العدد 43 - أردني | ||||||||||||||
محمد عدي الريماوي في أواخر الستينيات، أطلقت وزارة الدفاع الأميركية مشروع Arpanet، وكان الهدف المعلن لهذا المشروع هو ربط الجامعات بالمؤسسات ومراكز الأبحاث، للحصول على استغلال أمثل للقدرات الحسابية لأجهزة الكومبيوتر المتوافرة لديها. ولكنه كان أيضا البذرة الأولى لإطلاق الشبكة التي تغطي الكرة الأرضية بأكملها: شبكة الإنترنت. ورغم ذلك، فإن الشبكة لم تعرف الانتشار سوى في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وبعد ذلك بدأ التوسع في صورة مطردة، إذ قدر البعض نسبة توسعها بنحو 100 بالمئة سنوياً، حتى وصل انتشارها إلى ما هو عليه الآن، واليوم نعرف أن هذه الشبكة دخلت جميع مناحي الحياة تقريبا. وقد دخل الإنترنت رسمياً إلى الأردن في العام 1995، وبدأ مركز المعلومات الوطني بإنشاء البنية التحتية للشبكة، وفي العام التالي أطلق في المملكة أول مزود للخدمة، وكان العام 97 هو بداية تسجيل النطاقات الأردنية على الإنترنت. بعد ذلك بدأت شركات تزويد الخدمة بالتنافس فيما بينها، وانتشرت الإنترنت بشكل واسع في جميع أرجاء الأردن. والآن، فإن هناك أكثر من عشر شركات تقدم هذه الخدمة، وأعداد المشتركين فيها بازدياد مستمر، مقابل انخفاض في أسعار الاشتراكات، فيما تم تأسيس شركات أخرى تعمل على تقديم خدمة الإنترنت بشكل مختلف، أي بدون الحاجة إلى خط أرضي وبسرعات عالية، وقد دخلت مؤخراً شركات الهواتف النقالة على الخط، وأصبحت تعرض خدمة تزويد الإنترنت على مشتركيها. وقد تعددت الخدمات التي يقدمها مزودو الإنترنت لزبائنهم، فبعد اقتصار الخدمة لفترة طويلة على Dial-Up، وهي عملية تشبه الاتصال بهاتف آخر يقوم بدوره باستدعاء طلب الخدمة في كل مرة وبسرعات بطيئة، انتشرت أنواع حديثة من الخدمات مثل Broadband، أو الحزم العريضة التي تقدم الإنترنت على مدى أربع وعشرين ساعة وبسرعات عالية، إضافة إلى خدمات جديدة أخرى مثل WiMax، التي لا تستدعي وجود خط أرضي، بل تعتمد على أبراج الاستقبال التي تعدها الشركة، وتقدم شركتان فقط هذه الخدمة حتى الآن في الأردن. أما عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن فقد بلغ 1.1 مليون مستخدم مع نهاية الربع الأول من العام الجاري، وبنسبة انتشار وصلت 18.2 بالمئة، وجاء الأردن في المرتبة السادسة بين دول الشرق الأوسط من حيث عدد المستخدمين، وفي المرتبة التاسعة من حيث نسبة الانتشار بين المستخدمين، والتي تأخذ بعين الاعتبار عدد سكان الدولة في مؤشرها. وتجاهد الحكومة لرفع نسبة انتشار الإنترنت في الأردن إلى 50 بالمئة بحلول عام 2011، وذلك ضمن استراتيجية خاصة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أطلقت قبل بضعة أشهر. وبحسب إحصاءات محلية، تضاعف عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن بواقع 7.85 مرة خلال الفترة من كانون الأول 2000 حتى آذار 2008، حيث ارتفع عدد المستخدمين من 127 ألف مستخدم في العام 2000 إلى 1.1 مليون مستخدم اليوم. ويعود هذا إلى انتشار الشركات المزودة للإنترنت، وانخفاض أسعار الاشتراكات. وتوصف شبكة الإنترنت بأنها "شبكة شبكات"، وقد اشتقت الكلمة من كلمتي Interconnected Network، والتي تعني الشبكات المتداخلة، ويخلط البعض فيطلق على الإنترنت الشبكة العنكبوتية التي يراد بها World Wide Web ومن هنا جاءت أحرف www التي نكتبها قبل اسم