العدد 44 - استهلاكي | ||||||||||||||
مع تزايد حدة المنافسة في سوق المواد التموينية وتراجع أعداد المشترين والكميات المشتراة، وجد أصحاب البقالات الصغيرة أنفسهم ضحايا ارتفاع الأسعار، ودخول الكبار إلى السوق. مولات كبرى، فروع للمؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية، وأسواق تموينية مفتوحة تقضم الجزء الأكبر من الكعكة، وتُبقي النزر اليسير لنحو 10 آلاف بقالة صغيرة تتوزع على أنحاء المملكة، ولا يتجاوز صافي الدخل الشهري لأيٍّ من أصحابها 500 دينار. عاملان رئيسيان ساهما معاً في تضاؤل أرباح أصحاب البقالات، أولهما الانتشار الواسع للمولات و«الهايبر ماركت» في عمّان وإربد والزرقاء. دخول سلسلة المتاجر الفرنسية الكبرى «كارفور» كان له أثر واضح على التنافسية في السوق عندما بدأت المولات بالترويج لعروض بأسعار غير مسبوقة. «كسّرت السوق» حسب أصحاب بقالات ومواطنين. يقول أحد العاملين في مول بعمّان الغربية: «(كارفور) هزّ السوق، وجعلنا غير قادرين على المنافسة، لذا ازدادت وتيرة عروضنا الأسبوعية. وتخيفنا إشاعات تقول إن هذا السوق يتعمد الخسارة لإخراجنا من المنافسة». لكن خبيراً في سوق المواد التموينية يؤكد أن قدرة «كارفور» على المنافسة تكمن في شرائه الكميات أحياناً على مستوى المنطقة أو العالم، لأسواقه الكبرى، ما يجعله قادراً على الحصول على أفضل الأسعار، وهذا كله لصالح المستهلك. يُقبل سكان عمّان الغربية على المولات لابتياع احتياجاتهم؛ فيما يُقبل قاطنو عمّان الشرقية على الأسواق الموازية أو فروع المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية. أبو أندريه، صاحب بقالة في عمّان الغربية، يدرك جيداًَ أن المولات هي سبب خسارته هذا العام. ويقول إن موقع بقالته في خلدا، قريباً من عدد من المولات، يجعل حظّه قليلاً في اجتذاب الزبائن. يضيف: «في منطقتنا مولات مثل (كارفور) و(سي تاون) و(توب أند توب) و(هاي لاند)، فضلاً عن أسواق السلام، المنافس الأكبر». ويزيد: «لا أستطيع منافستهم في السعر، بل أجلس أحياناً أنتظر أطفالاً صغاراً يزورونني لأن بقالتي قريبة من أماكن سكناهم، لكن المواد التموينية الرئيسية مثل السكر والأرز لم تعد تُشترى من عندي». وقال مواطنون إنهم يبحثون عن السعر الأقل، ويحضرون قائمة باحتياجاتهم ويقومون بشرائها مرة واحدة، بخاصة في ظل ارتفاع الأسعار. سهام، ربة منزل تسكن في خلدا، تقول إنها تشتري معظم احتياجاتها من أسواق السلام (التابعة للمؤسسة الاستهلاكية العسكرية)، ثم تتجه إلى «كارفور» لشراء بقية الاحتياجات التي تنقصها. تقول: «كنت أشتري معظم أشيائي من البقال في حارتنا، وأرسل الحارس لجلبها إلى المنزل، لكني اكتشفت وفراً قد يصل أحياناً إلى 50 بالمئة إذا اشتريت من (كارفور) أو المؤسسة العسكرية». نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، يقول إن البقالات الصغيرة التي تبلغ مبيعات الواحدة منها من 100 دينار إلى 150 ديناراً يومياً، هي المتضرر الأكبر من ظاهرة المولات في عمّان وإربد والزرقاء، وانتشار الأسواق الموازية في المحافظات. «ارتفاع أسعار المواد التموينية عالمياً وارتفاع أسعار البترول ليس ذنب المواطن البسيط صاحب البقالة وعائلته»، يقول الحاج توفيق، ويضيف: «دخل أصحاب البقالات مماثل لدخل أي موظف عادي، وهم يجمعون أرباحهم بـ(الشلن) و(البريزة) ليعيلوا عائلاتهم». نقيب تجار المواد الغذائية طالبَ الحكومة بالعودة إلى سياسة قديمة كانت تبيح لموظفي الحكومة فقط دخول المؤسسة الاستهلاكية المدنية، ولأفراد القوات المسلحة دخول المؤسسة الاستهلاكية العسكرية، بموجب بطاقات حددت أيضاً الكميات التي يمكن شراؤها شهرياً. يزيد الحاج توفيق أن أصحاب البقالات لا يتمتعون بأي حماية مالية أو ضمان اجتماعي أو تأمين صحي، «ولا حتى مقاعد لأبنائهم في الجامعات». النقيب دعا الحكومة لإعفاء أصحاب البقالات الصغيرة من الضرائب ورسوم المهن، بخاصة أن معظمهم يدفعون إيجارات سنوية لبقالاتهم؛ فيما يحظى العاملون في الأسواق الشعبية أو الموازية بأماكن عمل دون الاضطرار لدفع إيجار. «معظم البقالات على طريق الإغلاق، وهي الآن في غرف الإنعاش»، يقول الحاج توفيق، مضيفاً: «عندما تغلق البقالات ستغلق محلات كثيرة تبيع بالجملة، وسيظهر هذا كله في الشيكات المرتجعة بعد العيد، بخاصة أن الموسم كان سيئاً جداً على الجميع». |
|
|||||||||||||