العدد 47 - أردني
 

محمد خريسات

آخر تطورات قضية شركات البورصات التي تشغل شريحة واسعة من المجتمع كانت في مجلس النواب، فقد كشف النواب الستار عن وجود تفسير صريح للديوان الخاص بتفسير القوانين، صدر العام 2006 يعتبر هيئة الأوراق الماليةهي المسؤولة القانونية والجهة المختصة، وصاحبة الولاية على أعمال الشركات التي تتعامل مع البورصة الأجنبية. وطالب النواب برد القانون المؤقت ومحاسبة الهيئة سياسياً لتقصيرها عن القيام بمهامها بصفتها المسؤولة عن هذه الشركات.

وتوالت ردود فعل غاضبة ومنددة بتقاعس هيئة الأوراق المالية والحكومات من النواب المستقلين القدامى، محملين إياها المسؤولية السياسية، والقانونية لحالة الفوضى التشريعية التي غيّبت الرقابة وامتصت أموال الأردنيين واحتالت عليهم.

الضرر امتد ليطال جهات لم تكن تتعامل بالبورصات، وموظفين في شركات ادعت العمل في الاستثمارات المالية، في وقت اختفى أصحابها ومدراؤها تاركين وراءهم متعاملين وموظفين وأموالاً في مهب الريح.

يذكر موظف في شركة تتعامل مع بورصات أجنبية، طالها (دومينو) أزمة التعامل بالبورصات، أن المتضررين لم ينحصروا في قطاع المضاربة بالبورصات رغم أنهم الشريحة الأكبر.

وتضم الشركة ذات المسؤولية المحدودة شركتين تعمل إحداها في تنظيم المعارض، وتأسست منذ نيسان/أبريل الماضي ويديرها شخص أرمني.

وقال الموظف إن الشركة كانت تنوي تنظيم معرض لوكالات الأعمال في الشرق الأوسط FIBE ، تشارك فيه شركات من دبي والسعودية ولبنان، إضافة الى شركات ومطاعم محلية.

وكان franchise investment bussines expo. خلال الفترة 21و23 من الشهر الجاري، لكنه ألغي بسبب ما حل بشركة درة الغانم.

وبحسب الموقع الإلكتروني للمعرض www.fibexpo.com، فإن شركات كبرى ومؤسسات رسمية كانت ترعاه وتدعمه منها مؤسسة تشجيع الاستثمار، في حين وقعت تنظيم الأحداث عقداً مع شركة عقارية كبرى من دبي بقيمة 100 ألف دينار، تقاضت منها جزءاً لإقامة حفل غداء، لمتابعة إقامة الأبراج في منطقة عبدون.

ويكشف الموظف أن جميع موظفي الشركة من مختلف الجنسيات كانوا يعملون دون عقود، الأمر الذي فرض عليهم الاختباء من تفتيش وزارة العمل، فيما كانت الأعمال تتم بصورة طبيعية، إذ ذهب مدير الشركة إلى موسكو لتلقي دورة في الإدارة، وكان وعد الموظفين بزيادات بعد الانتهاء من إقامة المعرض الإقليمي.

ويؤكد الموظف أن المدير الأرمني عند انهيار الشركة استولى على كمبيوترات وجميع أجهزة السيرفر، وذلك لضمان حقه في الشركة وابتزاز المدير العام لمجموعة الغانم، في حين طلب من مستشار تكنولوجيا المعلومات، تشغيل السيرفر في بيته بحجة عدم قدرته على تشغيل بريده الإلكتروني، حيث يتوجب عليه متابعة أعماله.

وتتوالى قصص موظفي متعاملي شركات التعامل بالبورصات الأجنبية، لتلقي الضوء على المزيد من المتضررين من مختلف الشرائح، ويتحدث موظف من مجموعة شركة أخرى، وهي إحدى شركات البورصة بالقول إن السلطات فرضت على صاحبها منع السفر لقضايا حديثة لدى تنفيذ قضائي إربد ومدعي عام عمان.

ويقول الموظف بدأ المدير العام للشركة بالتنصل من مسؤوليته، بالقول إنه لا يملك المال قائلاً: «ليفعلوا بي ما يشاؤون باستثناء المطالبة بحقوق المواطنين».

ويشير المصدر إلى امتلاك المدير شيكات بقيمة 4.2 مليون دينار لصاحب الشركة، ونيته التشارك بمحل صرافة بقيمة 300 ألف دينار وشراء عقار بربع مليون دينار، ورغم منع السفر الصادر بحقه كان قد توجه الى سورية قبل شهر رمضان، في الوقت الذي تم فيه تسجيل شكوى عليه لدى مدعي عام الكرك، وأخرى لدى مدعي عام الحصن.

ويصف المصدر القضية بـ"طاسة وضايعة"، فالإيداعات مقسمة بين مدير الشركة وصاحبها، مما سبب ضياع حقوق المواطنين، مشيراً لعدم قدرة أحد بالوصول الى صاحب الشركة سوى محاميه.

