العدد 46 - دولي | ||||||||||||||
صلاح حزين لن تكون المناظرة الثانية التي جرت بين مرشحي الرئاسة الأميركية؛ الديمقراطي باراك أوباما، والجمهوري جون ماكين أخيرا، هي العامل الحاسم في تحول الناخبين الأميركيين في اتجاه "الخيار الديمقراطي"، نسبة إلى الحزب الديمقراطي الأميركي، ولكنها بالتأكيد سوف تكون علامة فارقة في ذلك التحول الذي يمكن وصفه بالقلق في مزاج الناخب الأميركي. فبحسب ما ذكرت معظم الصحف الأميركية والأوروبية، كان باراك أوباما هو الفائز في المناظرة التي جرت في قاعة بجامعة بلمونت في مدينة ناشفيل بولاية تنيسي، فقد بدا أوباما أكثر اهتماما بهموم المواطن الأميركي الاجتماعية والاقتصادية خاصة، وذلك في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه أميركا، كما بدا شابا وحيويا، وبعيدا عن الأجوبة الرسمية والأكاديمية التي كانت تميز أجوبته في مناظراته السابقة مع منافسته على السباق نحو الترشح عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلنتون، في الوقت الذي حافظ فيه على مواقفه السابقة من الطريقة التي يجب على الولايات المتحدة أن تتعامل بها مع خصومها وأعدائها، والتي تلخصت في جملة واحدة تتحدث عن ضرورة التحدث إلى الخصوم بدلا من قصفهم بالقنابل. وفي المقابل بدا المرشح الجمهوري جون ماكين هرما فاقدا لزمام المبادرة، على رغم أجوبته المحكمة حول القضايا السياسية، وعلى رغم محاولاته الابتعاد عن مناقشة القضايا الاقتصادية، التي اعتبرها أوباما ثمرة مرة لثماني سنوات من حكم الجمهوريين، وهو ما يشاطره فيه الرأي عدد كبير من المواطنين الأميركيين، فإنه لم يتمكن من مجاراة أوباما في مناظرتهما الثانية. في المناظرة الأولى، التي جرت قبل أسابيع، عومت نتيجة المواجهة، ففيما قال بعض وسائل قياس الرأي أن أوباما هو الفائز، أعطت وسائل قياس رأي أخرى ماكين الأفضلية، لتبقى النتيجة معومة. ولكن الأمر اختلف في المناظرة الثانية، فقد كان تفوق أوباما أوضح من ألا يلاحظ، ورأى بعض المراقبين أن أوباما قد حرم ماكين من نصر كان الأخير في أمس الحاجة إليه. بقيت للمرشحين مناظرة واحدة يجريانها، سوف يحاول خلاله أوباما أن يعزز تفوقه، وسيحاول ماكين أن يستعيد زمام المبادرة التي فقدها في صورة واضحة في مناظرته الأخيرة، حين ركز على إزجاء كلمات الإطراء للشبان والحضور والسائلين، والحديث عن روح وعقل وقلب أميركا التي يمثلونها. وكانت قد سبقت المناظرة الثانية بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري حرب كلامية أثارها إحساس الجمهوريين بأن البساط يسحب من تحت أقدامهم، وأن خسارتهم، التي بشرت بها الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في الولايات المتحدة، قد لا تقتصر على البيت الأبيض، بل وعلى الكونغرس أيضا، حيث عكست استطلاعات رأي عديدة تراجعا في شعبية الجمهوريين، في مقابل تقدم الديمقراطيين، وهو تراجع سوف يترجم في الانتخابات المحلية والتشريعية التي ستجري بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية التي يقترب موعدها. فمن المعروف أن هناك انتخابات سوف تجري لتجديد عضوية مجلس النواب بأكمله، و ثلث عضوية مجلس الشيوخ، فضلا عن انتخابات للمجالس المحلية التي ستجري في 11 ولاية، وهي انتخابات يأمل الديمقراطيون في أن يعززوا فيها الأغلبية التي يتمتعون بها. هذه الحقائق التي استيقظ الجمهوريون عليها، هي التي أشعلت الحرب الكلامية بين الطرفين، ولكن ما هو أخطر من ذلك أن الجمهوريين، وقد شعروا بأنهم فقدوا زمام المبادرة، بدأوا في حملة تشكيك في أوباما يتهمونه فيها بأنه ليبرالي وضعيف وأنه غير قادر على قيادة بلد يقود العالم، في إشارة إلى أن أوباما يطالب بالجلوس مع قادة طهران وكوريا الشمالية للتفاوض، وهو ما رفضه ماكين واعتبره ضعفا في المناظرة، لكن أوباما رد عليه بأن منظره لم يكن لائقا وهو يهتف في إحدى المظاهرات "إقصفوا إيران!" وعموما، فإن أداء أوباما في المناظرة جاء ليدحض كل هذه الاتهامات، وهو رأي تبناه معظم المعلقين والمراقبين، والنتيجة، أن أوباما متقدم في استطلاعات الرأي على ماكين بنحو ست نقاط، وهو نسبة كبيرة بالنظر إلى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، وبالتالي اقتراب المرشحين من لحظة الحقيقة. عقب انتهاء المناظرة، أظهرت نتائج استطلاع رأي أجرته شبكة "سي بي إس" أن أوباما يتقدم على ماكين بنسبة 39 في المئة، مقابل 27 في المئة للأخير. وقال المعلق السياسي مايكل توماسكي، الذي تابع المناظرة وكتب عنها مقالا لصحيفة الغارديان البريطانية، إن تصويتا برفع الأيدي أجري في نهاية المناظرة أظهر أن نحو ثلثي الحضور صوت لصالح أوباما، وأن إعلان كامبل براون، من شبكة "إم إس إن بي سي" بأن نتيجة التصويت المشار إليها كانت بنسبة 60 في المئة إلى 40 في المئة لصالح أوباما، لم تكن دقيقة. لم تحسم المناظرات بين مرشحي الرئاسة الأميركيين نتيجة أي انتخابات رئاسية أميركية، ولكن أحدا لم يعد يتجاهلها منذ المناظرة الشهيرة التي جرت بين المرشحين الجمهوري ريتشارد نكسون والديمقراطي جون كيندي اللذين تواجها في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 1960. كانت كل المؤشرات تدل على فوز محقق لريتشار نكسون، الذي عاد وتولى الرئاسة عام 1968، ولكنه في انتخابات 1960 خسر معركة الرئاسة لصالح المرشح الشاب آنذاك، وكانت المناظرة التي جرت بينه وبين كيندي، عاملا حاسما في تلك الانتخابات. ومنذ ذلك الحين، لم يعد أحد يتجاهل مناظرات المرشحين للرئاسة الأميركية. |
|
|||||||||||||