العدد 45 - رزنامه | ||||||||||||||
السّجل – خاص في معرضه «قلم رصاص» المقام على صالة المركز الثقافي الفرنسي بعمّان، يحتفي التشكيلي الأردني عز الدين شحروري بالخط، وما يُنتجه من تشكيلات هندسية من مثلثات ومربعات وكتل ودوائر لولبية. يشتمل المعرض على خمسين لوحة، تُعيد الوهجَ لقلم الرصاص بوصفه الشاهدَ على خطوات الإنسان الأولى في التعلّم و«الشخبطة»، والوسيلة الأثيرة لرسْم ما ينثال من اللاوعي وتفريغه على الورق، طلاسمَ تارة، وخطوطاً مستقيمة أو منحنية تارة أخرى. نُفذت اللوحات مختلفةُ المساحات والأحجام، بالمزاوجة بين قلم الرصاص والألوان الزيتية. وفيما تبدو الخطوط المتعرجة الطولية أو العرضية الملمحَ الأبرز على صعيد ضربات الفرشاة المشرَّبة بالألوان الزيتية، فإن الدوائر اللولبية المتداخلة والمتقاطعة هي ما يميز التنفيذ بوساطة قلم الرصاص. تميل التدرجات اللونية نحو البنّي الترابي والأزرق، وهما اللونان اللذان يحيلان إلى مفردتَي السماء والأرض، ليرسم قلمُ الرصاص أجراماً سماوية تبدأ ببؤرة دائرية صغيرة تنبثق منها دوائر متتالية تأخذ بالاتساع في المنتصف ثم تضييق تدريجياً لتنتهي ببؤرة دائرية على الطرف الآخر، أو بؤرة دائرة تتوالد من رحمها دوائرُ تأخذ بالاتساع من منتصف اللوحة دون أن تنتهي ببؤرة دائرية، متّخذةً شكلَ دوامة من خطوط رصاصية. وينساب اللون الأحمر بعفوية ليشكل خلفية للمشهد المنجز بقلم الرصاص، وهو ما يدفع للتفكير بما توحي به دلالة العنوان بمفردتيه: «قلم» و«رصاص»، فالقلم يرمز للعلم والمعرفة والرقي الإنساني، فيما الرصاص وسيلة للقتل تعبّر عن الوحشية. تذهب بعض اللوحات باتجاه التجريد التعبيري الذي يمنح الأشكال أبعاداً جمالية، فتبدو الصور التي تركز على مفردات بعينها، كالوجه والزجاجة والكأس، واقعيةً ومحمّلةً بدلالات عميقة؛ فالوجه المحملق بعينين جاحظتين يمنح المشاهد إحساساً بالخوف والرهبة وانتظار المجهول، فيما تحيل تعبيرات النكوص وانحناءات الرأس إلى مشاعر الغربة والوحدة التي يلتفّ إنسان العصر في دواماتها.. تختلف تجربة شحروري هذه عن تلك التي ضمها معرضه الذي أقيم على الصالة نفسها قبل سنوات ثلاث. إذ انتقل من الكولاج نحو الرسم بالفرشاة، وهو ما ردّه الفنان في تصريح خاص بـ«ے» إلى شغفه بتجريب الأساليب والتقنيات الفنية على اختلافها. يقول شحروري إن الرسم بقلم الرصاص بمثابة «بوابة الروح التي يعبرها ليحكي هواجسه ومشاعره ورؤاه»، ويتحدث عن «متعة» يحققها الحضور الوجداني للقلم، بخاصة في عصر تكنولوجي استُبدلت فيه طابعة الكمبيوتر وشاشته بالقلم والورقة، ما يجعل من القلم «صديقاً حميماً يكتم الأسرار، ويبوح بالهواجس والأفكار إذا طُلب منه ذلك». وُلد شحروري في العام 1973، وأقام عدداً من المعارض في الأردن، والبحرين، والجزائر، والمغرب، ومصر، وإيران. |
|
|||||||||||||