ويشير المصدر إلى أن صاحب الشركة كان ينوي سحب مبلغ 1.3 مليون دينار لإعادة الحقوق لأصحابها إلا أن محاميه رفض هذه الفكرة.

وتتضارب الروايات بحجم المبالغ التي خسرها المواطنون في البورصات الأجنبية، فيما تعلن بعض الشركات عن مواعيد لتسليم عملائها الأرباح المستحقة للفترة الحالية، في الوقت الذي بدأت فيه شركات أخرى بتصفية أعمالها وإنهاء خدمات موظفيها.

وتشير رواية موظف شركة مسؤولية محدودة ما زالت الشكوك تدور حول مصير المتعاملين معها، كون الشركة ادعت انها تعمل باستثمارات متنوعة ليس من بينها التعامل بالبورصات الأجنبية، مؤكداً أن مدير الشركة (سوري الجنسية)، أنهى تصفية أعماله ويهم بالذهاب الى مصر.

ويقول مصدر آخر بالشركة إنها توقفت عن التعامل بالبورصات لحين توفيق أوضاعها.

**

قانون البورصات الأجنبية المؤقت

يربك مجلس النواب

السّجل - خاص

تناغم لافت بين أقطاب من المجلس النيابي لرد قانون البورصات المؤقت، يدفع للبحث عن مخرج بتأجيل البحث في مصير القانون إلى جلسة خاصة لاحقة. تناغم الأقطاب لا يستند فقط، إلى موقف مبدئي من القوانين المؤقتة، أو لاعتبار أن قانون هيئة الأوراق المالية كافٍ لمعالجة قضية التعامل مع البورصات الأجنبية.

هجوم النواب الأقطاب على القانون المؤقت يحمل قدراً من منطق "الهجوم أفضل وسائل الدفاع"، فإذا كان النواب على حق بتوجيه انتقادات إلى الحكومة عن مرحلة سابقة تعاقبت فيها ثلاث حكومات، فأين كان هؤلاء النواب الذين كانوا نواباً على امتداد الفترة منذ بدايات القضية العام 2004 وحتى الآن؟!.

النائب سعد هايل السرور، كان أكثر وضوحاً، حينما أكد أن على المجلس "إعادة ثقة الناس بالمجالس النيابية بمحاسبة المقصرين". السرور لم يطالب برد القانون، معتبراً أنه "علاج مر لمشكلة مرة"، وطالب بعقد جلسة خاصة لتدارس تحديد المسؤوليات.

أقطاب آخرون وزعوا اتهامات بعضها محدد وبعضها عائم. عبد الكريم الدغمي حمّل هيئة الأوراق المالية المسؤولية، وطالب برد القانون. وقال إنه لم يطلع على قرار ديوان تفسير القوانين لسنة 2006 الذي حصر الرقابة على تلك الأعمال بهيئة الأوراق المالية والبنك المركزي، مبرراً عدم اعتراضه على إصدار قانون مؤقت عندما أخذت الحكومة رأيه بهذا الخصوص.

ممدوح العبادي أنحى باللائمة على الحكومة معتبراً أنه كان عليها "أن تتدخل منذ اليوم الأول"، وأكد أن القضية تقع مسؤوليتها على هيئة الأوراق المالية والبنك المركزي، وطالب برد القانون. العبادي قدّر بأن ما تم جمعه من المواطنين يصل إلى حوالي مليار دينار، وأبدى "كرماً وسخاء" بالتشديد على أن الحكومة "ملزمة بتعويض المواطنين كونها ملزمة دستورياً بحمايتهم".

بسام حدادين قال بلغة لا تخلو من نقد ذاتي "كيف نقبل لأنفسنا كنواب أن لا نعرف بوجود قرار لديوان تفسير القوانين حول هذه القضية في العام 2006 يحصر المراقبة والتنظيم بهيئة الأوراق المالية". حدادين شدّد على رفض القانون المؤقت وطالب برده، ورجّح أن لا يكون دافع الحكومة وراء إصدار هذا القانون حماية المواطنين وإنما حماية جهات تضررت من عمل البورصات".

النواب يعرفون أن رد القانون المؤقت لا يؤثر على سريان مفعوله. وكان ينبغي أن يحرصوا في المقام الأول على التأكد من سلامة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بخصوص هذا الملف، لتدارك الخلل إن كان هناك خلل. أما القانون المؤقت فيمكن تطويعه لسد الثغرات في قانون هيئة الأوراق المالية.

مجلس النواب على موعد مع جلسة خاصة لبحث مصير القانون المؤقت، وليس واضحاً ما إذا كانت أولوية النواب ستنصب على رد القانون أو إحالته إلى الجهة المختصة فقط، أم ستنصب على تحديد ما إذا كانت هناك مسؤوليات يتحملها أشخاص أو جهات محددة، في ما آلت إليه قضية التعامل مع البورصات الأجنبية. فقد سبق للمجلس أن بحث ملفات مهمة، دون الحرص على الوصول إلى نتائج محددة، على طريقة "قلْ كلمتك وامشِ".

حكايات وأضرار جديدة يخلفها انهيار شركات البورصات الأجنبية
 
16-Oct-2008
 
العدد 47