العدد 47 - اقتصادي
 

اسامة جميل

تثبت الأرقام الرسمية المتعلقة بنسب الإدخار في المملكة عجز الحكومات المتوالية، والمواطن الأردني على حد سواء، عن التوفيق بين معدلات الدخل والإنفاق لصالح الإدخار، لا سيما في ظل التغيرات العالمية.

وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، تشير أرقام البنك المركزي إلى أن حجم الاستهلاك الكلي يفوق ما يجنيه الاقتصاد الوطني طوال العام.

وتظهر الأرقام أن الادخار المحلي، وهو الناتج المحلي الإجمالي مطروحاً منه الاستهلاك الكلي، سجل نسبة سالبة مقدارها 7.3 بالمئة في العام 2005، علما بأن الادخار القومي، وهو الناتج القومي الإجمالي مطروحاً منه الاستهلاك الكلي، سجل نسبة سالبة أيضاً وبمقدار 4.1 بالمئة خلال الفترة ذاتها.

أما الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، فتظهر عجز الأسر الأردنية عن الإدخار نتيجة الفجوة الحاصلة بين متوسط دخل الأسرة السنوي ومتوسط إنفاقها.

كما تشير الاحصاءات إلى أن متوسط دخل الأسرة بلغ 6.2 الف دينار سنوياً، مقابل متوسط إنفاق بلغ 7.5 ألف دينار شهرياً، وهذا يعني أن متوسط عجز الأسرة الأردنية بلغ 1331 ديناراً سنوياً.

وتبين الإحصاءات أيضاً أن نسبة نمو إنفاق الأسر بلغت 9.5 بالمئة بين العامين 2002-2006 علما بأن نسبة نمو الدخل سجلت زيادة قدرها 3.6 بالمئة خلال الفترة ذاتها.

ويواجه العشريني طارق صلاح، «ضائقة مالية» نهاية كل شهر بعد أن تستنزف مصاريفه اليومية الاعتيادية راتبه الشهري البالغ 300 دينار.

ويقول صلاح: «ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة لا يتيح لي فرصة لادخار جزء من راتبي رغم ابتعادي عن الصرف على الكماليات».

ظاهرة الادخار السالب ليست جديدة على الاقتصاد الوطني، وهي ناتجة عن حجم الاستهلا ك الكبير، ويقويها النمط الاستهلاكي «غير العقلاني الذي عزز من فرص الغلاء المعيشي المستورد لجعل نسب الادخار سالبة».

ويشار إلى أن نسبة الادخار كانت سالبة منذ العام 2000 حيث بلغت 4.3 بالمئة وانخفضت إلى 4 بالمئة في العام الذي تلاه، لكنها عادت لتسجل نسبة موجبة في العام 2002 حين بلغت 0.9 بالمئة ثم عاودت الانخفاض بعد ذلك حتى تراجعت إلى 7.3 بالمئة في السالب في العام 2005.

سداد الفجوة الحاصلة بين الدخل والإنفاق يتم عادة من خلال مصادر مختلفة تتمثل في القروض أو بيع الأصول وحوالات العاملين الأردنيين في الخارج.

وفي إشارة إلى حجم الاقتراض الذي تمنحه البنوك في المملكة لصالح الأفراد، ارتفعت التسهيلات الائتمانية من البنوك المرخصة تحت بند «أخرى»، الذي يتمثل في غالبيته بتسهيلات أفراد، بمقدار 260.6 مليون دينار أو ما نسبته 22.4 بالمئة من إجمالي الزيادة المتحققة في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي.

أما حوالات العاملين في الخارج، فارتفعت خلال السنوات الأخيرة، بشكل ملحوظ، فيما بلغت قيمتها 820 مليون دينار خلال الثلث الأول من العام الحالي، بارتفاع بلغت نسبته 12 بالمئة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.

ويؤكد الخبير الاقتصادي مازن مرجي، أن المؤشرات الاقتصادية على مستوى الاقتصاد الكلي تبين عجزاً في الميزان التجاري ونسبة مرتفعة نسبياً للديون الخارجية، وهو الأمر الذي يثقل كاهل الحكومات ويمتص قدرتها على الإدخار.

وتنبع أهمية الادخار من كونه مصدراً لتمويل المشاريع الاستثمارية عبر رؤوس أموال محلية، ودوره في التقليل، قدر الإمكان، من الاعتماد على مصادر خارجية لدعم الاقتصاد المحلي، إضافة إلى قدرته على امتصاص آثار الصدمات المالية التي قد تواجه الأفراد.

رفع نسب الادخار متعلق بالتركيز على  مبدأ الاعتماد على الذات، لكن تطبيقه ليس بالأمر السهل على المدى القصير أو المتوسط لا سيما في ظل ارتفاع حجم النفقات الناجم عن ارتفاع معدلات التضخم.

تزايد الإنفاق يستنزف المدخرات في ظل تضخم مرتفع
 
16-Oct-2008
 
العدد 47