العدد 8 - أردني
 

يقر وزير التنمية السياسية كمال ناصر بشيوع “لبس” حيال التنمية السياسية بشكل عام، لكنه يرفض الاتهامات بتراجع الإصلاح السياسي في الخطاب الرسمي.

ويثور جدال حالياً حول مآل التنمية السياسية، في ظل تعالي انتقادات سياسيين وحزبيين ونقابيين لدور الوزارة.

يرفض ناصر مقولة تراجع الإصلاح السياسي في الخطاب الرسمي، “الإصلاح السياسي ليس مجرد قرار حكومي، وإنما هو تعبير عن تطور المجتمع بحيث يتصف إقراره بالمشاركة ويتصف المجتمع ذاته بالديمقراطية” .لكن حزبيين ونقابيين يرون أن الوزارة منذ إنشائها قبل أربع سنوات، “لم تقدم شيئاً لعملية الإصلاح السياسي ولم تسهم مبادراتها والحوارت التي أجرتها في إحداث تنمية حقيقية”.

“إنني أفهم تماماً نظرة التشكك والريبة بسبب بعض التراكمات السابقة” . يستدرك ناصر الذي جاء من خلفية حزبية ومن رحم النقابات المهنية قائلاً: لكن في هذا الخصوص، أرجو أن أؤكد أن جلالة الملك يقود مسيرة التنمية والإصلاح والحداثة في إطار من العدالة والمساواة والنزاهة ، وقد ورد صراحة في كتاب التكليف السامي وخطاب العرش السامي التأكيد على التنمية والأحزاب والإصلاح“.

وبرأي ناصر، فإن أهم التحديات التي واجهت وتواجه التنمية السياسية: “عدم ثقة المواطن بدوره وبالمؤسسات القائمة، وبدوره في المشاركة في الحياة العامة، احجام المواطنين عن المشاركة في العمل السياسي، تداخل وتشابك الأدوار في عمل مؤسسات المجتمع المدني، عدم توظيف مفاهيم الثقافة الديمقراطية، وانعكاساتها التي تعيق من مشاركة المرأة والشباب في الحياة العامة، وعدم استثمار وتوظيف امكانيات وطاقات الشباب للمشاركة في التنمية الشاملة والمستدامة”.

ويرفض الوزير الاتهام بغياب مفهوم واضح للتنمية السياسية، وبجدية الوزارة في إحداث تلك التنمية.

“نحن جادون في مشروع التنمية السياسية ومستعدون لمحاورة الجميع” يجادل ناصر قائلاً: إن الوزارة قامت باشتقاق تعريف للتنمية السياسية، استلهاماً من الرؤية الملكية السامية التي وردت في كتب التكليف السامي ، وجاءت منسجمة مع الحقائق السياسية الأردنية، وهو: “تحديث وبناء وتعزيز علاقة الدولة بالمجتمع في إطار الشراكة الاستراتيجية بين مؤسسات الدولة و فئات المجتمع وفعالياتة كافة، وصولاً الى تعزيز مشاركة المواطن في صنع القرار وبناء ثقافة ديمقراطية ركائزها المساواة والعدالة والنزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون وإرساء الأردن كنموذج لمجتمع مدني معاصر متسامح منفتح ومتماسك ومشارك في الحياة العامة”.

ويعيب ناصر على بعض منتقدي عمل الوزارة بأنهم ما زالوا أسرى الماضي، يلقون الاتهامات جزافاً: “لا يجوز أن نبقى نعيش الماضي وثقافته ، وأن نتخذ مما حدث ذريعة للتشكيك والريبة، وأن تناط الثقة أو الريبة في التشريع وسيادة القانون” .

وبحسب ناصر فإن الخطوات المطلوبة لإحداث تنمية سياسية تنحصر في: إرساء قواعد الديمقراطية، مشاركة فاعلة للمرأة في جميع الميادين، وتعزيز دورها في الأحزاب، ومشاركة فاعلة للشباب في عملية التطوير السياسي والاجتماعي والاقتصادي من خلال تنمية روح الانتماء الوطني، واحترام الرأي والرأي الآخر، وتعميق روح الحوار، واحترام الحريات والمساواة والشفافية وتكافؤ الفرص، وترسيخ مبادئ الكرامة والنخوة والانتصار للحق والتكافل التي هي من أهم مزايا الشخصية الوطنية الأردنية، واعداد قاعدة بيانات (سياسية ، مؤسسات مجتمع مدني) موثقة تخدم مؤسسات المجتمع المدني ، التخطيط السليم والموجه في مجال التنمية السياسية.

