العدد 48 - أردني | ||||||||||||||
نهاد الجريري "الفقير ليس له علاقات تجارية ومالية كبيرة يستفتي فيها!" هذا ما يلحظه أحمد حوى، الذي يقدم برنامجا للفتاوى على إذاعة حياة يجيب فيها على أسئلة يستفتيه فيها المستمعون، فالناس تسأل بحسب أوضاعها وأحوالها، كما يقول. أحمد شحروري، أستاذ الفقه في كلية الحقوق بجامعة الزيتونة وإمام مسجدها، يتفق مع هذا الطرح، ويقول: "الفقير يسأل على قده، والغني يسأل على قده!" فقد لاحظ شحروري أن العلاقات الأسرية وأولويات الزوج والزوجة وتربية الأطفال، هي أكثر ما يستفتي فيه الأغنياء، أما المسائل الاقتصادية والسياسية، فلا تتعدى 10% ممّا يُسأل فيه الرجل. ويشرح شحروري أن "معاناة الغني مع الزوجة والأولاد أكبر بكثير من معاناة الفقير،" على اعتبار أن رغد العيش والاستقلال المادي كثيرا ما يدفع الأبناء الأغنياء للخروج عن طوع آبائهم. لكنه يلفت إلى أمر آخر يتعلق بالفتوى من حيث الوضع الاقتصادي للسائل؛ فهذا الأمر لا يتعلق بموضوع الفتوى بقدر ما يتعلق بالفتوى نفسها. بمعنى أن المفتي قد يتجاوز البت في الأمور الخلافية فقط بما يُسهّل على الناس بحسب أحوالهم وأوضاعهم. الاختلاف بين فتاوى الفقراء وفتاوى الأغنياء ليس جديدا، فقد عُرف عن الإمام مالك بن أنس أنه كان يُلقب بـ"إمام البدو"، فقد عرف عنه التساهل في فتاواه التي كان يقدمها لأهل البادية، ليس لبدواتهم، بل مراعاة لظروف عيشهم التي تتسم بقلة الماء لديهم، فهو كان يراعي ذلك لديهم في أمور تتعلق مثلا بالاحتراز من النجاسة. بالمنطق نفسه، يعتبر شحروري أنه لا يجوز له، كخطيب، أن يتحدث عن إخراج الزكاة من الذهب والفضة، إذا كان يخطب في مسجد بقرية نائية. وفي الإطار نفسه، قال مفت شاب حاصل على شهادة الماجستير في أصول الفقه للسجل، إنه استفتي من جانب رجل غني في إخراج زكاة لابن ابنه، فأفتى له بعدم جواز ذلك، على أساس أن الرجل الذي يملك أموالا "لا تأكلها النيران"، كما قال. فهو رأى أنه يتعيّن عليه أن يعيل حفيده، وهو في الوقت نفسه قادر على إخراج الزكاة لغير حفيده؛ وقد برر فتواه بتفضيله أن "ينتفع من زكاته فقير"، بدلا من حفيده المقتدر. ويسترسل المُفتي الشاب قائلا إنه لو سأله فقير في المسألة ذاتها لأفتى له بجواز ذلك، نظراً لوضعه الاقتصادي. وشدد على أن مثل هذه المسائل خلافية وتحتمل أكثر من وجه. |
|
|||||||||||||