العدد 48 - استهلاكي | ||||||||||||||
ينتظر المواطنون انخفاض أسعار المواد الغذائية بلهفة، بعد أن دأبت وسائل إعلام على التصريح بأن الأسعار ستهبط محلياً، نتيجة تقلبات الأسعار العالمية. بدءاً بالسكّر والأرز، مروراً بالحليب والزيت والمعلبات، وإنتهاءً بسائر المواد الغذائية الأخرى، عانى المواطنون من ارتفاعات متتالية في الأسعار وصل معها التضخم إلى مستويات قياسية كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية عاملاً رئيسياً فيها، فيما أكد تجار وممثلوهم في جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني عدة، أن لا علاقة لهم بارتفاع الأسعار، وأنهم متضررون من هذه الارتفاعات التي أدت إلى انخفاض حاد في مبيعاتهم، حيث رافقها انخفاض في القدرة الشرائية للمواطنين، وتقنين في الاستهلاك. محمد العيسوي، موظف في شركة بالقطاع الخاص، يقول: إن على التجار عكس الانخفاضات في الأسعار العالمية مباشرة على الأسعار المحلية، حفاظا على صدقيتهم. يضيف: «أتمنى أن يخفض التجار الأسعار، وأن يكونوا أكثر مصداقية من الحكومة التي تراجعت مصداقيتها في مسألة تخفيض أسعار المشتقات النفطية. لقد عانينا كثيراً العام الماضي». الارتفاعات المتتالية في الأسعار كان لها أثر سلبي في حياة الأردنيين القلقين أصلاً من اقتراب الموسم الشتوي، بعد أن مر شهر رمضان عليهم وهم يعانون من ثقل مصروفاتهم ومتطلباتهم على دخولهم المتآكلة. وقالت منظمة الغذاء العالمية (الفاو): إن مؤشر أسعار الغذاء هبط 6 بالمئة إلى 188 نقطة في أيلول/ سبتمبر الماضي، وبشكل يقل عن معدله في الشهور التسعة الماضية. مؤشر المنظمة ارتفع بإطراد منذ أوائل 2006، وارتفع إلى 219 نقطة في حزيران/يونيو من العام الحالي. مدير عام المنظمة جاك ضيوف، قال: إن حصاد الحبوب القياسيّ المتوقع، وفق أحدث إصدارٍ من تقرير المنظمة «آفاق المحاصيل وحالة الأغذية»، أورد تنبؤات بارتفاع إنتاج العام 2008 بما يبلغ 4.9 في المئة، إلى رقم قياسي مقداره 2232 مليون طن. نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، أشار إلى أن الانخفاض الذي شهدته بعض المواد والسلع الغذائية منذ أسبوعين يعود لعوامل عدة، منها انخفاض اليورو أمام الدولار، واستفادة القطاع من هذا الانخفاض وانعكاسه على أسعار بعض السلع، كما قامت شركات عالمية بتخفيض أسعار منتجاتها، مثل الأرز التايلندي وبعض أنواع الزيوت النباتية كالنخيل والصويا وبعض أنواع البقوليات مثل الفول، والعدس، مما انعكس تلقائياً على أسعار هذه السلع محلياً. الحاج حسن أشار إلى أن كثيراً من المواد الغذائية لم تشهد انخفاضا في أسعارها عالمياً، وفي دول المنشأ، بخاصة الأرز الأميركي، والحليب المجفف، واللحوم المبردة، واللحوم المجمدة، والدواجن المجمدة، وبعض أنواع من البقوليات، حيث أنها ما زالت تحافظ على المستويات السعرية نفسها عالمياً ومحلياً. وشدّد النقيب على رغبة أصحاب الصناعات الغذائية المحلية تخفيض أسعار منتجاتهم تجاوباً مع تخفيض أسعار الوقود الصناعي وانخفاض النفط وكلف الإنتاج، بخاصة أن هنالك توجهاً من التجار عموما لتخفيض الأسعار إثر استيراد كميات ضخمة من السلع الاستهلاكية والسعي لتسويقها في أجواء من المنافسة القوية. لكنه استدرك بقوله: إن تجار التجزئة لم يتمكنوا بعد من عكس الانخفاض على أسعار مبيعاتهم، وذلك لرغبتهم ببيع ما اشتروه سابقاً