العدد 47 - أردني | ||||||||||||||
السّجل- خاص بتعيين "وزير الإعلام" ناصر جودة رئيسا لمجلس إدارة وكالة بترا تكون الحكومة قد أحكمت سيطرتها بالكامل على الإعلام الرسمي وذلك بعد أن سبق لها تعيين الوزير ذاته رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وهذا من شأنه تكريس مفهوم الإعلام الشمولي ويتنافى مع الرؤية الملكية والشفافية في ترك مساحة للإعلام للانتقال من إعلام حكومة إلى إعلام دولة. الإجراءات الحكومية تلك لم تجدِ في رفع سوية مؤسسة الإذاعة والتلفزيون. فالتلفزيون يواصل تراجعه، وبات غير قادر على أن يكون تلفزيون دولة، حسب ما كان يطالب الملك في أكثر من مناسبة، كما أن الإذاعة تسير على ركب التلفزيون في تراجع نسبة مستمعيها، بينما ما زال السؤال حول سبب وجود «بترا» حتى الآن مشروعاً وقائماً. حكومة نادر الذهبي بإجراءاتها الأخيرة تتراجع أبدت عكس ما فتئت تردده طوال الشهور العشرة الماضية بشأن الإعلام وتطويره ونقله من إعلام حكومة إلى إعلام دولة يخدم رؤية الملك التي جاءت في خطابي العرش والتكليف بشأن الإعلام. إعادة فرض الوصاية الشمولية للدولة على الإعلام تتنافى مع توصيات لجنة الأجندة الوطنية في هذا الشأن، التي دعت لمنح الإعلام الرسمي مساحة للحركة، والانتقال به إلى إعلام دولة ناضج، وهذا سيمكّنه من ضخ دماء في الجسم الصحفي، قادرة على التعامل مع الخبر أو التقرير بمهنية رفيعة دون أن تكون تحت وصاية وزير عامل أو حكومة. مجلس الوزراء قرر في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الحالي تعيين وزير «الإعلام» ناصر جودة رئيسا لمجلس إدارة وكالة الأنباء «بترا»، سبقه قرار سابق للحكومة في الثامن من تموز/ يوليو الفائت قضى بتعيين الوزير نفسه رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون. سبق كلا القرارين تعيين جودة وزيرا للدولة لشؤون الإعلام والاتصال في حكومة نادر الذهبي، بعد أن كان ناطقا رسميا باسم حكومة معروف البخيت. تلك الإجراءات مجتمعة أنهت حديث الحكومة الدائم عن خطوات موعودة من قبلها باتجاه الإعلام والشفافية وممارسة الإعلام لدوره الرقابي، وأشر على أن خطوات الحكومة تقود الإعلام الرسمي عمليا إلى مرحلة ما قبل العام 1989، وفق ما قاله إعلامي بارز طلب عدم ذكر اسمه. الإعلامي قال إن المشكلة ليست في المرجعيات، وإنما في فتح آفاق الإعلام الرسمي وإلغاء «بترا» كوكالة رسمية، وتوفير ميزانيتها. استطلاعات الرأي التي قامت بها مراكز دراسات حول التلفزيون أظهرت تراجعا لافتا في أدائه، وكشفت عن تعاظم المشاكل التي يعاني منها. ورغم أنه تم رفع مخصصات مؤسسة الإذاعة والتلفزيون من 19 مليونا إلى 22 مليونا و500 ألف دينار هذا العام، إلا أن التلفزيون يعاني من شحّ المشاهدة. يعتقد رئيس تحرير «العرب اليوم» طاهر العدوان أن «مشكلة الإعلام الرسمي لا يحلها وجود الوزارة أو إلغاؤها، وإنما يحلها تحديد الحكومة موقفها من حرية الإعلام". مدير تحرير المحليات في يومية «الغد» نور الدين الخمايسة، تخوف من صبغ الإعلام الرسمي (الإذاعة والتلفزيون وبترا) بطابع «الإعلام الشمولي»، في ظل ربط كليهما بالوزير جودة. وفيما أبدى الخمايسة قناعة بأن لا عودة لوزارة الإعلام في شكلها السابق، فقد عبّر عن اعتقاده أن توحيد المرجعيات الرسمية بما يخص الإعلام الرسمي يتطلب رؤية إعلامية جاهزة، لم تقم الحكومة حتى الآن بإطلاع أصحاب العلاقة عليها، وقد لا تفعل في الأجل المنظور. تعيين جودة رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون جاء بموجب قانون رقم 35 لعام 2000، الذي يجيز لرئيس الوزراء تعيين أحد الوزراء العاملين رئيسا لمجلس الإدارة، وما انطبق على الإذاعة والتلفزيون انسحب على «بترا» من حيث التعيين، مع أن كلتا المؤسستين تحولت لهيئة مستقلة ماليا وإداريا في وقت سابق، حين كان توجُّه الحكومة يقضي بمنح المؤسسات الإعلامية الرسمية استقلالية ذاتية. التوجه الحكومي ذاك يتعارض مع الهدف الأساسي للإعلام، وهو التثقيف والتأطير والترفيه، والقيام بدوره الرقابي على مؤسسات الدولة من خلال إشراك مؤسسات المجتمع المدني في حواراته. النسق الذي تجري فيه الترتيبات الحكومية بشأن ملف الإعلام ما زال يدور في السياق نفسه، وما زالت الخيارات المطروحة تلتقي على منح «وزير الإعلام» اليد الطولى في مؤسسات الإعلام الرسمي. |
|
|||||||||||||