العدد 43 - أردني | ||||||||||||||
بعد دخول شبكة الإنترنت إلى القطاعات الحيوية في المجتمع، كان طبيعيا، بعد التطور الهائل الذي طرأ عليها، أن تدخل إلى جميع مناحي الحياة، وفي مقدمتها المدارس والجامعات، والمؤسسات الأخرى التي تستفيد من الكم الهائل من المعلومات المتوافر على الشبكة؛ مثل الصحافة والبنوك والمؤسسات الخدمية. وقد قطع الأردن شوطاً كبيراً في هذا المجال من خلال الربط الإلكتروني للمدارس، وإطلاق مشروع الحكومة الإلكترونية. ففي القطاع التعليمي تم إنشاء منظومة التعلم الإلكتروني للمدارس ، وتم العمل من خلالها على حوسبة المناهج الدراسية، وتحويل التقارير المدرسية إلى تقارير إلكترونية في كثير من المدارس. وبدأت بعرض الدرجات من خلال هذا الموقع. وقد بدأت وزارة التربية والتعليم بعرض نتائج التوجيهي على شبكة الإنترنت منذ أوائل هذا العقد، وبدأ التعاون مع شركات الكومبيوتر العالمية لإتمام عملية الربط الإلكتروني لجميع المدارس في المملكة، وذلك ضمن مبادرة التعليم الأردنية التي تتخذ من التعليم التقني أساساً لها. أما في الجامعات فقد تم العمل على ربط الجامعات الرسمية وكليات المجتمع بشبكة اتصالات تعليمية، باستخدام شبكة الألياف الضوئية، حيث تم تأسيس شركة غير ربحية للجامعات لهذه الغاية، من خلال وزارة التخطيط في العام 2004، وتم العمل بمشروع الألف حاسوب في الجامعة الأردنية، من خلال المختبرات الحاسوبية المنتشرة في جميع الكليات. وتعمل جميع الجامعات على زيادة الخدمات المقدمة من خلال موقعها الإلكتروني وعبر أجهزة الخلوي؛ من تسجيل للمواد واستعلام عن أوقات التسجيل، وعرض لأخبار الجامعة، واستبدلت أنظمة التسجيل اليدوية بأخرى إلكترونية مما سهل عملية التسجيل على الطلبة. وانطلقت الصحف الإلكترونية لتشكل منافساً قوياً لمثيلاتها الورقية، فحجزت لنفسها مكاناً بين مصادر الخبر في العالم، وانتشر هذا النوع من الصحافة في العالم ليصبح موازياً للصحف العادية. فلم يعد المثقفون ومتتبعو الأخبار، ينتظرون الجرائد الورقية عند صدورها في ساعات الصباح الباكر، بل أصبحت شبكة الإنترنت هي المصدر الأول والأسرع للوصول إلى الأخبار. وفي مراكز الصحف، كان للإنترنت الأثر الكبير في تقصي جميع أخبار العالم، وتطوير المبادئ الصحافية من خلال الوصول السهل للمعلومة الصحيحة، إضافة إلى تداول الأخبار بين الصحفيين من خلال المدونات والمواقع الاجتماعية، التي باتت هي الأخرى مصدراً كبيراًَ لانطلاق الأخبار. وبهذا فقد أصبح للخبر مصادر متعددة، وشبكات المراسلين المنتشرة حول العالم، وسهولة إرسال الأخبار ونشرها على المواقع، ساعد على صدور الخبر على المواقع وقت حدوثه. ويقول هاشم الخالدي من موقع سرايا الإخباري، إن الصحافة الإلكترونية نجحت في استقطاب آلاف القراء داخل الأردن وخارجه، فأصبحت تعتمد عليها بدلاً من الصحافة الورقية. «سقف الحرية منخفض في الصحف الورقية، ولا تسمح للمواطن كتابة ما يشاء، ولا تفتح الباب أمام الكتاب المبدعين والشباب لعرض كتاباتهم، بعكس الصحافة الإلكترونية». ويذكر أن الإعلام الإلكتروني ساعد في تحريك الإعلام الرسمي الراكد، بسبب المنافسة وتعدد مصادر الخبر أمام القارئ. في القطاع التجاري أصبحت شبكة الإنترنت هي المكمل لعمل المؤسسات والشركات، فعمدت إلى إنشاء مواقع إلكترونية لها، تعرض من خلالها الخدمات والمعلومات، وأقامت البنوك ما يسمى بالبنوك الإلكترونية، وقد ساهم كل هذا في تخفيف الضغط على هذه المؤسسات وخفض كلفة الخدمات وتوفير وقت العملاء. وتعاني هذه المواقع من خطر الاختراق، مع ظهور ما يسمى بالجرائم الإلكترونية، التي انتشرت بموازاة انتشار هذه الشبكة. وانتشرت مواقع التسوق الإلكتروني بكثرة، ودخلت المجتمعات العربية مؤخراً، في ظاهرة ممكن أن تغير وجه التسوق العالمي. وتقول فريدة التي بدأت التسوق على الإنترنت قبل أكثر من عام، إن الكثير من الماركات العالمية غير متوافرة في الأردن، فتعمد إلى شراء حاجياتها من خلال الإنترنت «الأغراض عنا بتكون غالية مشان الجمارك، ورسوم الشحن أقل بكثير، وإحنا عنا ثقة بالمنتجات الأجنبية اللي بتيجي من برا». ويشاركها هذا الرأي الكثير من الفتيات اللواتي يتتبعن الموضة، وتجد ضالتها في المواقع العالمية. ويقول سليمان حداد من موقع سوق الإلكتروني الأردني، إن التسوق عبر الإنترنت قد ازداد انتشاره في السنتين الأخيرتين، مع ازدياد اعتماد الناس على الشبكة، وما زال هذا السوق يحتاج للتحكم والسيطرة من قبل القائمين عليه، وعن مشكلة عدم الثقة يقول: «التجربة تساعد المتسوقين على الثقة بهذا النوع من التسوق، ومتابعة المستخدمين والتطوير المستمر على الموقع، هو ما يحفزهم على العودة مرة أخرى». ويتوقع أن تشهد هذه الظاهرة ازدهاراً في السنوات المقبلة، مع التطور الذي يصيب جميع مناحي الحياة، والذي سيشمل التسوق، وسيصبح بديلاً عن الأسواق التقليدية. وبهذا ساعدت شبكة الإنترنت المؤسسات التعليمية والتجارية على حد سواء، في تحسين خدماتها ورفع مستوى العمل فيها، وذلك من خلال استبدال أنظمة الملفات الورقية بقواعد البيانات الإلكترونية، ما سهل عملية البحث عن المعلومات واسترجاعها. ولكن هذا يتطلب تدريب العاملين والموظفين على استخدام الكومبيوتر والإنترنت، ما حدا بوزارات التربية إلى إدخال مناهج الحاسوب للصفوف الأساسية، فالأمية الجديدة في مجتمعاتنا الآن هي الأمية التكنولوجية وليس أمية القراءة والكتابة. |
|
|||||||||||||