العدد 43 - أردني | ||||||||||||||
منصور المعلا على بوابة منزل ذويه المتهالك في قرية حوشا، يقف علي الخالدي إبن السادسة عشرة ربيعا في انتظار عدد من زملائه للذهاب للتجول وسط الإحياء و الظفر بسهرة عند أحدهم. الشاب الذي خط شاربه وخشن صوته عندما كان في الثانية عشر من عمره، كان قد اندفع إلى تحصيله شهادة قيادة الحاسوب الدولية (آي سي دي إل) (ICDL) ليكون بذلك الأول من أبناء البادية الأردنية الذي يحصل على هذه الشهادة، على الرغم من عدم امتلاكه أي جهاز حاسوب. عندما حصل علي على الشهادة، نشرت الصحف قصة الشاب الذي تفوق على مدرسيه في مدرسة حوشا، حيث لم يتمكن أي منهم من اجتياز الامتحان، ما جعله يصبح محط إعجاب وتقدير الجميع. وتسابق عدد من مدارس المملكة الخاصة في عمان على إخطار أهله بأنهم على استعداد لتحمل تكاليف دراسته حتى الانتهاء من الثانوية العامــــة، وقام متبرعون بتأمين جهاز حاسوب حـــديث للشاب من أجل التعلم وتطوير مهارتـــه، إلا أن ذويه، على ما يستذكر علي، رفضوا القرار بشدة متذرعين ببعد المكان وبأنــه أكبر أخوته الذكور، وأن غيابه عن المنزل سيــترك فراغا لا يحتملونه. علي لا يشعر بأنه حرم من فرصة حقيقة لتغيير حياته، فهو بات اليوم يتقاضى أجرا مرتفعا لقيامة بإصلاح العديد أجهزة الحاسوب في قريته، قبل أن يتوسع في عمله والتحق بدوام جزئي في أحد محلات الانترنت في مدينة اربد. على تمكن من توفير دخل ساعد والده، الذي يعمل سائق سيارة بيك آب، في تأمين أقساط شقيقته التي تخرجت من جامعة اليرموك في تخصص علم الاجتماع، بالإضافة إلى شرائه جهاز حاسوب لإخوته الأربعة الصغار لكي يتعلموا عليه. في غرفة مغلقة بجانب بيت العائلة، يحتفظ علي بعشرات الأجهزة المعطلة، والتي يقوم في معظم الأحيان بتجميع قطعها وأخذ أجزاء منها لإصلاح أجهزة أخرى. يقول "أكاد أعرف كل الأعطال التي تعاني منها أجهزة الحاسوب في القرية". علي غير نادم على بقائه بقرب ذويه، إلا أنه اليوم، وهو على أبواب الثانوية العامة، يعتزم دراسة هندسة الحاسوب في جامعة حكومية عن طريق مكرمة متقاعدي القوات المسلحة . أم علي تصر على تقديم "شاي بالقرفة" للضيوف، فيما يلهج لسانها بالدعاء لابنها بالنجاح وطول العمر. وتضيف "كل أهل القرية يأتون إلى علي، وهو ما يقصر معهم"، إلا أنها تلوم ابنها على حيائه من أبناء القرية، بحيث يرضى بما يقدمونه له دون أي مفاصله. وتضيف، فنما علي يحاول تغيير الموضوع، "إن إصلاح الجهاز يكلف في اربد عشرين دينارا، أجرة يد فقط، بينما لا يدفعون له هنا سوى 5 دنانير". علي لا يرغب في طلب مبالغ مرتفعة على إصلاح الأجهزة، كون الكثير من أبناء قريته هم في الواقع فقراء. في وداع العائلة التي يطل بيتها المقام على سفح جبل يطل على مدينة إربد تمنى علي علينا العودة في قادم الأيام وإبقاء الصله للاطلاع على واقع القرية ومتابعة ما أذا كان المستقبل يخبيء له وعدا بالنجاح، أو بالفشل. |
|
|||||||||||||