العدد 7 - ثقافي | ||||||||||||||
“لقد وضعوا العربة أمام الحصان”، هذا ما يقوله حسين دعسة، منسق الملف الإعلامي في وزارة الثقافة (سابقاً)، ملخصاً ما وصفه بـ“الخطأ الفادح في النظام”: الذي أقرَّ احتفالية إربد مدينة للثقافة الأردنية للعام 2007، مضيفاً أن الاحتفالية لم تحقق ما كان يُنتظر منها من تنفيذ مشروعات لها طابع الديمومة والتخصص، وهو ما طمح إليه مشروع “المدن الثقافية” الذي تضمنته “خطة التنمية الثقافية” للأعوام 2006-2008، وأشرف على تنفيذ عدد من برامجها وزير الثقافة السابق عادل الطويسي. ولا يذهب المنسق الثقافي والفني للاحتفالية محمد مقدادي، بعيداً عن هذا التوصيف الذي يبدو “بالغ القسوة” في نظر مراقبين متحمسين للتجربة وينظّرون لنجاحها وجدواها. يقول مقدادي: “سيظل الخلل قائماً ما دامت التشريعات كما هي”، مقراً أن مقتل التجربة التي استُهل بها مشروع المدن الثقافية -الرائد عربياً- يكمن في أن القرار وُضع بيد أشخاص لا ينتمون إلى الوسط الثقافي، وأن الآلية التي حكمت المشروع عانت من البيروقراطية والانحياز للأجندات الشخصية. وإذا كانت كل هذه العثرات مما يمكن القول معه بـ “فشل التجربة” أو “تعثرها” على أقل تقدير، فإنها بالتأكيد فعلت فعلها وأثّرت في مستوى الإنجاز. فقد أُريد بمشروع المدن الثقافية تنشيط الحياة الثقافية، وتقديم العروض الفنية، وإصدار المؤلفات لأدباء وكتّاب من خارج العاصمة، بحسب الروائي هاشم غرايبة المنسق العام (السابق) للاحتفالية، الذي يطرح هو الآخر سؤالاً كبيراً برسم الإجابة: “ماذا يبقى لإربد بعد انتهاء احتفاليتها الثقافية؟”. وكانت تشكلت لجنة عليا لمشروع المدن الثقافية ترأسها خالد الكركي، أقرّت بدورها اختيار إربد مدينة الثقافة الأردنية للعام 2007، تليها السلط للعام 2008، ثم الكرك للعام 2009، وذلك بعد اطلاعها على ملفات الترشيح التي قُدمت لها واشتملت على تعريف بالبنى التحتية، وطبيعة التاريخ الثقافي، وتوافر الأندية والروابط والمنتديات الثقافية في كل من هذه المدن. وإذا كانت وزارة الثقافة رصدت لكل مدينة مبلغ مليون دينار بهدف إنجاز المشروعات المخطط لها، فإن دعسة يؤكد أنه لم توضع أية دراسة حول التكلفة المتوقعة لمشروع كهذا، كاشفاً أن لجاناً بعينها، كلجنة العلاقات الخارجية، لم تقدم أي إنجاز يذكر، ورغم ذلك خُصصت لها مكافآت أسوة ببقية اللجان العاملة في الاحتفالية، وهو ما ينطبق أيضاً على لجنة النشر – بحسب دعسة - التي لم تضع أسساً واضحة لاختيار الكتب التي ستصدر عن الاحتفالية، فضلاً عن تأخرها في إنجاز عملها، إذ انتهت الاحتفالية من دون أن يرى أيٌّ من هذه الكتب النور. وهذه مفارقةٌ في حد ذاتها. وتلقي الروائية سميحة خريس، رئيسة اللجنة الإعلامية في الاحتفالية، باللائمة على وسائل الإعلام التي لم تسلط الضوء الكافي على فعاليات الاحتفالية وأنشطتها، مضيفةً أن هذا الأمر دفع وزارة الثقافة إلى الاعتقاد أن اللجنة الإعلامية قصّرت في أدائها، وإلى تشكيل لجنة لمتابعة نشاطات الاحتفالية من مندوبي الصحف، إلا أن هذا لم يغير من واقع الحال شيئاً. وتوضح خريس أن اللجنة الإعلامية قامت بإنتاج فيلم وثائقي حول مدينة إربد، وأشرفت على الموقع الإلكتروني الخاص بالاحتفالية الذي تعترف أنه لم يتم تفعيله من جانب الجهة التي تبرعت بإنشائه (جامعة العلوم والتكنولوجيا)، فضلاً عن عدم تفرغ القائمين عليه للعمل به. وترى خريس في صحيفة إربد الخاصة بالاحتفالية التي صدر منها تسعة أعداد، ويُنتظر صدور عددها العاشر مطلع العام 2008، تجربةً مهمة احتضنت المواهب الشابة وعرّفت بالحراك الثقافي والفني، وتناولت البيئة والمكان والتاريخ والحضارة، ورصدت الجانب الثقافي في الحياة الاجتماعية في المدينة وجوارها. ويردّ غرايبة جانباً من العثرات التي وقعت فيها التجربة “الغضّة” إلى ما وصفه بـ “الفجوة في العلاقة مع الجمهور”، إذ افتقر الكثير من النشاطات النوعية إلى الجمهور، فضلاً عن «الخلل في تنسيق الفعاليات» و “الافتقار إلى استراتيجية شاملة” تحكم عمل اللجان الرئيسية والفرعية. ويوضح أنه كان من الممكن أن تُستغل الساحات العامة لإقامة النشاطات، وأن تُنقَل النشاطات إلى القرى خارج المدينة، بدلاً من الاقتصار على إقامتها في القاعات التي لا يؤمها الجمهور لأسباب مختلفة، مذكّراً بوسائل الإعلام الشعبي التي تم إهمالها والتركيز على الإعلام بدلاً من الإعلان، وتوزيع الدعوات بواسطة البطاقات إلى فئة قليلة من الناس. وهو ما يلفت إليه دعسة أيضاً، إذ يرى أنه جرى تجاهل الحراك الثقافي في جوار إربد، وأن لجاناً للاحتفالية كانت قاصرة عن إيجاد مثل هذا الحراك أو التأسيس له. ومما يدعو إلى التأمل أن لسان حال القائمين على الاحتفالية ومن هم خارج لجانها لسانٌ واحد، فكلا الطرفين يتفقان على ما واجه التجربةَ من معيقات كان يمكن تلافيها، من دون أن يقلل أيٌّ منهما من أهمية المشروع، وكونه يمثل تجربة أولى، فللتجارب الأولى خصوصيتها، وعثراتها المتوقَّعة. ويقترح دعسة أن يتم عقد ورشة لتقييم التجربة التي أقيم الحفل الختامي لفعالياتها منتصف كانون الأول 2007 برعاية ملكية سامية، والخروج بمقترحات لتستفيد منها السلط بوصفها مدينة الثقافة الأردنية للعام 2008، مشدّداً على ضرورة اختيار منسق للاحتفالية من خارج المدينة، على أن تكون لديه رؤية وخطة عمل واضحة. وبغير ذلك – والكلام لدعسة - ستتكرر الأخطاء بحذافيرها، وسيتم التركيز على المشروعات الشكلية والاستعراضية، وإهمال البرامج الثقافية والتنموية الدائمة. |
|
|||||||||||||