العدد 44 - أردني | ||||||||||||||
خالد أبو الخير ارتفاع الأسعار، شبهات الفساد، الاتجار بالبشر، المتاجرة بالبورصات العالمية، اصطفافات وتلاسن وارتفاع وتيرة أصوات تجاهر بإقليميتها، قضايا زادت الصيف الساخن سخونة، وأثارت جدلا واسعا، ولكن الملاحظ أن هذه الملفات، على خطورتها، لم تلق الاهتمام الذي تستحقه من مراكز الأبحاث والدراسات ومنظمات المجتمع المدني ومراكز حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الأخرى، التي يفترض أن تقلقها هذه الظواهر الخطيرة فتعقد حولها الندوات وتناقشها في ورشات عمل وربما مؤتمرات، فهي ليست ظواهر عابرة كما هو واضح، بل هي ظواهر تهدد النسيج الاجتماعي للبلاد. ما حدث في الصيف الذي مضى، هو أن القضايا التي غدت حديث الناس، بعد أن طفت على السطح مؤخرا، قد تفاقمت من دون أن تأخذ الحيز الذي تستحقه من اهتمام مراكز الأبحاث، والتي بدت عاجزة عن الفعل في وسط هذه الإشارات الخطيرة على تردي القيم وتغول النزعات الدونية في المجتمع. هاني الحوراني، رئيس مركز الأردن الجديد، يفسر غياب مؤسسات المجتمع المدني عن قضايا الصيف الساخنة، بأن القيام بنشاطات كهذه يحتاج إلى تحضيرات كبيرة وموارد ليست متوافرة دائما. لكنه يقر بتقصير تلك المؤسسات إزاء هذه الموضوعات التي تحتاج إلى دراسة ومتابعة. وهو يرى أن ارتفاع حدة الأصوات ذات المنطلقات الإقليمية لا يحتاج إلى ندوة، وإنما يحتاج إلى إنشاء تيار ديمقراطي يقدم البديل الصحي لمواجهة طروحاته. عاصم ربابعة، من مركز دراسات حقوق الإنسان، الذي نظم مؤخرا نشاطاً حول حقوق العاملات الوافدات "العاملات في المنازل"، يؤكد أن قضايا الصيف الساخن تشغل تفكيرهم في المركز. وأضاف: "نحن نفكر حاليا في إجراء مراجعة لموضوعات الاتجار بالبشر، وقوانين الاجتماعات العامة، ومدى مواءمة المعايير الدولية لحقوق الإنسان مع تطبيقاتها على المستوى الوطني، كما نقوم بتدريب قضاة ومحامين على تلك المعايير، ونعمل على قانون الجمعيات الذي نراه أهم التحديات التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني في الأردن." التراشقات التي نشبت على خلفية تلك القضايا، وشكلت الصحف ساحتها الرئيسية، كانت الجانب الذي استحوذ على اهتمام رئيس مركز حماية وتدريب الصحفيين، نضال منصور. ويرى منصور أنه ليس في مقدور مركزه، أو المراكز والمؤسسات الأخرى المعنية بتدريب الصحفيين، أن يبني منظومة أخلاق للإعلاميين. "هذه مسألة يجب أن تقوم بها المؤسسات نفسها، والتي يجب أن تكون لديها مدونات سلوك مهني" كما يقول. يضيف منصور: "ننظر بقلق وحزن شديدين لهذا الاشتباك الحاصل في الصحف والمواقع الإلكترونية بين الإعلاميين لتسديد فواتير وصراعات النخب في الأردن"، يشرح منصور، مشيرا إلى مفارقة تدعو للتأمل: "لو نظمنا ندوة حول هذا الشأن، فسوف يأتي الإعلاميون ليقولوا ما نريد قوله عن رفض اغتيال الشخصية والالتزام بالمهنية. المشكلة ليست في الكلام، وإنما في الممارسات والمحددات التي يجب أن تنبع من المؤسسات نفسها. لماذا لا نرى اغتيالا للشخصية وهجمات بلا داع تنبع من «السّجل» مثلا؟ لأن لـ«السّجل» مدونة سلوك وضوابط تمنع حدوث ذلك". ويخلص منصور إلى القول: "غابت المعايير المهنية فطغى العمل غير المهني". مدير مؤسسة شومان، ثابت الطاهر، بيّن أن مؤسسته تركز على النشاطات الفكرية والثقافية، وذلك بحسب توجيهات مجلس الإدارة. لكنه لفت، بكثير من الأسف والألم، إلى متابعته للسجالات الحاصلة، مع تفضيل المؤسسة عدم الدخول في "متاهات" كهذه. يقر فارس بريزات، من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بأن هذه القضايا تأخذ جل تفكير الناس حالياً، و يعد بأن يشتمل استطلاع مرور عام على حكومة نادر الذهبي على كل هذه الموضوعات، مشيرا إلى أن المركز لا يقوم بإجراء استطلاعات منفصلة. الدكتور محمد المصري، من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية أيضا، قال إنه لا يستطيع الحديث عن تجربة مراكز الدراسات الأخرى. أما فيما يتعلق بمركز الدراسات الاستراتيجية تحديدا، فهو، في رأيه، ليس طرفا فيما يجري على الساحة المحلية. إنما هو مؤسسة أكاديمية يتبع لجامعة مهمتها تقديم المعلومات للجميع ونشرها ودراسة الظواهر بشكل علمي. ولفت المصري إلى استطلاع تقييم أداء الحكومة بعد مرور 100 يوم، الذي كان استشرافا لما يحدث الآن. ففي الاستطلاع، وضمن الإجابة عن سؤال: ما هي برأيك أهم التحديات التي تواجه الحكومة؟ جاء في رد قادة الرأي أن أبرز هذه التحديات "تحدي الولاية العامة للحكومة"، وهي المرة الأولى التي يظهر فيها هذا المفهوم في استطلاعات الرأي حول الحكومات. "هذه أمور مرتبطة بصناعة القرار السياسي". كما قال المصري، "ومتى أشار قادة الرأي إلى أمر، فلا بد عاجلا أم آجلا أن يصبح هذا الأمر من القضايا التي يتخذها المواطن الأردني ضمن أولوياته". |
|
|||||||||||||