العدد 45 - استهلاكي
 

بعد هدوء زوبعة الشراء تحضيراً لشهر رمضان، وبشكل يطابق التوقعات، تشهد أسواق المملكة عموماً حركةً بطيئة قبيل عيد الفطر الذي ظل يعدّ على الدوام من أهم مواسم البيع للتجار. وتنتظر الأسواقُ، بحسب تجار وعاملين في تجارة التجزئة لمعظم المنتجات، ما تسفر عنه الأيام القليلة التي تسبق العيد، أملاً في انتعاشة ربما لا تتحقق.

أحد الباعة يقول إن الحركة ما زالت "بطيئة"، لكنها أفضل من الأشهر الماضية التي شهدت بضاعته فيها "كساداً غير مسبوق"، دفعه إلى استغلال فترة التنزيلات ليبيع معظم البضاعة بتخفيضات في السعر وصلت إلى 80 بالمئة.

يستذكر هذا البائع الذي استأجر محلاً في «مكة مول»، بعد أن باع محله في جبل الحسين، مشهد الأسواق المكتظة بدءاً من منتصف رمضان، ويتحدث عن زمنٍ مضى كان يقوم فيه بتعيين موظفين خلال فترة الذروة لمساعدته في تلبية طلبات مئات الزبائن.

ويقول: «كان محلّي لا يتسع للزبائن الذين كانوا يملأون السوق، وأتذكر أن الناس كانت تنتظر في الطابور أمام غرف القياس لأكثر من ساعة أحياناً».

هذا البائع، الذي وطئت محلّه زبونة واحدة طيلة فترة الصبح والظهيرة، يؤكد أنه إذا ما «استمر الوضع سيئاً»، فإنه سيضطر إلى إغلاق محلّه، و«البحث عن صنعة أخرى غير بيع الملابس».

ويضيف: «يقولون إن تاجر الماء دائماً ربحان، لذا أفكر في إغلاق هذا المحل، وفتح قهوة شعبية في إحدى ضواحي عمّان الجديدة ما بعد الدوار الثامن».

هذا ما حدث أيضاً مع محل لبيع الملابس النسائية في عمّان الغربية، اضطرت صاحبته لبيعه، بعد أن انخفض الطلب على الملابس بشكل واضح في الأعوام القليلة الماضية، وازداد انخفاضاً هذا العام، مع ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية.

بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة، بلغت الأهمية النسبية لمجموعة الملابس والأحذية 108.29 مقارنة مع 160 للغذاء، فيما شهدت أهميتها النسبية ارتفاعاً من 100 إلى 108 في آب / أغسطس هذا العام مقارنة بالشهر نفسه في العام 2007.

نقيب تجار الأقمشة والألبسة صلاح حميدان حذر في تصريحات صحفية من مغبة استمرار الارتفاعات المتتالية في الأسعار، وتواصل حالة الركود في السوق، لافتاً إلى أن عدداً من محال الألبسة أغلقت أبوابها لتراجع مبيعاتها. وطالبَ الجهات المعنية تخفيضَ الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات في القطاع، ما يؤدي بدوره لتخفيض أسعار الملابس. كما دعا التجار للاكتفاء بهامش ربح قليل، لتنشيط حركة البيع في محال الألبسة التي يقدَّر عددها بـ7000 محل في المملكة.

على صعيد آخر، شهدت أسعار الحلويات والشوكولاته ارتفاعات متتالية وصلت إلى أكثر من 20 بالمئة. وردَّ تجارٌ ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية عالمياً، بخاصة الحليب والطحين والزيت.

وكان قرارُ الحكومة رفْعَ الدعم عن الطحين، ما عدا المخصص لصنع الخبز العادي الكبير، ساهمَ في رفع أسعار الحلويات. كما ساهم ارتفاع أسعار المكسرات في ذلك، إذ سجّل متوسط سعر الجوز من منشأ سوري 7 دنانير، ارتفاعاً من نحو 5 دنانير في العام الماضي، كما ارتفع سعر السميد من متوسط 25 قرشاً للكيلو بداية العام الماضي إلى 75  قرشاً للسميد البلدي (شوالات)، و1.90 قرشاً للسميد «المبكَّت».

مشهد ربة المنزل وحولها بناتها يفترشن الأرض لصنع «المعمول» يبدو أنه لن يتكرر في جميع البيوت هذا العام، إذ قررت عائلات كثيرة التخلّي عن صنع الحلويات، بخاصة المعمول، في المنزل، أو شرائها من الخارج، فيما قررت عائلات أخرى تقليل الكميات التي تُصنع في المنزل إلى النصف.

نقيب أصحاب المطاعم والحلويات منذر أبو حيط،  قال إن هناك إقبالاً جيداً على الحلويات في شهر رمضان، وتوقع أن «تتعاظم الحركة» قبل العيد بيومين، لأن الناس دأبوا على شراء أنواع معينة من الحلويات في العيد، أطلق عليها أبو حيط اسم «النواشف»، مثل الغريبة والبقلاوة، والمبرومة.

فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الأساسية، فإن كلفة التصنيع زادت أيضاً هذا العام مع ارتفاع أسعار المحروقات.

يقول أبو حيط: «سعر الغاز مثلاً تضاعف. والغاز مادة أساسية في التصنيع، ويبقى دائماً مشتعلاً لإبقاء الحلويات ساخنة، ما أدى إلى رفع الكلفة كثيراً».

يبلغ عدد محال الحلويات المسجلة لدى النقابة نحو 250 محلاً، تتوزع في جميع أنحاء المملكة.

صرف الرواتب يأتي في هذا العام مباشرةً قبل العيد الذي يُتوقع أن يصادف 30 أيلول/سبتمبر أو 1 تشرين الاول/أكتوبر. ويرى أبو حيط أن الطلب «سيزيد عند قبض الموظفين لرواتبهم».

من جهتها، أعلنت مديرية مراقبة الأسواق في وزارة الصناعة والتجارة تكثيفَ الرقابة على المواد في الأسواق كافة، بخاصة تلك التي تدخل في صناعة الحلويات ومحال بيعها، لارتفاع الطلب على استهلاك هذه المواد حتى نهاية رمضان.

تتركز الرقابة، بحسب المديرية، على محال بيع الحلويات والمخابز المنتجة لها. وهي تشمل مدى جودة المواد المستخدمة في تصنيع الحلويات، والالتزام بإعلان الأسعار، ومطابقتها لأسعار البيع للمواطن.

تكثيف الرقابة على مواد صناعة الحلويات: حركة بطيئة في الأسواق قبيل العيد
 
25-Sep-2008
 
العدد 45