العدد 43 - زووم | ||||||||||||||
خالد أبو الخير أعشق لحظة الإفطار.. الشوارع الخالية والدروب التي تتلوى.. أفق الغروب الأرجواني الذي يسير وئيداً إلى حيث تستيقظ الظلمة. جموع الصائمين يهرولون صوب الموائد. وقتٌ من الصمت يلي.. تستريح فيه الشوارع من خطى العابرين. ... قبل عمر ونيّف.. كنت صغيراً بعمر الطلقات الأولى في حروب تتالت على هذا الشرق الموغل في المعاناة.. كنايٍ مكسور أو كعنقٍ حزّته سكّين. كنتُ يومها منهمكاً باللعب مع أترابي (الغمّيضة)، حين هيمن على المدى جوٌّ رمضاني لا يخطئه القلب. نزعتُ نفسي من اللعب وأصغيت لحوار الهواء.. ماذا قال الهواء..؟ ... اليوم.. بعد عمر ونيّف. بعد رحيل ونيّف.. بعد نفيٍ ونيّف.. أمرّ في الدروب، ذات الدروب.. أقرأ ما خطّته أقدام الغرباء على أرصفةٍ حجرُها أصفر لفرط ما تعتَّق. أعود.. إلى حارتي القديمة.. رائياً كم صغرت أسوارُها وجدران بيوتها، لأننا استطلنا في الكِبَر. أفتش عن رفاق صغار.. يصرّ القلب أنهم لم يكبروا أبداً. أودّ كطفل تائه، أن يلتقط أحدٌ يدي، ويدلّني على المكان الذي اختبأوا فيه.. على مائدة إفطار.. على رائحة طهو.. على نداء أمي.. على صوت أذان. لحظتها يهيمن على الأفق جوٌّ رمضاني لا تخطئه الروح.. فأشلح آخر كلماتي.. وأنخرط في المدى. |
|
|||||||||||||