العدد 7 - استهلاكي
 

وقف المواطن الأردني في 2007 “وحيداً” في مواجهة طوفان ارتفاع جنوني للأسعار خلّفه تخلي الحكومة عن دورها “الرعوي” وتبنيها لسياسات رفع الدعم عن المواد الغذائية وقريباً عن سائر أنواع المحروقات.

الحكومة، التي تسلحت بأعذار ارتفاع أسعار النفط وانخفاض سعر الدولار عالمياً فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الأساسية في الأسواق العالمية بدءاً من الحبوب والقمح، وانتهاء بالحليب المجفف والحديد والاسمنت، تعاملت بحسب محللين بقسوة غير معهودة مع ملفات الاستهلاك، ووجدت في رفع الدعم والأسعار ملجأً سهلاً يعوض عن عدم قدرتها على تحويل الاقتصاد الأردني من اقتصاد مستهلك إلى اقتصاد إنتاجي.

ولم تفلح سياسات جذب الاستثمار، بحسب اقتصاديين، في إخراج الأردن من مأزق البطالة لتركزها في قطاعات لا تؤدي إلى تنمية مستدامة، خاصة قطاع الإنشاءات والتطوير العقاري الذي أدى إلى نمو في حجم الاستثمار في غياب القدرة على توظيف أعداد كبيرة من الأردنيين.

عام 2007، كان بحسب مستهلكين واقتصاديين عاماً قاسياً على الأردنيين الذين زادت مصروفاتهم وتجمدت دخولهم وارتفع خوفهم من عام 2008 الذي يتوقع أن يكون عاماً قاسياً آخر سيطيح فيه ارتفاع أسعار النفط ضمن مخطط حكومي بآخر ما تبقى من مداخيل الأردنيين الذين يرزحون تحت وطأة تخلي الحكومات المفاجئ عن دعمهم وعجزها عن توفير فرص اقتصادية ترفع من مستواهم المعيشي أو تبقيه على ما هو عليه في أقل تقدير.

المحلل الاقتصادي حسام عايش، يرى أن عام 2007 وخاصة النصف الثاني منه والذي شهد ارتفاع أسعار الأعلاف، وبالتالي اللحوم، وارتفاع أسعار الحبوب والقمح ومن ثم الطحين والخبز “غير المدعوم” بمثابة تدريب على ما ينتظر المستهلكين عام 2008 والذي سيشهد ارتفاعاً سيشمل جميع المواد الأساسية بدءأً بالغذاء مروراً بالمواصلات إلى الأحذية والملابس.

عايش يعتقد أن حكومتي 2007 (البخيت والذهبي) تبنتا تحولات كبرى في مسألة التعامل مع الأسعار ودعم المواد الأساسية. ويضيف أن خط الفقر الذي وضعته الحكومة على مستوى 504 دنانير سنوياً يجب أن يكون 1000 دينار شهرياً.

وبحسبة بسيطة، يقول عايش إن العجز التجاري والذي يمثل الفرق بين المستوردات والصادرات يلامس 4.5 مليار دينار بواقع 800 دينار لكل مواطن، ما يعني أن كل مواطن سيتحمل تبعات نسبة العجز، لأن الأردن “بلد يستهلك ولا يصنع”.

ويتوقع عايش أن يكون حجم ارتفاع أسعار المواد الأساسية العام القادم مليار دينار، بواقع 15 ديناراً شهرياً ما يعني أن العائلة التي تقدر الحكومة عدد أفرادها بنحو 6 أشخاص (5.7) ستتحمل عبئاً إضافياً قيمته 90 ديناراً شهرياً.

ويضيف:”وإذا كانت الحكومة ستزيد الرواتب بنسبة 9% وحيث إن متوسط الرواتب الحكومية 200 دينار، فهذا يعني أن العجز بين الزيادة المتوقعة وزيادة الأسعار سيكون 80 ديناراً سيتحملها المواطن وحده.”

آخر أرقام دائرة الإحصاءات العامة تشير إلى أن متوسط دخل العائلة الأردنية يبلغ 7550 ديناراً سنوياً فيما يبلغ معدل إنفاقها 6220 ديناراً بفجوة تبلغ نسبتها 20%.

المحلل الاقتصادي يوسف منصور يرى أن المواطن الأردني “مظلوم جداً” في ظل الفجوة بين الدخل والإنفاق والتي يرافقها تدني الدخل وارتفاع الأسعار.

منصور يرى أن الحكومة فشلت في جهودها التنموية بتركيزها على القطاعات الاقتصادية غير التنموية مثل التطوير العقاري وتكريسها سياسة إثراء الأغنياء على حساب الفقراء.

ضعف القاعدة الإنتاجية وهشاشة دفاعات الاقتصاد الأردني ضد العوامل العالمية من ارتفاع للأسعار إلى انخفاض سعر صرف الدولار مقابل اليورو والعملات الرئيسية الأخرى كلها عوامل تدعو إلى تبني إجراءات “غير اصطناعية” لدعم المواطنين تتجاوز الدعم النقدي المبـاشـر نحـو زيادة الإنتاجية.

ورداً على الدعوات الحكومية المتتالية التي تدعو المواطنين إلى تقنين الاستهلاك وعدم الإسراف يرى منصور أن المستهلك الأردني “متقشف” و”مسكين” لا ينفق على الأكل في المطاعم أكثر من دينارين اثنين شهريا في المتوسط.

الأردنيون يشدون الأحزمة على البطون بانتظار عام أصعب – علا فرواتي
 
27-Dec-2007
 
العدد 7