العدد 44 - أردني
 

منصور المعلا

مضى ما يقارب الشهر على إثارة قضية الاتجار بالبشر. وعلى الرغم من الضجة التي ثارت في أجهزة الإعلام وفي بعض الأوساط السياسية، وعلى الرغم من صدور لائحة الدعوى الخاصة بها لدى القضاء الأميركي، فإن القضية تزداد غموضا مع الزمن بدلا من اتضاح عناصرها وكشف المزيد من تفاصيلها.

قبل صدور لائحة الدعوى، زج باسم رئيس الديوان الملكي، باسم عوض الله في القضية، من خلال الربط بينه وبين شركة أردنية تحمل اسم "داود وشركاه"، بالزعم بأن رئيس الديوان الملكي هو أحد مالكي الشركة المذكورة. غير أن الأمر لم يستمر طويلاً، ففي أعقاب تفجر القضية، قامت شركة داود بنشر إعلان مدفوع الأجر في صحيفتين محليتين، أشارت فيه إلى أن مالكي شركة تحمل اسم "شركة محمد داود وشركاه"، كانت مسجلة بوصفها شركة تضامن في سجل مراقبة الشركات بتاريخ 23/11/1997، وبينهم رئيس الديوان الملكي باسم عوض الله،

قاموا في العام 1998، بتحويل حصصهم إلى شركة ذات مسؤولية محدودة تحمل اسم "شركة العالم الجديد للاستثمارات"، وتحمل الاسم التجاري "شركة العالم الجديد للسياحة والسفر"، في حين انتقلت ملكية وشهرة «داوود وشركاه» العام 1998 لكل من «ناصر إبراهيم عوض الله» وابنه «إبراهيم ناصر»، وهما شقيق وابن شقيق باسم عوض الله.

ويفرق الإعلان بين هذه الشركة وبين شركة أجنبية مسجلة خارج الأردن تحمل هي الأخرى اسم «شركة داود وشركاه» المملوكة بالكامل لمحمد داود، والتي ذكر الإعلان عن وجود فرع لها في الأردن (مكتب إقليمي)، يشرف على نشاط الشركة في الخارج.

الشركة نفت، من خلال الإعلان، علمها بقضية الاتجار بالبشر، مشيرة إلى أنها لا تعلم بوجود أي قضية مقامة ضدها خارج الأردن، وأنها بالتالي لم تبلغ بأي شيء من هذا القبيل. وعليه فإن الغموض ما زال يلف القضية، وبخاصة ما يتعلق باسم الشركة الأردنية، التي قالت لائحة الدعوى إنها متهمة بالاتجار بالبشر، فالقضية التي رفعها ذوو النيباليين الذين كانوا موضوع الاتجار بالبشر، والذين قتل 12 منهم في العراق، رفعت على الشركة الأميركية (كي بي ار) وشركة داود وشركاه الأردنية، كما جاء في خبر وكالة الصحافة الفرنسية الذي بثته من الولايات المتحدة، والذي كان أول خبر يشير إلى القضية، وهو ما جاءت لائحة الدعوى، التي ترجمت نصها صحيفة الغد قبل أيام، لتؤكده.

القضية التي تضمنتها لائحة الدعوى تعلن صراحة أن من بين هذه الشركات «شركة داود وشركاه ذ.م.م.» الأردنية، بالإضافة إلى شركة «كي بي آر» الأميركية، غير أن مصادر في وزارة العمل وكذلك في وزارة الصناعة والتجارة، حاولت «السّجل» الاتصال بهم نفت علمها برفع أي دعوى على أي شركة أردنية. وخلال لقاء مع لجنتي الخارجية والعمل النيابيتين، نفي وزير الخارجية، صلاح الدين البشير، علم وزارته بأي قضية مرفوعة ضد أي شركة أردنية. وقال إنه لم يرد أي تبليغ بتحريك قضية أمام المحاكم الأميركية على أي شركة أردنية أو مواطن أردني.

وبحسب نص لائحة الدعوى، فإن القضية بدأت مع نشر إعلانات في الصحف النيبالية قدمتها شركة «moon light"، وعرضت من خلالها فرص عمل في عمان، وتحديدا في فنادق من فئة الخمس نجوم. وبحسب الإعلان الذي نشر في الصحف النيبالية، قدرت قيمة رواتب العاملين بمبلغ يراوح بين 220 و500 دولار.

وتشير لائحة الدعوى إلى أن المواطن النيبالي بودي براساد غورونغ، وذوي 12 من زملائه، والذين لقوا حتفهم في العراق العام 2004، هم الذين رفعوا الدعوى من خلال مكتب "كوهين، ميلشتاين وهاوزفلد"، متهمين فيها شركات أجنبية وأردنية بالاتجار بالبشر. ووفقاً لتصريح محامي الادعاء، تم توظيف الضحايا للعمل "كعمال مطبخ في فنادق ومطاعم في عمان، قبل مصادرة جوازات سفرهم وإجبارهم على الذهاب للعمل في بغداد".

كما ورد في التصريح أن "غورونغ أجبِر على البقاء في العراق رغماً عنه لمدة 15 شهراً"، قبل أن تسمح له شركة «كي بي آر» الأميركية وشركة داوود وشركاه وهما الشركتان اللتان تعاقد معهما غورونغ وزملاؤه النيباليون، بالعودة إلى بيته في نيبال.

المدعون اتهموا الشركة بإلحاق الضرر بأفراد عائلة من 12 رجلاً كانوا ضحايا للاتجار بالأشخاص، ففيما غادر الرجال من نيبال ديارهم معتقدين بأنهم ذاهبون للعمل في فندق فخم في الأردن، نقلوا بدلاً من ذلك للعمل في قاعدة عسكرية في العراق، حيث قتل منهم 12 رجلاً هناك.

عدد من المدعين يرون أن شركة بشارات وشركاه، وهي مؤسسة أردنية، قد شاركت في العملية، حيث قامت بنقل عمال من الأردن إلى العراق استناداً إلى عقد مع المدعى عليه "داود وشركاه"، وذلك بصفتها وكيلاً للمدعى عليه نيابة عن المدعى عليهم و/أو كجزء من مؤسسة غير مشروعة للاتجار بالبشر.

«السّجل» حاولت الاتصال بكل من شركتي داود" و"البشارات"، إلا أنها لم تحصل على أي إجابة. وقد أكد زملاء إعلاميون أن الشركتين لا ترغبان في الحديث للإعلام.

الاتجار بالبشر: أسخن قضايا الصيف وأكثرها غموضاً
 
18-Sep-2008
 
العدد 44