العدد 44 - أردني
 

جمانة غنيمات

تطغى أهمية ملف الأسعار على أي ملف اقتصادي آخر. وقد بدأ هذا الملف يأخذ أهمية استثنائية في آذار الماضي، حينما بدأت الأسعار تتصاعد بنسب غير مسبوقة بعد أن رفعت الحكومة يدها عن دعم المحروقات، ما جعل المواطن يدخل في مواجهة مباشرة مع الأسعار التي زال الدعم عنها فور رفع الدولة دعمها عن المحروقات، فكانت تلك الشرارة التي انطلقت فيها الأسعار من عقالها، وما زالت كذلك، وأصبح المواطن الفرد هو المكلف بشراء المشتقات النفطية بالأسعار العالمية، وربما أكثر في بعض الأحيان، وينسحب الأمر على السلع والبضائع والمنتجات الأخرى.

حكومة نادر الذهبي التي أخذت على عاتقها تخليص الموازنة العامة من تشوهاتها، التي تعتبر سياسة الدعم هي السبب الرئيسي لها، اتخذت، في مسار مواز للتخفيف عن المواطنين، قرارا بتخصيص مبلغ 300 مليون دينار لشبكة الأمان الاجتماعي، وذلك في مسعى لتعويض المواطنين عن الكلف الإضافية التي سيتحملونها نتيجة ارتفاع الأسعار.

على أن الحكومة لم تتمكن من ضبط إيقاع معدلات التضخم التي لامست معدل 15 بالمئة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، كما أنها لم تفلح كذلك في تقديم التعويض العادل لشريحة كبيرة من المواطنين كانت مداخليها ومستوى معيشتها هي الأكثر تضررا من الارتفاع الصارخ للأسعار.

في صورة عامة، بقيت أسعار معظم السلع محلقة على علو شاهق، فسعر كيلو اللحم البلدي يناهز 9 دنانير، وذلك بسبب نقص المعروض من اللحوم المستوردة، والتي تأخر وصولها في ميناء جدة ، وتضاعف سعر كيلو الدجاج البلدي فوصل نحو 3 دنانير خلال أقل من شهر، بدعوى أن مربي الدجاج لم يلتزموا بعدم رفع الأسعار، على الرغم من اجتماعات عديدة حضرها وزير الزراعة وطواقم حكومية أخرى خلال الأسابيع الماضية، تم فيها التشديد على ضرورة بقاء أسعار الدجاج مستقرة.

المنتصرون للحكومة يرون أن إخفاقها بتحجيم معدلات التضخم الحاصل، مرده إلى أن موجة التضخم التي تشهدها البلاد مستوردة بالكامل، نتيجة ارتفاع أسعار برميل النفط، الذي لامس في بعض مراحله حاجز 150 دولارا للبرميل الواحد، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية عالميا مثل الأرز والقمح.

في الطرف الآخر، هنالك من يوجه الانتقاد للحكومة على تقصيرها في ضبط الأسعار، ويرون أنها لم تستخدم جميع الأدوات المتاحة لها لضبط تقلبات أسعار المواد الغذائية على نحو إيجابي والتأثير في حركتها، ما أضعف دورها، وقدرتها فيما يتعلق بهذا المحور تحديدا.

فالحكومة، في رأي المنتقدين، لم تكثف الرقابة على الأسعار في صورة كبيرة، كما كان متوقعا منها في ظل انفلات جامح للأسعار، بخاصة وأنها هي الطرف الوحيد القادر على لعب مثل هذا الدور. وكل ما فعلته، هو الاكتفاء بالتلويح للتجار باستخدام المادة 7 من قانون الصناعة والتجارة، والذي يتيح لها تسعير المواد الأساسية من دون أن تتخذ ولو إجراء واحدا على أرض الواقع.

بطء الإجراءات الحكومية في التخليص على البضائع المستوردة، وروتينية المعاملات الجمركية، كانت هي الأخرى سببا في استمرار تصاعد الأسعار ومواصلتها التحليق، كما ساهم تأخر وصول بواخر محملة بالسلع الأساسية وغير الأساسية إلى ميناء العقبة، في ارتفاع أسعار بعض السلع.

لقد توافرت لدى الحكومة فرصة ذهبية لكبح جماح التضخم، والتخفيف من آثاره، وليس لجمه، وذلك بعد أن تطاول على مداخيل الأردنيين لدرجة أثقلت كاهلهم واستنزفت مدخراتهم، ولكنها لم تلعب الدور المنتظر منها، ما جعلها "تقصر" في امتحان ضبط الأسعار.

الحكومة تنال علامة “مقصر” في امتحان ضبط الأسعار
 
18-Sep-2008
 
العدد 44