كل موقع، فالشبكة العنكبوتية هذه ليست إلا إحدى خدمات الإنترنت إلى جانب خدمات أخرى مثل البريد الإلكتروني ونقل الملفات والتخاطب الآني (التشات). وتوصف شبكة الإنترنت في علم الشبكات بأنها ذات "تصميم سهل"، لأنها تقوم بعمل وحيد أولي وبسيط، وهو إيصال رسالة رقمية بين عقدتين ويقصد بالعقدة (node) أي كل جهاز متصل بالشبكة، ويكون لكل منهما عنوان مميز بطريق "التخزين والتمرير"، وعبر هذه الطريقة يتم إرسال جميع البيانات الرقمية من صور ونصوص وملفات مختلفة. وتعتبر منظمة ICANN ومقرها كاليفورنيا في الولايات المتحدة، بمثابة "حكومة الإنترنت". وقد تأسست العام 1998، وهي مختصة بتوزيع وإدارة العناوين وأسماء المجال التي تتبع للدول (.jo, .uk) وتخصيص أسماء المواقع العليا (.com, .net)، وتدير ما يسمى DNS في معظم الدول، وهي الجهة المسؤولة في كل دولة عن إعطاء النطاقات (أسماء المواقع)، وتشرف عليها وتراقبها. واتسعت النطاقات التي تقدمها المنظمة، فبعد اقتصارها في البداية على .com التي كانت مخصصة لأغلب المواقع، وبعض النطاقات الأخرى مثل .gov التي خصصت للمواقع الحكومية،و.edu التي خصصت للمواقع التعليمية التي أخذت حيزاً واسعاً على شبكة الإنترنت، أما الآن، فقد أصبحت هناك بعض النطاقات الحديثة مثل .aero, .biz, .jobs, .name, .travel وهي نطاقات لم تنتشر بين المواقع العربية، وما زالت مقتصرة على الأجنبية منها. ويتمتع بخدمات الإنترنت التي تشمل الشبكة العالمية (المواقع المختلفة) والبريد الإلكتروني، والتسوق والتخاطب عبر الشبكة نحو 20 بالمئة تقريباً من سكان العالم، بحسب الإحصاءات الدولية، وبالنسبة لعدد السكان، يعد الإنترنت الأوسع انتشارا في بعض دول أوروبا، ففي هولندا والنرويج تبلغ نسبة مستخدمي الإنترنت 90 بالمئة من السكان، أما في الدول المصنعة مثل أميركا واليابان فتبلغ النسبة نحو 70 بالمئة، ورغم أن الصين تضم أكبر عدد من المستخدمين، نحو 220 مليون شخص، فإن نسبتهم لا تتجاوز 20 بالمئة من عدد السكان. أما في الدول العربية فإن مصر تأتي على رأس القائمة من حيث العدد، بما يزيد على 7 ملايين مشترك، في حين تعد دولة الإمارات العربية المتحدة الأكبر من حيث النسبة، إذ يشترك في هذه الخدمة نحو 40 بالمئة من عدد السكان. وتستمر هذه الشبكة بالانتشار على نطاق واسع، فدخلت في أجهزة الدولة ومؤسساتها من خلال مشروع الحكومة الإلكترونية، ومحاولات ربط المؤسسات بشبكة واحدة، وبهذا فإن الإنترنت التي بدأت تغزو معظم البيوت الأردنية، ومن المتوقع أن تسيطر في المستقبل القريب على مجالات جديدة في الحياة، من خلال تطبيقات واستخدامات تعمل على تسهيل حياة الناس وزيادة التواصل بينهم. ** الحزم العريضة (Broadband ) الحزم العريضة، وهي تقديم خدمة الإنترنت بسرعات عالية، ففي حين توفر خدمة Dial-up بحدها الأقصى 56kb (Kilobyte)، وتعني حجم البيانات المنقولة في الثانية) فإن أي خدمة تقدم 256kb فما أكثر تعتبر من الحزم العريضة. وتوفر هذه الخدمة (في الأردن) من 512 إلى 1 ميغا أو 2 ميغا، في حين تصل سرعة تناقل المعلومات إلى 40 ميغا أو 60 ميغا بحسب التقنية المتوافرة. ومن أشهر أنواع هذه الخدمة DSL التي انتشرت كثيراً في الأردن في الفترة الأخيرة، والنوع الموجود في الأردن هو ADSL وهي كلمة مكونة من الأحرف الأولى من عبارة Asymmetric Digital Subscriber Line، وتعني الخط الرقمي غير المتماثل، أي