العدد 48 - اعلامي
 

بدت الصحف اليومية وكأنها بوجود قانون دائم ينظم عمل المتعاملين في البورصات الأجنبية، كما فوجئت بمواد في قانون هيئة الأوراق المالية يمنح الحكومة حق الإشراف على تلك الشركات، مدعما بقرار تفسيري صادر عن ديوان تفسير القوانين.

بيد أن اليوميات لا تتحمل وزر تهافت المواطنين على التعامل مع البورصة العالمية، ويسجل لها تحذيراتها المتكررة من وهم «الربح السريع» الذي يدفع المواطن للإقدام على التعامل مع تلك الشركات.

بخلاف «اليوميات» وقعت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في مطب شركات البورصة وبدت مروجة لها، من خلال بث مقابلات مع أصحاب تلك المكاتب في برامج «يسعد صباحك» قبل نحو شهرين، وتقديم صاحب أحد المكاتب نفسه في إحدى المقابلات على أنه واحد من «فرسان التغيير» في الأردن إلى الحد الذي وصفته مقدمة البرنامج بأنه مثال «للشباب المتميز والناجح».

المعلومات الراشحة من بيت المؤسسة وعبر مصادر مطلعة تفيد أن رئيس الوزراء نادر الذهبي تدخل لوقف بث مقابلة أخرى مع صاحب شركة متعاملة في البورصة، قبل أيام من إقرار القانون المؤقت لتنظيم التعامل بالبورصات الأجنبية.

بعد أن طغت المشكلة على السطح وبدأت شركات البورصة تنهار تباعاً كـ«أحجار الديمنو» استفاقت إدارة التلفزيون وحاولت إصلاح الأمر من خلال بث تقارير وبرامج حول خطورة التعامل مع الشركات تلك.

يحمل متضررون من البورصات الأجنبية التلفزيون مسؤولية الترويج لشركات البورصة، فالمواطن يوسف إدريس، يرى أن استضافة مسؤولي شركات بورصة على شاشة التلفزيون الرسمي عزز ثقة المواطن بالشركات، وأدى إلى شيوع الاعتقاد بأن نشاطها قانوني ومرخص.

الصحفي فهد الخيطان «العرب اليوم» حمل الإعلام الرسمي مسؤولية التساهل مع تلك الشركات وذلك في مقال نشر يوم 9/9/2008، قال فيه: «أعتقد أن الإعلام الرسمي، وعلى وجه الخصوص، التلفزيون الأردني ساهم في تفاقم المشكلة».

اليوميات التي يسجل لها التحذير من التعامل في شركات البورصة قبل انهيارها يسجل عليها تهليلها للحكومة بعد قيامها بإصدار قانون مؤقت لتنظيم التعامل في البورصات الأجنبية، دون تحميل الحكومة أية مسؤولية.

لم يلفت نظر كتاب أو محللين اقتصاديين في اليوميات في أثناء تحذيرهم من خطورة التعامل في البورصة، وجود مواد في قانون هيئة الأوراق المالية يسمح للحكومة بالتدخل، وإنما ذهب سوادهم إلى دعوتها لوضع تشريعات تمنحها حق التدخل قبل تفاقم الأزمة.

وجود تلك المواد يحمل الحكومة الحالية، كما الحكومات السابقة مسؤولية ما جرى ويجري للمتعاملين في البورصة التي وصلت مضارباتهم فيها الى ما يربو عن مليار دينار.

يقول الصحفي سلامة الدرعاوي من «العرب اليوم» في متابعة حول القضية: «إن الحكومات السابقة في الأردن قصَّرت في التعامل مع هذه الظاهرة، حتى تعاظمت المشكلة وبلغت هذا الحجم». ولا يُحمّل الكاتب الحكومة أية تبعة، وإنما يسجل له تحذيره من خطورة التعامل مع مثل تلك الشركات التي لا تمتلك أية تقنيات تجعلها قادرة على التعامل في البورصة العالمية.

متضررون حمّلوا وسائل الإعلام مسؤولية ما حدث من انهيارات في الشركات التي تتعامل في البورصة العالمية، بعضهم قال إن الإعلام قصر في تحذيراته، وبعضهم الآخر ذكر أن حث الصحافة للحكومة على إصدار تشريعات تتعلق بالبورصة العالمية ساهم في انهيار الشركات.

رئيس مجلس إدارة «الرأي» الكاتب فهد الفانك رفض هذا التحليل، وكتب تعليقاً في «الرأي»، يوم 19/9/2008، قال فيه: «الحكومة حذرت، ومراقب الشركات لم يقصر، والصحافة قامت بالواجب» مستذكراً أنه نشر في «الرأي» خلال الأشهر الخمسة الأخيرة ثلاثة أعمدة تحذير صريحة صيغت بعبارات قاسية».

الكاتب جميل النمري ذهب مذهب الفانك وكتب في «الغد»، في 20/9/2008: حول الموضوع، رافضاً في الوقت عينه تحميل الإعلام المقروء مسؤولية التقصير في تحذير المواطنين بأضرار التعامل مع البورصة العالمية.

«اليوميات» بدأت بتحذير المواطنين من التعامل في البورصات قبل نحو ثمانية أشهر، فكتب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية السابق والمحلل الاقتصادي في الدستور، إبراهيم سيف، مقالة يوم 24/3/2008، وبعد ذلك تتابعت المقالات في اليوميات التي ذهبت المذهب ذاته، والتي حذرت من خطر التعامل في البورصة العالمية، من خلال أقلام فهد الفانك وعصام قضماني (الرأي)، سلامة الدرعاوي وفهد خيطان (العرب اليوم)، وخالد الزبيدي وعيسى الشعيبي (الدستور)، وجميل النمري، وجمانة غنيمات (الغد).

أدى الإعلام المقروء دوره بما يتعلق بالتحذير من خطورة التعامل مع البورصة العالمية وذلك قبل انهيار الشركات المتعاملة فيها، بيد أن الإعلام الرسمي ممثلاً بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون قد أخذ جانب الترويج مراعاة أهمية الدور الاستقصائي أو الإرشادي للمواطن، ما أدى دوراً سلبياً في دفع المواطن باتجاه تلك الشركات.

واكبت أزمة البورصات الأجنبية: يوميات فوجئت بقانون يجيز المراقبة الحكومية والتلفزيون روّج لها
 
23-Oct-2008
 
العدد 48