من مواد غذائية من دون خسارة. أحد أصحاب البقالات في خلدا قال: إنه لاحظ أن سعر الزيت النباتي انخفض، لكنه لم يبع بعد ما كان اشتراه من زيت تحضيراً لرمضان، الشهر الذي انخفضت فيه مبيعاته بحدة، مقارنة بالشهر نفسه في السنوات السابقة. وقال: إن خسارته قد تصل إلى نصف دينار في كل عبوة 2 لتر إذا باع "على السعر الجديد"، وهذا ما لن يقوم به. ممثل الصناعات الغذائية في غرفة صناعة الأردن محمد العبداللات، قال في تصريحات صحفية إن الآثار الايجابية لانخفاض أسعار الوقود الصناعي ستظهر بصورة فورية في مدة زمنية لا تتجاوز الأسبوع. وأضاف في مقابلة مع صحيفة "الرأي" أن الصناعات الغذائية المصنعة محلياً تشكل جزءاً كبيراً من إجمالي المواد الغذائية في السوق، وغالباً ما تتميز الصناعات الغذائية بسرعة الدوران ما بين فترة الإنتاج والاستهلاك، بمعنى أنها تستهلك عادة ضمن معدل زمني قصير نسبياً بعد تاريخ الإنتاج، وبالتالي، فإن أي تغيير على كلف الإنتاج تظهر آثاره سريعاً على قيمة المنتج. وأكد العبداللات أن الصناعات الغذائية المحلية تأمل أن تقوم الحكومة بتخفيض أسعار الوقود الصناعي بنسب أعلى من الحالية، كي تكتمل حلقة الإنتاج بين مستوردات المواد الخام الأولية والمنتج النهائي في السوق المحلية، بخاصة ما يتعلق بالسعر النهائي. التصريحات الحكومية كالعادة أكدت أن الحكومة في "مقعد السائق"، وأنها تراقب الأسواق بشكل دقيق. وزير الصناعة والتجارة عامر الحديدي أكد أن الوزارة ترصد يومياً التغير في أسعار المواد الغذائية، بخاصة الأساسية منها، في الأسواق العالمية، وحركة التغيرات التي تحدث في السوق المحلية، سواء المستوردة أو المصنعة محلياً. الحديدي شدد على ضرورة أن ينعكس أي تراجع في أسعار المواد الغذائية في بلاد المنشأ على أسعار المواد الغذائية محلياً، وتوفيرها بأسعار مناسبة، والحفاظ على المخزون الاستراتيجي من هذه المواد لدى المملكة. وقال في تصريحات نقلتها "بترا": "المرحلة القادمة ستشهد مزيداً من التعاون بين الوزارة ونقابة تجار المواد الغذائية، والعمل كفريق واحد للتخفيف عن المواطنين وزيادة قدرتهم الشرائية لخفض معدل التضخم وتقليل التفاوت في الأسعار بين محلات التجزئة". يذكر أن مستوردات الأردن من الأغذية بلغت حوالي 3249 ألف طن خلال العام 2006، فيما بلغت الصادرات 807 آلاف طن في العام نفسه. لكن المحلل الاقتصادي إبراهيم سيف قال: إن هناك مهمتين رئيسيتين تقعان على عاتق الحكومة: «الأولى تتعلق بكيفية تعزيز الرقابة ومرصد الأسعار حتى ينعكس الجانب الإيجابي من هذه الأزمة على سلة استهلاك المواطن اليومية... والمهمة الثانية، أنه في ظل انحسار الأسعار عالمياً، فإن اتباع أساليب التحوط وشراء حقوق للحصول على بعض السلع وفقاً للأسعار السائدة في السوق العالمية حالياً من شأنها التسهيل على وزارة المالية في التخطيط سواء للعام الحالي أو للعام المالي المقبل الذي أُقر إطاره المالي». وأضاف: «ربما نتقبل على مضض فكرة أن الأردن مستورد صافٍ، لكن هناك مجال للتحوط والتخطيط المالي، تساعد في تقليل الذبذبات وتجعل من الانفتاح على الاقتصاد العالمي مسألة حمالة لوجوه عدة، فهل تسهم الأزمة المالية في تخفيف الضغوط التضخمية، ويصبح التخوف من الركود وليس من التضخم؟ هذا ما يحدث عالمياً، فكيف ستكون الاستجابة المرهونة بقرارات وتخطيط حكومي؟». |
|
|||||||||||||