العدد 7 - حريات | ||||||||||||||
خلص تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش حول أوضاع الحريات العامة في الأردن، والذي أصدرته يوم 16 كانون الأول/ ديسمبر 2007 تحت عنوان «إقصاء المنتقدين»، إلى أن القوانين والممارسات التي تقوم بها الحكومة الأردنية مقصرة كثيراً في الوفاء بالتزامات الأردن الخاصة بضمانات حقوق الإنسان الدولية وحرية التجمع وتكوين الجمعيات. وقال التقرير إن الحكومة أساءت استخدام القوانين القائمة بشأن التجمع وتكوين الجمعيات لكي تقيد كثيراً من ممارسة حقوق من تعتبرهم معارضين سياسيين أو منتقدين لسياساتها. وقال تقرير المنظمة إنه بينما يسعى الأردن منذ زمن طويل إلى تقديم نفسه على أنه بلد الإصلاح السياسي، فإن الحكومة الأردنية صعّبت عملياً على منظمات المجتمع المدني أن تعمل بأقل قدر ممكن من الاستقلالية، موضحاً أنه في عام 2007 عرضت الحكومة قانوناً جديداً للجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية، وهو مشروع قانون يفرض قيوداً على الجمعيات، وتعد هذه القيود الجديدة أكثر تشدداً من القيود المفروضة في القانون القائم والمُطبق منذ 30 عاماً. كما شددت وزارة الداخلية من تقييدها حق الأردنيين في التجمع الحر، سواء على شكل مظاهرات أو اجتماعات عامة. وأشار التقرير إلى أنه إثر تغيير قانون الاجتماعات العامة في عام 2001، والذي صادق عليه البرلمان في عام 2004، بات من الضروري أن يوافق المحافظ على المظاهرات والاجتماعات العامة مسبقاً بدلاً من إخطاره بها لا أكثر. وقد رفض المحافظون منح تصاريح، دون إبداء أسباب، في أكثر الحالات بحسب التقرير. وأشار التقرير إلى الأدلة التي تقدمها المعارضة الأردنية على اتهامها الحكومة بالتراجع عن الإصلاح، أولها القانون الجديد الخاص بالأحزاب السياسية الذي يُرجح أن يتسبب في إغلاق الكثير من الأحزاب الصغيرة بسبب المطلب القانوني بأن لا يقل عدد الأعضاء المؤسسين في الحزب عن 500 عضو، على أن يكونوا من خمس محافظات على الأقل بنسبة 10 بالمئة لكل منها. كذلك عدم إصدار الحكومة قانون انتخاب جديداً ينطوي على توزيع أكثر عدالة للمقاعد النيابية. فبموجب النظام القائم، يقول التقرير، “فالدوائر الانتخابية التي يسكنها بضعة آلاف من الناخبين في الدوائر الريفية يمثلها نائب واحد بالبرلمان، فيما يمثل الدوائر الحضرية الكبرى التي يسكنها عشرات الآلاف نائب واحد فقط أيضاً. وبينما قد تميل الدوائر الحضرية لتفضيل انتخاب المعارضة؛ تُفضل الدوائر الريفية النظام القائم”. وانتقد التقرير تدخل الحكومة في كل من الاتحاد العام للجمعيات الخيرية وجمعية المركز الإسلامي تحت ذريعة وجود ما يشوب التمويل الفردي فيهما، حيث يرى التقرير أن الحكومة داهمت هاتين المنظمتين في الحقيقة لأن كلاً منهما تحدت الحكومة سياسياً حين تكلمت ضد السياسات الحكومية. كما انتقد التقرير ما أسماه تجاهل الحكومة للنتائج التي خلصت إليها منظمات حقوق الإنسان الدولية أكثر من مرة حول أوضاع الحريات في الأردن، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، وكذلك تزايد رقابتها في عامي 2006 و2007 على المؤسسات المحلية المتخصصة بالرقابة على أداء الحكومة، مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان، والذي أغضب الحكومة بتقاريره المستقلة والمحايدة والعلنية عن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2006، وتقريره عن التزوير في انتخابات 2007 البلدية. وطالبت «هيومان رايتس ووتش» في تقريرها الحكومة الأردنية الوفاء بالتزاماتها بالإصلاح على أكمل وجه، بحيث تُعدل من تشريعاتها المقيدة لحرية التجمع وتكوين الجمعيات، لتنص القوانين على الإخطار فقط وليس التصريح المسبق بتنظيم التجمعات العامة، وألا تفرض إلا القيود المطلوبة لحماية المجتمعين وصيانة حقوق الآخرين. كذلك طالبتها بأن تسجل بصورة تلقائية منظمات المجتمع المدني والشركات غير الربحية التي تخطرها بتشكيلها دون مراجعة من الحكومة، وألا يكون لها دور في المراقبة أو التدخل في عملها، بما في ذلك تقرير إن كانت مصادر التمويل مناسبة أو لا في كل حالة على حدة، أو باستبعاد هيئات إدارة منظمات المجتمع المدني. كما طالب التقرير بأن يصدر حل أية منظمة مجتمع مدني بأمر قضائي ويشمل الحق في الطعن في القرار. في مواجهة هذه «التراجعات» التي يتحدث عنها التقرير، طالبت المنظمة «المانحين الكبار للأردن» أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إثبات مصداقيتهما وتوضيح موقفهما العلني ضد تلك القوانين والممارسات التي اعتبرها التقرير «رجعية ومسيئة»، وعلى الأقل ربط جزء من التمويل الذي تقدمه للأردن، مثل التمويل المباشر للحكومة، بتغيير التشريعات القائمة المقيدة لحرية التجمع وتكوين الجمعيات. وأوضح التقرير أن كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لعبا دوراً هاماً في دعم الاقتصاد الأردني وتمكين الحكومة من العمل، ووفرا معاً حوالي 600 مليون دولار مساعدات إجمالية في عام 2006، وهو ما يُقدر بعشرة في المئة من الميزانية الأردنية المتوقعة لعام 2007، وهي 6.4 مليار دولار. كما تعاونت الولايات المتحدة مع الحكومة الأردنية على تطوير سعتها الأمنية وقدرتها على مكافحة الإرهاب. وبينما زعمت كلٌ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحسب التقرير، أن جزءاً هاماً من أهدافها في الشرق الأوسط، وفي الأردن على وجه التحديد، هو تشجيع تنمية المجتمع المدني، بما في ذلك الضغط لتغيير قانون الجمعيات، ودعم حُكم القانون، فإنه لم يتم فعلياً إنجاز غير القليل في سبيل منع الأردن من التراجع إلى الخلف في مجال الحق في التجمع وتكوين الجمعيات، كما لم تتحدث الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي علناً عن مواطن النقص الأردنية أو إثارة فكرة تخصيص جزء من التمويل لصالح دعم وحماية حقوق الإنسان. يشار إلى أن التقرير استند بحسب المنظمة إلى مقابلات أجرتها هيومن رايتس ووتش في الأردن في شهور يونيو/حزيران وأغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول 2007، وكذلك إلى الروايات المذكورة في وسائل الإعلام. وذكر التقرير أن العديد من العاملين في منظمات المجتمع المدني اشتكوا من تدخل الحكومة، لذلك فضلوا عدم ذكر أسمائهم وبعض الظروف الخاصة علناً. |
|
|||||||||||||