العدد 7 - اقتصادي
 

تتضارب آراء مسؤولين وخبراء اقتصاد حيال سياسة ربط الدينار بالدولار المعتمدة منذ عام 1995 وسط تراجع متسارع في قيمة النقد الوطني على إيقاع انحسار قوة الورقة الخضراء الشرائية حول العالم. فريق المؤيدين يتكئ في رأيه على انهيار الدينار إلى ما دون النصف عام 1989 حين كان الدينار مرتبطاً بسلة عملات، فيما يحذر المعارضون من أن مواصلة الربط تضعف القيمة الشرائية للدينار وتفاقم عجزي الموازنة والميزان التجاري.

احتدم الجدال الأسبوع الماضي في ضوء تصريحات محافظ البنك المركزي أمية طوقان لرويترز بأن الأردن لا يعتزم رفع قيمة عملته أو التخلي عن ربطها بالدولار الأميركي المتآكل. ويجادل طوقان بأن النقاش حول علاقة الدينار والدولار «مبالغ فيه بشدة ويفتقر إلى الإلمام التام... أفهم أنه بسبب تراجع الدولار لكن أسعار الصرف تتحرك صعوداً وهبوطاً طيلة الوقت. بالتتابع، لا يعتزم الأردن تعديل هيكل احتياطياته النقدية والمرتبط بالتزاماته الخارجية، بحسب طوقان الذي يوضح «أن 70% منها بالدولار و30% باليورو وعملات أخرى.

تصريحات طوقان جاءت غداة مقابلة متلفزة حذّر فيها المحافظ الأسبق محمد سعيد النابلسي من مخاطر الاستمرار بربط الدينار بالدولار.. على أن اقتصاديين لا يشاركون النابلسي هذا الرأي.

الخبير المصرفي سامر سنقرط ، يرى أن «سياسة الربط بسلّة من العملات أثبتت فشلها في السابق رغم الايجابيات التي توفرها». ويستذكر سنقرط المصاعب التي اجتاحت الاقتصاد الوطني أواخر ثمانينيات القرن الماضي نتيجة هذه السياسة وعمليات المضاربة على الدينار.

ويضيف قائلاً إن «ضعف الدولار أمام العملات الرئيسية لن يستمر طويلا». ويرتكز في تحليله إلى أن سلسلة التخفيضات في أسعار الفائدة على الأخضر ستؤدي إلى تحسن أداء الأسهم في أسواق المال الأميركية بسبب هجرة رؤوس الأموال الآسيوية إليها، الأمر الذي سيزيد الطلب على الدولار، ويرفع سعره أمام العملات الأخرى. ويتحدث سنقرط عن إيجابيات «لا يمكن إغفالها مثل تشجيع صناديق الاستثمار على العمل في البورصة رغم أن سياسة الربط لا تنسجم وسياسة الاقتصاد المفتوح التي تنتهجها المملكة».

سنقرط لا يقلل مع ذلك من آثارها السلبية بما فيها صعود معدلات التضخم المستورد، وزيادة عجز الميزان التجاري بسبب ارتفاع حجم المستوردات من أوروبا ما ينعكس على معدل أسعار السلع، ومعدل التضخم المقدر حالياً بنسبة 3ر5%. كذلك يرتفع حجم المديونية بخاصة أن معظمها بعملات أخرى غير الدولار.

على أن وزير مالية أسبق يرى أن سياسة ربط الدينار بالدولار تسببت بخسائر كبيرة للاقتصاد الأردني خلال العامين الماضيين، نتيجة القفزات المتتالية في سعر صرف اليورو مقابل الدولار.

للمرة الأولى يكسر اليورو حاجز الـ1.45 دولار، إذ قفز أمس إلى 1.4684 دولار.

الوزير، الذي طلب عدم نشر اسمه، ينبّه إلى مخاطر استمرار ضعف الدولار أمام العملات الرئيسية وتأثيره على قيمة المديونية الخارجية وقيمة مستوردات المملكة خصوصاً من منطقة اليورو. هذه الانعكاسات ستؤثر صعوداً على معدلات التضخم.

قيمة مستوردات المملكة من دول الاتحاد الأوروبي- التي تشكل ربع إجمالي مستوردات المملكة المقدرة ب 5.19 مليار دينار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي- قفزت بنسبة 9.9 % مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي. فيما يؤكد الوزير أن « تأثر المديونية الخارجية مرهون بعملية السداد، خصوصاً أن هبوط الدولار أمام العملات الرئيسية سيزيد قيمة المبالغ الواجب دفعها لسداد الديون غير المقومة بالدولار».

اليابان- التي ارتفعت عملتها مقابل الدولار- تتصدر لائحة الدول الدائنة، إذ تستحوذ على خمس الدين الخارجي المقدر بسبعة مليارات دولار. ويمتد تأثير المديونية ليشمل الديون المترتبة على المملكة بالعملة الأوروبية والبريطانية، بعد تفوقهما على الدولار في الآونة الأخيرة. إذ تشكل الديون بالجنيه الإسترليني 9.6 % ، فيما تشكل باليورو 22.3 %.

يبقى الخلاف حول هذه المسألة أمراً طبيعياً ومشروعاً بين الفرقاء، إلا ان الطرفين يؤكدان أهمية اتخاذ إجراءات تقلل الأثر السلبي لهاتين السياستين. إذ يقترح الفريق المقتنع بالربط إمكانية وضع رصيد من العملات الأخرى لتجنب الآثار السلبية ، فيما يرى الفريق الثاني ان تجاوز الانعكاسات السيئة لسلة العملات ممكن من خلال فرض رقابة مشددة على الصرافين و تجار العملات لمنع نشوء سوق سوداء للعملات.

الدينار يتأرجح بين التشبث بالدولار والقفز إلى سلة العملات – جمانة سليمان
 
27-Dec-2007
 
العدد 7