العدد 43 - أردني | ||||||||||||||
في حجرات ضيقة ازدحمت بالمقاعد والطلبة، يجلس عدد من التلاميذ أمام شاشات حواسيب محدقين في الإيقونات الموجودة على سطح مكتب الجهاز لمدة استغرقت الجزء الأكبر من الحصة التي لا تتجاوز 45 دقيقة، أما ما تبقى من وقت فلم يكن كافياً لأستاذ الحاسوب لكي يشرح لطلبته الكثير عن الكومبيوتر، أو الحاسوب. مثل هذا المشهد يتكرر مع طلبة من مختلف الأعمار يتسابقون للجلوس على مقاعد متهالكة، للعمل على تجهيزات يصفها مدرس حاسوب بالتجارية، فهي لم تستطع الصمود أمام العدد الكبير من المستخدمين من الطلبة في الغرف الصفية. وعلى الرغم من الجهد الحكومي، فإن التجهيزات في الغالب مرتجلة، حيث تم تجهيز غرف الحاسوب بمقاعد وطاولات مصنوعة من نوع من الخشب سرعان ما بدأ يعانى من التلف، جراء الاستخدام الكثيف ورداءة النوعية، بحسب محمد، أستاذ حاسوب في مدرسة حكومية في الزرقاء. ربما كان هذا نوعا من التطبيق السيء لمشروع جيد وطموح كانت وزارة التربية والتعليم قد بدأته قبل أعوام، لإدخال الحاسوب وعلوم التكنولوجيا في المناهج التعليمية للمدارس، ففي العام 2002 بدأت الوزارة في تنفيذ مشروع "التعليم نحو الاقتصاد المعرفي"، الذي بلغت كلفته 280 مليون دينار تقريبا، والذي يقوم على أساس التكامل بين الخطط التربوية، وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة". وفي منتصف العام 2005، أطلقت وزارة التربية والتعليم مشروع تعليم الكومبيوتر، في المدارس، حيث قامت بتزويد الغرف الصفية في جميع المدارس الحكومية بأجهزة للحاسوب، بوصفها وسيلة تعليمية، كما وفرت إلى جانب جهاز الحاسوب، جهاز عرض البيانات «Data show". هذا المشروع الذي حمل اسم «حاسوب لكل صف»، (عدد الغرف الصفية في مدارس المملكة الأساسية والثانوية كافة يناهز 35 ألف غرفة)، تم الانتهاء من تنفيذه مع نهاية العام 2007. وفي موازاة خطط الحوسبة التي نفذتها، عملت الوزارة على تدريب المعلمين وتأهيلهم في مجال الحاسوب ليكونوا قادرين على استخدام أحدث تقنيات التعليم الالكترونية، وقد استفاد من هذه الدورات، التي تعرف باسم دورات الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب "ICDL"، نحو 52 ألف معلم التحقوا بهذه الدورات التي عقدتها الوزارة للمعلمين، والتي كانت تتم في الغالب خارج أوقات الدوام الرسمي، حيث عمدت الوزارة إلى وضع علاوة خاصة رصدت لها نحو 15 ديناراً، وكانت تمنح لمن يجتاز الدورة بنجاح. وقد اقتطع المبلغ من موزانة وزارة التربية والتعليم التي تستحوذ على ما نسبته 10 في المئة من موازنة الدولة، إذ يقدر عدد المدارس في المملكة بنحو 5680 مدرسة، وعدد المعلمين بنحو 90 ألف مدرس، وعدد الطلبة بنحو 600 ألف طالب، بحسب آخر إحصاءات وزارة التربية والتعليم. المشروع المشار إليه، كان المرحلة الإستراتيجية الثانية التي نفذتها الدولة في إطار خطة منهجية عملت الوزارة بموجبها على إدخال الحاسوب وسيلة تعليمية حديثة إلى مدارسها، بما يمكن المعلمين من الاستعانة بأحدث التقنيات العالمية في تدريس جميع المباحث، حيث تم تجهيز المدارس بنحو 120 ألف جهاز حاسوب في العام 2006، ما يعني أن نسبة عدد الطلبة إلى الأجهزة هي 8 طلاب لكل جهاز. هذه التجربة في إدخال علوم الحاسوب ضمن مناهج وزارة التربية، على الرغم مما قد يعتريها من نواقص، كانت ذات فائدة كبيرة بالنسبة لكثيرين، كما يرى محمد، فقد تمكن عدد من الطلاب من دراسة علم الحاسوب في الجامعات اعتمادا على ما كانوا تعلموه في هذه المدارس المكتظة، وفي الحصص القصيرة زمنيا بكل المقاييس، وبدافع من رغبتهم في تعلم المزيد بعد ما تعرفوا على القليل حول الكومبيوتر في المدرسة. ففي قرية بيرين، في الزرقاء، لا يمر يوم على خالد الطالب في المرحلة الإعدادية، من دون أن يحصل على عمل له في أحد المنازل، فهو عرف بقدرته على إصلاح أجهزة الحاسوب التي تصاب بأي نوع من العطل في القرية. في معظم الحالات يكتفي خالد بتقاضي أجر رمزي مقابل إصلاح أعطال في أجهزة أهل القرية، أو مقابل استشارات فنية، إذ يحدث أن يطلب من أبناء القرية الذين تتعطل أجهزة الحاسوب لديهم لسبب أو لآخر، استبدال القطع المعطوبة، أو إحضار الجهاز إلى منزلة من أجل إصلاحه مقابل 2 دينارين في اليوم الواحد. خالد تعرف على الكومبيوتر في مدرسة القرية، فهو تعلم على يد معلم الحاسوب في المدرسة، إلا أنه يرد معرفته بالكومبيوتر أيضا إلى الجهد الكبير الذي بذله لتطوير نفسه، وإلى رغبته الكبيرة في تعلم المزيد عن هذا العلم الذي لا يكف عن التطور. |
|
|||||||||||||