ومن صلب عمل الوزارة في عهده، على اعتبار أن لكل “وزير” طريقته:

المتابعة والتقييم لكافة الشؤون السياسية والحزبية على الساحة الأردنية بإجراء الدراسات الهادفة واصدار التقارير الدورية، والتفاعل والتواصل مع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني بما يعزز المسيرة الديمقراطية والتنموية في الأردن بالحوار الهادف. المساهمة في عملية التوعية والتثقيف المجتمعي بالحقوق الأساسية والدستورية للمواطنين وتبديد المخاوف لدى فئات المجتمع من الانخراط في العمل الحزبي ، وتعزيز مشاركة مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والأغلبية الصامتة في صنع القرار الوطني بتحقيق الممارسة الديمقراطية والانخراط في الانتخابات بكل أشكالها، وبناء الثقة وتظهير الاجماع الوطني على الثوابت الأردنية (الدستور، النظام السياسي، الخيار الوطني)، وتشجيع الأفراد على الانتساب للأحزاب لممارسة دورهم السياسي والتفريق بين دور ومهام الأحزاب وباقي مؤسسات المجتمع المدني ، الدفع باتجاه بناء الأحزاب ذات الاتجاهات الفكرية وبرامجية وقاعدة جماهيرية واسعة قادرة على المساهمة في الحياة السياسية.

تجذير ثقافة الديمقراطية

ولأن المواطن والثقافة الديمقراطية هدف التنمية السياسية، يركز ناصر عليهما “إن تجذير ثقافة الديمقراطية هو أمر بالغ الأهمية، وهذه الثقافة تستدعي حتماً كسب ثقة المواطن بدوره وتأثيره، وإعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة وبالنخبة وبالأحزاب“.

ولكن الأهم، بحسب ناصر أيضاً، تبيان مصداقية الدعوة الى الديمقراطية بإرساء مبادئ الحرية والعدالة والمساواة. ويتعين لتحقيق ذلك ، التواصل مع المواطنين في أنحاء المملكة كافة بصورة مباشرة أو غير مباشرة. فضلاً عن متابعة هذه الاتصالات بعدة وسائل من بينها هيئات محلية تنموية ومؤتمرات في المحافظات بالإضافة الى مؤتمرات سنوية أو نصف سنوية في عمان تتسم بالشمولية والتخطيط السليم.

قانون الأحزاب المعدل لقانون 1992، الذي ساهمت الوزارة في صياغته، يثير جدالاً واسعاً أيضاً، إذ يرى حزبيون أنه يعوق تنمية الحياة السياسية في بلد سجل فيه 33 تنظيماً سياسياً “باهتا” خلال العقدين الماضيين. كما أن نظام تمويلها الذي نص عليه القانون، ما زال عرضة للتساؤلات.

“ليس مهماً من يصدر باسمه نظام تمويل الأحزاب” ، يقول ناصر” المهم أن يصدر هذا النظام، فالأحزاب مؤسسات وطنية دستورية، ويتعين تقوية هذه الأحزاب بما من شأنه تعميق برنامجها وتعزيز شراكتها في الثقافة الديمقراطية” .

ويشير ناصر إلى أن “ تمويل الأحزاب لا ينال من استقلاليتها أو قرارها وإنما يجسد دورها الوطني. وبطبيعة الحال، فإن التمويل سيصدر بنظام وفقاً لما هو منصوص عليه في قانون الأحزاب” .

ويبشر بأن الوزارة تعكف حالياً “على دراسة تجارب ومشاريع وأفكار بهذا الخصوص، وسوف يتم مناقشة ذلك مع الأحزاب ومع جهات أخرى . ولا يعتبر الوزير التشريعات “تابوهات” يحظر الاقتراب منها، مؤكداً أنه يجب أن تتصف بالدينامية، نظراً لأن تطور المجتمع وتشعب العلاقات، ونمو الحاجات يستدعي دائماً وضع التشريع المناسب. “التشريع يجسد المراحل أو المصالح، ويجب أن يلبي الحاجات والتطور، إذ إن التشريع كائن حي يعكس صورة المجتمع وتطوره .

تلبية لهذا التطور، فإنه لا بد من مراجعة التشريعات، وبشكل أخص، تلك المتصلة بحرية المواطن وعلاقته بالمؤسسات السياسية للدولة، وقانون الانتخاب، وقانون الاجتماعات العامة، ومنع الجرائم هي من أهم التشريعات التي يمكن مناقشتها . يضيف ناصر.

ورغم جميع النوايا الطيبة بقي قانون الانتخاب في أدراج مجلس النواب، ولم تجر مناقشته خلافاً لتوقعات وزراء تنمية سياسية سابقين. لكن ناصر يؤكد “أن الوزارة سوف تعمل على سن تشريعات الإصلاح والتنمية، بالإضافة الى تلك التي تم سنها“.

كمال ناصر يدعو لمراجعة التشريعات ذات الصلة بالحريات – خالد أبو الخير
 
03-Jan-2008
 
العدد 8