أن سرعة تحميل البيانات للشبكة لا تساوي سرعة تنزيلها منها. إضافة إلى الشبكات اللاسلكية، التي تضم Wi-Fi وWiMax والتي انتشرت في كثير من المناطق العامة في الأردن. وهناك تقنيات مثل الألياف الضوئية (Fiber Optics) أو الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، التي لم تنتشر بعد هنا، وتتميز بسرعات عالية جداً وقدرة على نقل البيانات والملفات الكبيرة، وبالتكلفة العالية لها. وخلافاً للتقنية العادية، تعتمد هذه التقنية على استخدام خطوط أخرى لنقل المعلومات عبر الإنترنت (بوابة مستقلة)، وذلك بدلاً من الاعتماد على خط الهاتف العادي، كما هو الحال في dial-up الذي كان يتسبب في شغل الهاتف طوال الوقت. وقد ساعدت هذه التقنية كثيراً على عرض أفلام الفيديو على الإنترنت، ومتابعة الأحداث المباشرة، إذ إن حجم البيانات المنقولة عبر التقنيات السابقة لم يكن يسمح بمشاهدة الفيديو بطريقة طبيعية، ما سمح بفتح أسواق جديدة لعرض البرامج والأفلام عبر الشبكة. وتعمل مجموعة من الشركات الآن على التوصل إلى تقنية توصيل الإنترنت عبر الترددات التلفزيونية غير المستعملة. ** التشبيك (Networking ) ظهر مؤخراً مصطلح "التشبيك الاجتماعي" في مجتمع الإنترنت، ويدل على إقامة العلاقات وانطلاقها من الشبكة، وتقود بعض المواقع هذه الظاهرة وأشهرها Facebook وMySpace. وقد انطلقت بعد ذلك كثير من المواقع التي تقوم على الفكرة نفسها. وفيها يعمل أي شخص كان بوضع ملف شخصي عنه (Profile) للحديث عن نفسه واهتماماته، ثم يبدأ باختيار أصدقائه، الذين يكون بعضهم من عائلته وجيرانه، وبعضهم من المشتركين بهذا الموقع. وقد أصبحت هذه الأفكار مدار بحث ونقاش، فقد أثير حديث عن جدوى هذه المواقع والغاية منها، ومنع كثير من الحكومات الشمولية تداولها لأنها تعبر عن حرية الرأي. وتعتبر هذه المواقع امتداداً للمدونات التي انطلقت قبل نحو ثلاث سنوات، فالمدونات هي عبارة عن مساحة تتيحها الكثير من المواقع على الإنترنت، والتي تسمح للجميع بالتعبير عن آرائهم في شتى المواضيع بحرية، ويفتح المجال للقراء للرد على هذه الكتابات، مما يفتح مجالاً واسعاً للنقاش بين مرتادي هذه المواقع والمدونات. أما مواقع التشبيك فتقوم على إقامة علاقات خيالية بين أشخاص، عادة ما يكونون لا يعرفون بعضهم البعض، ولكن تبدأ بينهم صداقة وربما ما هو أبعد من ذلك، فقد نشر قبل شهور خبر عن "زواج الفيسبوك"، إذ التقى شاب وفتاة من خلال هذا الموقع، وتطورت علاقتهم إلى الزواج. وهنالك كثير من الأحداث التي انطلقت من هذا الموقع، كالإضراب الذي دعا إليه ناشطون مصريون قبل شهور من خلال الفيسبوك. ويتحدث كثير من الخبراء عن "مجتمعات فضائية" يقيمها الشباب، حيث يتم إقامة التجمعات والتحاور فيها. وفي موقع الـFacebook جرت انتخابات لاختيار رئيس الموقع، في حين يحفل الموقع بالكثير من التطبيقات التي تتناول جميع مناحي الحياة، مثل بناء المدن والتخطيط للسيطرة على العالم، وتبرز الآراء السياسية والأفكار المنتشرة بين أفراد المجموعات التي ينشئها الشباب من خلال هذه المواقع. وما زال الجدل قائماً حول فائدة هذه المواقع، وعما إذا كانت بلا فائدة ومضيعة للوقت، أو أنها تساعد في بناء مجتمعات شبابية جديدة قائمة على الحوار واحترام الآخر. ولا شك أن هذه المواقع تساعد على خلق فكر جديد للشباب، بعيداً عن القمع وسلب الحريات. |
|
|||||||||||||