على سياراتهم. حصول النواب على امتيازات بأشكالها المتعددة تجاوزٌ على القانون، بحسب ما يرى الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان، الذي اعتبر أن ما يجري في المجالس النيابية «يتم بغطاء حكومي»، ويرى أن الطرفين «متورطان في مخالفة شنيعة للقانون والدستور». الخيطان يقول إن «الأردنيين أمام القانون سواسية». الخيطان استذكر قيام حكومة سابقة بتقديم رشوات مالية لأعضاء مجلس نيابي على شكل شيكات بآلاف الدنانير لتوزيعها على قواعدهم الانتخابية. تعكس آراء المعايطة والخيطان غضب المزاج الشعبي العام، وتنقل رأي الشارع إلى الإعلام. إذ ينظر الشارع الأردني إلى تصرفات النواب باستياء شديد، وفق الخيطان الذي يشير إلى أن هذا الاستياء تترجمه باستمرار استطلاعات الرأي العام التي تكشف تدني شعبية النواب وتراجع الثقة بأدائهم. «المواطن أصبح يثق بالحكومة أكثر من ممثليه في المجلس. نحن أمام أزمة ثقة شديدة وعميقة بين النواب وممثليهم، بسبب حرص النواب على تغليب مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة». النائب بسام حدادين، أكد أن هناك عدداً من النواب طالبوا بالحصول على تأشيرات حج، بوصف ذلك عرفاً نيابياً سابقاً. «ليست هذه المرة الأولى التي يحصل فيها النواب على تأشيرة حج، لكنني لا أعتبر ذلك حقاً لهم. إنه محاباة للنواب لا أكثر». حدادين في الوقت الذي رفض فيه فكرة منْح تأشيرات حج للنواب، أكد أهمية «توفير حياة كريمة للنائب كي يكون لديه قدرة على القيام بدوره التشريعي»، واشترط أن «تتوافر للنائب استقلالية مالية بعيداً عن السلطة التنفيذية». حدادين دعا إلى إعادة النظر في الامتيازات الممنوحة للنواب.»لستُ مع الامتيازات، ولكنني مع الحقوق الموضوعية، أي أن يحصل النواب على حقوقهم لتساعدهم على أداء مهامهم». النائب أحمد البشابشة، رفض رفضا قاطعا فكرة منح أي تأشيرة للنواب لأداء فريضة الحج، وزاد متسائلاً: «إذا أراد النائب الحجَّ لما لا يفعل ذلك على حسابه الخاص». إلا أنه أيّد بشدة حصول النواب على امتيازات مثلهم كمثل أي موظف في الدولة. وتساءل: «ما هو الغلط في حصول النائب على امتيازات كما هو معمول به في عديد من الدول؟!». أضاف البشابشة: «مثلاً، من حق النواب السفر للاطلاع على تجارب الآخرين ونقل الخبرات. سفر النائب مكسب للأردن، لأننا نحصل على مساعدات من الدول الغنية خلال سفرنا. أما بالنسبة لرواتبنا، فراتب أي مدير عام يفوق راتب النائب بمرتين. والراتب الذي نحصل عليه لا يكفي لبنزين سيارة ولا تكاليف معيشة الأسرة المتوسطة. لماذا فقط يُنظر إلى النواب على ما يحصلون عليه، ويكون ذلك مثار نقاش، ولا يُنظر إلى الوزراء والمدراء العاملين في القطاع العام». النواب الإسلاميون في مجلس النواب اعتادوا الذهاب إلى الحج في غالبية الأعوام، مستفيدين من التأشيرات التي تقدمها وزارة الأوقاف. في اجتماع حضره المراقب العام للجماعة همام سعيد، الثلاثاء الفائت (21-10-2008)، اتخذ المجلس التنفيذي لشورى جماعة الإخوان المسلمين، قراراً يقضي بضرورة رفض نواب الجبهة للإعفاءات الجمركية الممنوحة من الحكومة على سيارات أعضاء البرلمان. المجلس برر رفضه هذا، بحسب موقع «عمون» الذي نشر الخبر، بسبب تأثير هذه الإعفاءات على خزينة الدولة، إلى جانب رفض تخصيص الحكومة خمس تأشيرات حج لكل نائب من نواب الجبهة، استناداً لمبدأ تكافؤ الفرص وضرورة تحقيق العدالة في توزيع تأشيرات الحج. «عمون» أشار إلى اختلاف نواب الجبهة الستة حول هذا القرار، فبينما أيده النواب القدامى أبدى النواب الجدد استياءهم منه. فالنواب الإسلاميون في المجلس الرابع عشر حصلوا على مثل هذه التسهيلات في السابق، وهم الآن يؤيدون رفضها. في الوقت الذي يرى فيه نواب في هذه الامتيازات حقاً لهم، يرى مواطنون غير ذلك. فهذه الامتيازات «قد تُستخدم وسيلة للمحاباة، أو الضغط على المجلس من جانب الحكومة». |
|
|||||||||||||