العدد 7 - ثقافي | ||||||||||||||
استهل العام الماضي بمبادرة ملكية خلال لقاء مع عدد من المثقفين في الديوان الملكي العامر، وعقب ذلك تدشين صندوق الثقافة بعشرة ملايين دينار، وتأسيس “دارة الملك عبد الله الثاني”. و شكل العام 2007 حضوراً بارزاً للهيئات الرسمية، مقابل تراجع في أداء المؤسسات الخاصة. وسجلت وزارة الثقافة العديد من الانجازات المهمة لمصلحة تعميم الثقافة الجماهيرية وفائدة المبدع، وتعميم الفائدة على مختلف المحافظات. وفيما سجل مهرجان جرش تراجعاً واضحاً في غالبية فعالياته الرئيسية الفنية والثقافية، لم تقتصر سهام النقد التي وجهت إلى المهرجان الذي تأسس مطلع الثمانينات على الإعلاميين والكتاب بل شارك في ذلك الفنانون العرب، وأبرزهم هاني شاكر الذي اتهم الشركة المنظمة “الجسر الذهبي” بأنها إسرائيلية، ولم تكن حفلة لطيفة التونسية أفضل حالا، إذ إن الحضور للحفلة التي كلفت 64 ألف دولار لم يحضرها سوى أربعين شخصا، وأدى الفشل إلى الحد الذي طالب فيه نقيب الفنانين بمحاسبة المعنيين، بينما طالب بعض الكتاب بإطلاق النار على المهرجان. باختصار فإن المتعاطفين مع المهرجان وتاريخه، لم يدافعوا عن حالته، وإنما طالبوا بإعادة النظر في برامجه، وإدارته بشكل استراتيجي. وقد أسهم موسم الانتخابات البلدية وعمليات التحويل لإصلاح الطرق في منطقة جرش في تعثر عدد من أنشطة المهرجان. ظل المشهد التشكيلي رهين المعارض الزائرة، فغالبية الصالات الخاصة تعمد إلى تنظيم المعارض العربية، في غياب واضح للوحة المحلية، ومن المعارض المهمة ما نظمه المتحف الوطني للفنان العالمي رامبرانت، والمعرض الذي أقيم في دارة الفنون للشاعر أدونيس والعراقي حيدر، فيما غابت المعارض المهمة عن صالة فخر النساء زيد، وانعكست أوضاع رابطة التشكيليين التي تعرضت لموجة استقالات إلى إرباك المشهد التشكيلي. أما المسرح اليومي، فقد ارتبط بالمناسبات، لتقديم عروض رمضانية، من خلال لوحات اقرب إلى “السكتشات” منها إلى المسرح، معتمدة على التقليد والجملة السياسية، وعمد مسرح الفوانيس الذي يقيم أيام عمان المسرحية إلى إجراءات تقشفية لاستمرار مهرجانه الجاد ، فيما تكفلت مديرية المسرح بتقديم نحو 150 عرضاً مسرحياً في ثماني محافظات تتوزع بين مسرح المحترفين والشباب والطفل، وتوجت ذلك بمهرجانها في دورته العربية السادسة بمشاركة عشر دول، وعكست العروض الأردنية والتنظيم مستوى راقياً من الأداء. وحظيت “خشخاش” للكاتبة سميحة خريس، وإخراج حكيم حرب، و” ملحمة فرج الله” لخالد الطريفي، و”غناء النجوم “ لخليل نصيرات بتقدير النقاد والمشاركين. ومع رفع دائرة المطبوعات والنشر يدها عن الإجازة، فان الحال لم ينعكس على عدد الكتب الصادرة عن دور النشر، بل ظلت الأعداد في حدودها الطبيعية، بل إن كثيرا من دور النشر انخفضت أعداد إصداراتها بطريقة فاضحة، حتى أن اتحاد الناشرين وجه إنذارا إلى إحدى دور النشر الكبرى يحذرها من الشطب من قيوده إذا لم ترفع أعداد إصداراتها. وتحولت بعض دور النشر إلى طباعة الكتاب الأكاديمي لرواجه بين الطلبة، فيما جاء اقتراح وزارة الثقافة لمشروع مكتبة الأسرة بمثابة الغيث لقطاع عريض ممن يرغب في اقتناء الكتاب وتحول أوضاعه المادية من ذلك، فكان سعر الكتاب الذي لا يزيد على 35 قرشاً فرصة لتأسيس مكتبة من نحو 50 عنواناً، أصدرتها الوزارة للعام 2007 وافتتحت مراكز للتوزيع في 8 محافظات ونفدت الكثير من العناوين. ورغم مسيرة السينما المتعثرة منذ العام 1957 فإن فيلم “كابتن أبو الرائد” الذي أخرجه الشاب أمين مطالقة، وقام ببطولته الفنان العالمي نديم صوالحة ورنا سلطان استطاع أن ينتزع جائزة أفضل ممثل في منافسة صعبة شاركت فيها السينمات المصرية والمغربية والسورية التي حققت الكثير من الانجازات التجارية والمهرجانية، وقد حظي الفيلم بدعم من الهيئة الملكية للأفلام التي نظمت العديد من المهرجانات لأفلام الشباب وتصادقت مع المفوضية الأوروبية لنشر الثقافة السينمائية. وفي هذا العام حاولت الدراما الأردنية أن تعيد حضورها على الشاشة الصغيرة من خلال عدد من الأعمال الدرامية التي تعرض في رمضان ومن بين الأعمال التي حققت نجاحا جماهيرياً “نمر بن عدوان”، “وضحا وابن عجلان”، “الاجتياح”، “كشكول البتول”، ومع تحقيق رغبة الحضور، إلا أن أياً من الأعمال التي تقدمت بها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون لمهرجان الإعلام العربي بالقاهرة لم تفز بشيء، باستثناء العمل الإذاعي للمخرج نصر عناني، ومن القطاع الخاص “كشكول البتول” من إنتاج عصام حجاوي وإخراج محمد الضمور. ورغم الإرباك الذي اعترض برامج مدينة الثقافة الأردنية التي اختيرت لها أولاً مدينة اربد، إلا أن منتصف العام الأخير شهد الكثير من النشاطات الثقافية والمؤتمرات والندوات والعروض المسرحية والسينمائية والحفلات الفنية والمعارض التشكيلية. إلا أن هذا النشاط في غالبيته يحسب كميا يدخل في إطار إعداد التقارير دون أن يترك أثرا على الحياة الثقافية، ومن الملاحظات المهمة أن هذا النشاط لم يحول الجانب الثقافي في المدينة إلى عادة جماهيرية وإنما أقيمت برامج احتفالية إربد الثقافية لتغطية الفاتورة المدفوعة مسبقا من وزارة الثقافة، والأهم من ذلك أن أيا من المرافق الجديدة لم تدشن خلال عام الثقافة الإربدي. وكان من أهم الانجازات التي تحققت للمبدع الأردني إقرار التفرغ الإبداعي الذي شمل تسعة شعراء وروائيين وتشكيليين غير أن كثيرا من المثقفين يبدون تحفظاً على آليات التفرغ التي يكتنفها عدم الوضوح، واستثناء بعض حقول الإبداع. أما جائزة الدولة التقديرية التي منحت إلى الروائي الراحل غالب هلسا فقد لقيت نوعاً من الاحتجاج الخجل في أوساط المثقفين، الذين رأوا أن منح الجائزة للراحلين ليس سوى دفنا لها، مشيرين إلى أن تكريم الراحلين يمكن أن يكون من خلال الوقف أو إطلاق الاسم على أحد المرافق الثقافية. وإذا كانت جائزة الدولة قد قوبلت بالاحتجاج الخجل، فإن حجب الجائزة التشجيعية التي خصصت للقصة العام 2007 قوبلت بالاستهجان بدعوى أن الأصل في الجائزة هو المنح. وعلى صعيد بيت المثقفين رابطة الكتاب فقد استطاعت الهيئة الإدارية الجديدة أن تنظم عدداً من الأنشطة التي حظيت بمشاركة جماهيرية واسعة ومنها “مسيرة غالب هلسا” ثم ندوات حول بدر عبد الحق، والتعاون مع بيت الشعر في إقامة أمسيات رمضانية،والاتفاق مع وزارة الثقافة على إصدار الأعمال الكاملة لغالب هلسا. وندوة حول الروائي الرحل زياد قاسم، وحفل تأبين للشاعرة الراحلة شهلا الكيالي. وباستثناء ما نظم من ندوات وأمسيات فان الرابطة في الدورة الحالية وسابقاتها لم تستطع تقديم أو تحقيق أي من القضايا المطلبية لأعضائها. وبالرغم من الحماسة التي أبدتها الحكومة السابقة للثقافة ، وتوجت بزيارة رئيسها د.معروف البخيت للرابطة، فان بيان الحكومة الجديدة للرئيس نادر الذهبي خلا من أي إشارة إلى الثقافة، الأمر الذي دعا إدارية الرابطة الى إصدار بيان ناري يدعو الحكومة الى إيلاء الثقافة المكانة التي تستحقها كمعبرة عن صورة الوطن الحضارية. المسألة المهمة التي مرت خلال الشهر الأخير من العام المنصرم وعلى صعيد الأغنية والموسيقى هي ما شهدته عمان من عرض مسرحية فيروز “صح النوم” وحصول الملحن طارق الناصر على جائزتي مهرجان الإعلام العربي بالقاهرة عن الموسيقى التصويرية لمسلسلي “الملك فاروق” و “الحب والحرب”. وشهد العام المنصرم غيابا لعدد من الكتاب والفنانين الأردنيين، فقد رحل على نحو مفاجئ صاحب “العرين” الروائي زياد قاسم، والشاعر حسين حسنين، والأديب الفنان رأفت العزام، كما غيب الموت الفنان محمد جاد الحق. وعلى كل الأحوال، فإن العديد من المؤسسات الخاصة التي كان لها نشاط واضح تراجعت كمّاً، وباستثناء ندوات حصاد القرن التي نظمتها مؤسسة شومان، وإصدارها في عدد من الكتب، وبرنامجها السينمائي الأسبوعي، والمكتبة، فإن المؤسسة اختصرت العديد من الأنشطة العربية. وهو ما ينطبق على دارة الفنون التي قلصت برامجها. وجاءت استضافة أدونيس لتحرك السكون الذي خيم على المشهد، والى ذلك، فإن المؤسسات الخاصة والوزارات أمست على قناعة بأهمية الثقافة التي دعت البنك الأهلي لإنشاء دائرة ثقافية، وأصدرت العديد من الكتب، ومثلها وزارة العـــــدل التي شكلــت أيضاً دائرة للــثــقافة وقدمت العديد من الندوات والعروض المسرحية. |
|
|||||||||||||