العدد 47 - اقتصادي
 

السجل- خاص

يعطي انخفاض أسعار النفط والسلع في الأسواق العالمية فسحة من الأمل للمستهلك الذي آن له أن يرتاح بعد صدمة ارتفاع أسعار الوقود والغذاء التى قفزت بمعدلات التضخم الى أعلى مستوى لها منذ الأزمة الاقتصادية فى العام 1989، إذ تراجعت أسعار مادتى النفط والقمح منذ أعلى صعود لهما هذا العام ما بين 30 إلى 40 بالمائة.

لكن الأمل بضبط معدلات التضخم المستورد يضيع عند معرفة أن إنفاق الحكومة زاد على 33 بالمئة منذ بداية العام ما سيقلص فرص الأردن في الاستفادة من انحسار التضخم المستورد في الوقت الذي يدعم الدولار القوي هذه الآمال لانعكاسه إيجابياً على قيمة المستوردات التي تسدد باليورو.

الإنفاق الحكومي غير المضبوط سيضعف سياسات البنك المركزي في ضبط التضخم بأدوات نقدية وسياسة مالية من أهمها إبقاء فروقات الفائدة على الدينار مقارنة بالدولار والتى ساهمت بلجم أثر التآكل فى مداخيل الشرائح الدنيا من المجتمع الأردني التي تشكل أغلبية سكانه.

وخطورة مستوى التضخم في شهر آب/أغسطس أنه قفز إلى 19.9 بالمئة، وهي نسبة تتجاوز نسبة التضخم التي حدثت إبان حرب الخليج والبالغة 16 بالمئة ويضاعف الحالة سوءاً ما يصاحبها من ملامح جمود اقتصادي بعد سنوات من التوسع في الائتمان العقاري وشراء الأسهم والإقبال على الاستثمار غير التنموي.

صندوق النقد الدولى من جانبه توقع تضخماً تراكمياً بحدود9 بالمئة كمتوسط لهذا العام مقارنة بـ 5.4 بالمائة العام الماضي شريطة ربط الأحزمة دون عودة قريبة لمستويات دون الخمسة بالمئة التي سادت حتى 2006.

إيجابيات ضبط التضخم كثيرة في بلد ذي اقتصاد محدود الموارد، تعاني المداخيل فيه من تواضعها، إذ لا يتجاوز دخل 70 بالمئة من القوى العاملة فيه مبلغ 300 دينار شهرياً، ما يسهم بانزلاق هذه الأسر إلى ما دون خط الفقر الذي يقدر حالياً بحوالي 504 دنانير سنوياً للفرد الواحد.

كما أن لتخفيض معدلات الأسعار دورا مهما في استقرار العلاقات الإنسانية، إذ يصاحب تراجع المستوى المعيشي، في كثير من الأحيان، حالات احتقان لدى الأفراد تنعكس في مشاكل اقتصادية، وانحراف الأفراد إلى اتجاهات سياسية غير مقبولة.

أيضاً يدعو استمرار تصاعد التضخم للقلق باتجاه تزايد معدلات البطالة بشكل عام بسبب ضعف مقدرة القطاعات الاقتصادية على توفير فرص عمل جديدة أو تقليص الفرص القائمة.

بالمجمل للتضخم مخاطر وسلبيات متعددة لا يمكن إنكارها، ويبقى القبول بفكرة التضخم المستورد مبرراً. أما الرضوخ للتضخم الذي تصنعه سياسات الحكومة الاتفاقية، فهي مسألة غير مستساغة، فمهمة الحكومة ضبط التضخم لا زيادته.

الإنفاق الحكومي يشعل نيران التضخم
 
16-Oct-2008
 
العدد 47