العدد 46 - حريات | ||||||||||||||
سوسن زايدة لا تميز قوانين النقابات المهنية بين رجل وامرأة، ولكن واقع الحال مختلف كثيرا بحكم عادات وتقاليد سمحت للرجل بسيادة الذكورية تتضح أكثر ما تتضح في تشكيل او انتخابات مجالس النقابات. عبر تاريخ نقابة المحامين الطويل( تشكلت عام )1950، لم تتمكن سوى امرأتين من الحصول على مقعد في مجلس النقابة هما :سميرة زيتون واملي بشارات، فيما بقي منصب النقيب وباقي مقاعد المجلس حكراً على الرجال في كل دوراته. يعكس واقع تشكيل مجلس النقابة وفشل النساء المترشحات، كما حدث في الدورتين الأخيرتين، سيطرة ذكورية خالصة على المهنة المرتبطة بالعدالة، ونظرة "دونية" للمرأة في عمل يفترض فيه النظر بمساواة بين عموم المواطنين. المحامية نداء تمارس المهنة منذ سبع سنين، تعرضت ذات مرة لسوء معاملة في احد المخافر . لم تقدم شكواها للنقابة فهي، كما تقول، لا تثق بلجنة المرأة في النقابة. «اللجنة غير مفعلة، وهناك تقصير نقابي رغم ان هناك محاميات جيدات، وهناك مؤتمرات تناقش موضوع التمييز، إلا انك بالنهاية تواجهين مجتمعاً يحمل فكرة غير جيدة تجاه المرأة". المحامية ليلى لا تتفق مع نداء في إيقاع اللوم على النقابة في موقفها السلبي من المرأة،، وترى أن المحامية نفسها تتحمل المسؤولية. "المحاميات يركزن على عملهن، بدلا من العمل النقابي. صحيح أن النقابة لم توفر لنا الأماكن والأوقات المناسبة لنجتمع، لكن النقابة فعلياً ليست مقصّرة بقدر تقصير المحاميات اللواتي لا يتفاعلن مع العمل النقابي". الحال ليس افضل في نقابة الصحفيين، ففيما كشفت دراسة أعدتها الصحفية خلود خطاطبة أن نسبة النساء العاملات في الوسط الصحفي والإعلامي في القطاعين العام والخاص وصلت إلى 20,4% في عام 2008، 17% في القطاع العام و23,7 في الخاص، وبلغ عدد العاملين في هذا القطاع 900 مناصفة بين العام والخاص. . فقد بلغ عدد الصحفيات المدرجات في سجلات نقابة الصحفيين 123 صحفية من أصل 702 من مجمل أعضاء الهيئة العامة، أي بنسبة 17,5%. الزيادة في عدد الصحفيات لم تعكس نفسها في مجلس النقابة، فقد تمكنت صحفية واحدة من الفوز، في عضوية كل من مجلسي النقابة الأخيرين المكون من 11 عضواً. الوضع أسوأ في مجلس نقابة الممرضين بالنسبة لوضع المرأة، ففيما بقيت مهنة التمريض لسنوات طويلة محصورة في النساء عموما حتى التصقت بهن رغم دخول الرجل متأخراً الى المهنة ،وفي حين بقي قطاع القبالة القانونية حكراً على المرأة فإن واقع المجلس مغاير تماماً. تشير إحصاءات وزارة الصحة الى ان عدد العاملين في قطاع التمريض والقبالة القانونية، بلغ في عام 2005 الى نحو 17428، اغلبهم من الإناث، وينتمي 13430 منهم لنقابة الممرضين والممرضات والقابلات القانونيات. لكن الممرضات يشكلن أقلية في مجلس النقابة الذي يرأسه رجل. يضم مجلس نقابة الممرضين والممرضات والقابلات القانونيات المكون من احد عشر عضوا ثلاث نساء فقط. هل يعني هذا عزوف النساء عن العمل العام؟ واذا صح ذلك فما هو السبب؟. تقول الممرضة لطيفة إن السبب ناجم عن ان المرأة لا تمتلك الوقت الكافي للعمل العام ،حيث تجد نفسها موزعة بين عملها وبين الاهتمام بالبيت، وهو امر لا يعانيه الرجل الذي يمتلك كل الوقت للتفرغ للعمل العام، مضيفة أن نظرة المجتمع وشروط الأهل والزوج تحد دائما من إمكانية المرأة ومدى إقبالها على العمل العام. أما نقابة المهندسين فبلغ عدد أعضائها 71000 الف حتى نهاية 2007. (بواقع مهندس لكن 100 مواطن تقريباً) وتتزايد العضوية بواقع 4500 – 5000 سنوياً. والحال هذه فان نقابة المهندسين اكبر النقابات المهنية قاطبة، يتمتع اعضاؤها من الذكور بامتيازات كثيرة في العمل والرواتب وتشكيل المجالس واللجان، ما لا تتمتع به المهندسة المرأة. فهي لا تنال حقها في راتب متساوٍ مع زميلها حتى لو أدت العمل نفسه. كما لا يضم مجلس النقابة أية مهندسة. لجنة المهندسات في النقابة حظيت بإشادة من عدد من المهندسات اللواتي استطلعنا آراءهن . هذا لا يعفي من تسجيل ملاحظات سلبية تتعلق بقصور أداء النقابة في الدفاع عن المهندسات. هل هنالك تفسير لسيطرة الذكور على مجلس النقابة منذ تأسيسها وحتى الآن؟ المهندسة سحر لا تقلل من أهمية وايجابية دور النقابة، تقول: «أنا استفيد من صناديق الادخار والتقاعد في النقابة». تستدرك انها تأخذ على النقابة عدم الدعم الكافي. «لا اشعر أننا نلاقي الدعم المنشود، فمرة دعونا ليدرسوا مشاكل قطاع الهندسة وكيف يعملوا مع الكوادر، لكنهم في الحقيقة يعملون في امور ليس من داع ان يعملوا فيها ويتركون الامور المهنية، لكنهم كإدارة أجدهم ممتازين فانا أتعامل معهم كثيرا لكن يستطيعون العمل اكثر على المهنة». في البنوك تشكل العاملات ما نسبته 40% من حجم العمالة ، فيما يشكلن نصف أعضاء الهيئة العامة لنقابة المصارف، ويشغلن ثلاثة مقاعد في جمعية البنوك الأردنية من أصل 10 أعضاء، وهو رقم جيد إذ أن عضوية الجمعية تقتصر على مدراء «البنوك». لكن الأمر مختلف مع مجلس نقابة المصارف، فلا تتمثل المرأة الا بعضو واحد من بين 11 عضوا. ناديا الشاويش، المرأة الوحيدة في الهيئة الإدارية للنقابة، مضى على عضويتها اكثر من عام ترى أن العاملة في القطاع لا تلجأ للنقابة والعمل العام، فهي لم تر خلال وجودها في المجلس إمرأة واحدة تشتكي إلى النقابة تمييزا ضدها في العمل، رغم أن النقابة أنشأت لجنة مكونة من ثماين نساء. «الأصل أن ينتسبن إلى نقابة المصارف، ويشتكين من أي إجراء خاطئ بحقهن في مؤسساتهن، عندها نستطيع أن نساندهن». تلفت الشاويش إلى عدم وجود أية مؤسسة بنكية تلتزم ببند إنشاء حضانة لأبناء الأمهات العاملات. «صحيح أن هذا حق منصوص عليه في القانون، لكنه لا يفرض على المؤسسات، نصف من يعمل في البنوك هن نساء ومجموعة كبيرة منهن متزوجات، لكنهن لا يأتين لمقر النقابة». لجنة المرأة في نقابة المصارف، أعدت استبياناً يستطلع أولويات النساء العاملات في قطاع المصارف ورأيهن في عضوية وخدمات النقابة. «سألنا الموظفة في الاستبيان إن كانت تريد الانتظام في النقابة لتحقيق قدر من الحقوق التي تبحث عنها، كالتركيز على ساعات العمل وضمان رعاية الأطفال والاحترام في العمل ومنع التحرش أو العنف، إضافة الى ضمان التقاعد والتأمين الصحي والتكافؤ الوظيفي من رواتب مجزية ومكافآت وامتيازات وغيره من تطوير المهنة والتدريب والصحة والسلامة وإجازة الولادة والأمومة». وتضمن الاستبيان سؤالاً عن أسباب عدم انخراط المرأة في النقابة: «هل هي أسباب ثقافية دينية أو لتحفظ الزوج والمسؤوليات العائلية وعدم توفر الوقت أو حتى الخوف من نقمة صاحب العمل من انخراط المرأة في العمل، وهل هناك صورة سلبية عن النقابة في ذهن المرأة أو سيطرة الذكور على النقابة تجعلها لا تثق فيها أو تقصير منا». ويجري حاليا جمع الأجوبة وفز النتائج . لكن هناك من يرى أن وجود نصف اعضاء الهيئة العامة لنقابة العاملين في المصارف من النساء ،يعكس اهتمام المرأة بنيل حقوقها ووعيها بذاتها والتمييز الواقع عليها. ترى كارمن الموظفة في أحد البنوك ان هذا التواجد حقق مكاسب عديدة للمرأة. « كل تغيير ايجابي حصل على صعيد حقوق العاملات في البنوك فهو نتيجة كفاح المرأة اساساً. ومن المعروف ان نقابة المصارف من انشط النقابات». وكارمن نفسها حالة ايجابية في التعامل مع حقوقها، حين طالبت ادارة البنك بساعة الرضاعة وحصلت عليها. |
|
|||||||||||||