العدد 45 - كتاب | ||||||||||||||
بصعود تسيبي ليفني إلى سدة الحكم في تل أبيب فإن تغيراً سيكولوجيا مهماً، يكون قد طرأ على المشهد السياسي. الدولة القوية القائمة بالاحتلال، تحكمها امرأة للمرة الثانية بعد غولدامائير. سوف يدهش العرب لأن وصول امرأة إسرائيلية للحكم لا يثير حفيظة واسعة هناك، سوى ربما عند بعض المتزمتين المتدينين، ودون أن يعرقل أي تحفظ مجرى العملية السياسية. كونها اشكنازية من أصل بولندي، يساعد في تقبلها أكثر مما لو كانت شرقية الأصول. ليفني (50 عاماً)، التي لا أخبار عن كونها متزوجة أو تزوجت من قبل، لا تخلو من مزايا رجالية: فقد عملت في عمليات خارجية للموساد، وفي الجيش الإسرائيلي، ووالداها كانا عضوين في عصابات صهيونية في الأربعينيات، وهي فوق ذلك محامية تدافع عن رجال متهمين. هذا ما قد يسهل التعامل العربي معها بوصفها ليست مجرد امرأة، فقد خاضت في حياتها بما يخوض به الرجال. مع ذلك، فليس يسيراً على نفوس الرجال، أن يتمثل العدو أو الخصم في امرأة. ذلك يكاد يورث شعوراً بهزيمة مسبقة في صفوف الرجال، فالمرء يُعرف بأعدائه لا بأقرانه فقط. وبما أن ليفني هي الثانية بعد مائير، فسوف يكون مقدراً أن تسعى الثانية لمنافسة صورة الأولى. كانت مائير متشددة في منتصف الخمسينيات ووصفت بأنها الرجل الوحيد في الحكومة الإسرائيلية عشية حرب 1967. الآن، فإن ليفني لن تكون أقل تشدداً، فهي تنتمي للمعسكر اليميني أساساً، وليس في نشأتها أو سجلها، ما يُنبئ عن نزعات إنسانية أو أخلاقية بمساواة اليهود مع غير اليهود. مع تشددها فإنها لا تتحدث بنبرة خشنة، كما كانت تفعل مائير التي تساءلت مرة: أين شعب فلسطين الذي يتحدثون عنه؟. لم يكن فن العلاقات السياسية العامة صاعداً، قبل أربعين عاماً ولا كان للميديا سطوتها. وهو ما تدركه النجمة السياسية الجديدة فتحرص على نبرة هادئة وحتى على مظهر أنثوي. في رأي البعض، أن صعودها سوف يكبح التراخي في صفوف العرب والفلسطينيين.فليس هيناً تقديم تنازلات «علنية» لامرأة ولو كانت رئيسة وزراء. وقد يساعد وصولها على تحقيق قدر من تدارك الحال، واستعادة حد أدنى من التماسك. وهناك من لا يجد سبباً لتفاؤل، أو للحد من التشاؤم. فلن يقع تغير كبير، فالمؤسسة الإسرائيلية لا تتأثر بجنس من يقودها. والعرب الصامدون في الهزيمة (على ما كتب يوماً محمود درويش) لن يعيقهم وصول امرأة إلى الحكم، عن التشبث في ما هم فيه. فخيارهم طرح المواجهة جانباً بكل أشكالها ومعانيها، لا العسكرية فقط. المشهد ما زال في بدايته، ويثير الفضول لمتابعته. |
|
|||||||||||||