العدد 46 - اقتصادي | ||||||||||||||
السجل - خاص تلقي أزمة الرهن العقاري الأميركية بظلالها على القطاع العقاري، ويتركز التأثير على تشديد إجراءات الاقتراض من البنوك واحتمال تقليص المساعدات الأميركية في السنوات المقبلة، لا سيما في ظل اختلاف طبيعة السوقين بين كلا البلدين. أحد الآثار قد تتجلي بلجوء البنوك إلى زيادة الفوائد على القروض العقارية، والتشدد بضمانات الحصول على القروض من حيث جودتها وتسهيل تسييلها في حالات الطوارئ، إضافة إلى التحقق من النشاط العقاري الحقيقي للقروض. وتجلت أزمة الرهن العقاري في أميركا جراء تخلف سداد القروض العقارية الممنوحة برهونات وضمانات غير كافية، ونشاط الإقراض في سوق التمويل الثانوية لانخفاض أسعار الفائدة وارتفاع أسعار المنازل. فالمؤسسات العقارية في أميركا أصدرت سندات مقابل محافظ القروض العقارية، للاستثمار داخل السوق الأميركية وخارجها ببلايين الدولارات، خصوصا من دول الشرق الأدنى وأوروبا والخليج، فيما أثر عدم سداد هذه القروض على قيمة السندات. وتعد أزمة الرهن العقاري في أميركا واحدة من أخطر الأزمات التي واجهت العالم منذ القرن الماضي، كون تداعياتها تتواصل عبر سلسلة انهيارات مالية ومصرفية في أميركا وأوروبا واليابان وبقية دول العالم. الخبير الاقتصادي عبد خرابشة، أشار إلى أن الاقتصاد الأميركي يشكل 18 بالمئة من الاقتصاد العالمي، ما يعني أن الهزات التي يتعرض لها ستؤثر في العالم كله، لا سيما مجريات الأمور المالية والنقدية والمؤسسات المصرفية والعملات. وذكر الخرابشة أن المشكلة يمكن أن تتضح خلال السنوات المقبلة من خلال إمكانية تقليص المساعدات الخارجية الأميركية إلى العالم، رغم أن قيمة هذه المساعدات لا تشكل نسبة كبيرة من قيمة الاقتصاد الأميركي، خصوصا إذا كانت للولايات المتحدة مصالح مع الدول المعنية. وكانت أميركا رفعت المساعدات الاقتصادية والعسكرية للمملكة بنسبة 48 بالمئة عما أعلنته الحكومة الأميركية في كانون الثاني (يناير) الماضي، بواقع 660 مليون دولار سنويا، على مدى خمس سنوات. من جهته، أكد مدير عام الشركة الأردنية لإعادة تمويل الرهن العقاري إبراهيم الظاهر أن المقارنة بين السوقين الأميركية والمحلية ليست واردة، لا سيما في ظل التسهيلات التي تمنحها المؤسسات المصرفية الأميركية لمواطنيها وتنافسها في منح القروض العقارية. واهتزت أسواق الأسهم الأميركية منذ مطلع العام الجاري بسبب تراجع أسعار أسهم المؤسسات المالية وشركات التجزئة التي واجهت زيادة في حالات التخلف عن سداد القروض العقارية، ما زاد الضغوط على الاقتصاد الأميركي. تأثيرات الأزمة على مستثمري العقار في المملكة تنقسم إلى تأثير نفسي، بحكم العولمة، وارتباط العالم ببعضه بعضا، وأثر آخر مالي، لا سيما مع وجود مشكلة في إدارة تمويل العقار والضمانات مقابل القروض العقارية. الأزمة الأميركية مالية، وهي بالتأكيد تؤثر في مكونات اقتصاد صغير مثل الأردن، إذ ينعكس ذلك بطريقة غير مباشرة من خلال اتجاه البنوك إلى زيادة حذرها فيما يخص الاقتراض. كما أن من الممكن أن يتأثر حجم صادرات الأردن إلى الأسواق الأميركية ضمن اتفاقيتي التجارة الحرة والمناطق الصناعية المؤهلة والتي تجاوزت في العام 2005 ما مقداره 1 بليون دولار. وقدمت الحكومة الأميركية خطة إنقاذ تبلغ 700 بليون دولار لإعادة الاستقرار إلى النظام المالي ودعم الطلب العالمي على الطاقة، بعد انهيار مؤسسات مالية أميركية كبيرة. وبين الخرابشة أن الاقتصاد الأردني بطبيعته صغير، مقارنة مع الاقتصاد العالمي، فإذا قارناه بنسبة وتناسب، سيكون اثر الأزمة محدودا على المملكة، لاسيما مع وجود مساعدات خارجية وأميركية. وبحسب الموقع الالكتروني للسفارة الأردنية في واشنطن، تم تقسيم الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للحكومة الأردنية إلى: 360 مليون دولار سنوياً مساعدات اقتصادية، و300 مليون دولار سنوياً مساعدات عسكرية. بدوره، أوضح الخرابشة أن "حركة قطاع العقار في المملكة من بيع وشراء مرتبط بالأردنيين، خصوصا المغتربين أصحاب السيولة الذين يحولون أموالهم إلى أصول، على اعتبار أن الأراضي من أقوى الاستثمارات، التي يمكن أن تحافظ على قيمتها مع انخفاض قيمة أي سلعة أو أسهم أخرى". ويمكن أن يحدث القطاع إذا تأثرت أموال المغتربين، ما سينعكس تراجعا في الحوالات ويؤدي إلى حدوث مشكلة في السيولة في المملكة. وتبلغ قيمة حوالات المغتربين إلى المملكة، بحسب بيانات البنك المركزي خلال النصف الأول من العام الحالي، 1.288 بليون دينار. وأضاف الخرابشة أن الأجانب ممن يشترون الأراضي في المملكة، معظمهم من الدول الخليجية، والذين يملكون فوائض مالية للمحافظة على أموالهم وزيادة العملات النقدية لديهم، لاسيما مع التقلبات في النظام الورقي للعملات وارتفاع أسعار الأراضي. ولفت الخبير الاقتصادي حسام عايش إلى أن كثيرا من الاستثمارات في المملكة ممولة من الخارج "صناديق أو شركات خاصة الخليجية"، وجزء من وجودها عائد لارتفاع أسعار النفط الذي مكن الشركات من التملك. وكانت أسعار النفط بلغت مستويات قياسية عندما لامست حاجز 148 دولارا للبرميل في تموز/يوليو الماضي قبل أن يبدأ رحلة من التذبذب بسبب عدة عوامل، كالأزمة الروسية الجورجية، وإعصاري إيك وغوستاف، إضافة إلى الأزمة المالية الأميركية لينخفض الأسبوع الحالي لمستوى 88 دولاراً للبرميل. |
|
|||||||||||||