العدد 42 - أردني | ||||||||||||||
تعلن الحكومة أوقات الدوام الرسمي الجديدة، وتستعد شرطة السير والأمن العام لضبط الازدحام في مناطق عمان المختلفة، تنشط جمعية حماية المستهلك لمراقبة الأسعار وضمان عدم ارتفاعها الجنوني، وتراقب وزارة الأوقاف عمل الجمعيات الخيرية، ولجان التبرعات المنتشرة عند المساجد. هذا بعض ما يحدث عند اقتراب شهر رمضان، ومع الدخول فيه، تزداد وتيرة هذه الإجراءات، ويبدأ الجميع في هذا الشهر في حالة استنفار تستمر 30 يوماً. استعدادات المجمعات التجارية والأسواق هي الأكبر والأوسع في رمضان، فالضغط الهائل الذي تشهده هذه الأماكن تصعب السيطرة عليه، وتنفد الكثير من الحاجات الأساسية في أوائل أيام هذا الشهر، ما يسبب ارتفاعاً في الأسعار وضغطاً متزايداً على هذه الأسواق. فتنشط جمعية حماية المستهلك التي تدعو إلى ترشيد الاستهلاك وضبط النفقات، وتعمل هذه الجمعية على مختلف الصعد لإنجاح حملتها، فيبدو وكأننا سندخل في حالة طوارئ شاملة، وليس على شهر صوم وعبادة. يقول الدكتور محمد عبيدات، رئيس جمعية حماية المستهلك، إن النصائح والإرشادات يتم توجيهها بالدرجة الأولى لربات البيوت، بهدف ترشيد الاستهلاك والتقليل من شراء الحاجيات؛ فالضغط الكبير على الأسواق يؤدي بالنتيجة إلى قلة المعروض، وبالتالي إلى رفع الأسعار. وبالدرجة الثانية تناشد الجمعية الأسر بطبخ كميات مناسبة، تكفي العائلة من دون تبذير أو إسراف. وعن تعاون وزارة الصناعة والتجارة يذكر رئيس الجمعية أن تعاون الوزارة موجه، بالدرجة الأولى، لخدمة التجار: "الوزارة لا ترغب في تقديم المساعدة بشكل يتناقض مع مصلحة التاجر، فالأسعار تستمر في الارتفاع ولا يوجد رقيب عليها". وتسعى الجمعية لنشر هذه النصائح من خلال استخدام وسائل الإعلام المختلفة مثل الصحافة والإذاعة. وتظهر في الجانب الآخر جوانب مترفة للاستهلاك في هذا الشهر، من خلال تنظيم الفنادق لموائد إفطار وبوفيهات كبيرة، تصاحبها استعراضات وتقديم فقرات ترفيهية، وترتفع أجور هذه "الحفلات" لتصل إلى مبالغ خيالية. أحد الفنادق في عمان أعلن عن تنظيمه سبع حفلات طوال الشهر، لإحدى الكوميديين العرب، مع إفطار تصل تكلفته إلى ما يزيد على 80 دينارا. إضافة إلى المطاعم التي تشهد ازدحاماً شديداً، وضغطاً هائلاً من المواطنين، وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار وجباتها الذي يتزايد في كل عام. ويعلق الدكتور محمد عبيدات: "هذه سلوكيات اقتصادية غير إنسانية، فالأموال التي تصرف في هذه الأماكن، تعبر عن عدم اهتمام هذه الطبقة بباقي أفراد المجتمع". فمظاهر البذخ والترف انتشرت في كثير من الفنادق والمطاعم، بطريقة تتنافى مع قيم هذا الشهر. وتعمل وزارة الأوقاف على ضبط الجمعيات الخيرية العاملة في رمضان، وجامعي التبرعات عند المساجد، فازدياد أعدادهم في شهر رمضان يحتم تنظيم عملهم وترتيبه، فكثير من الناس يتعرضون للخداع عند تبرعهم لهذه المؤسسات، والأموال لا تذهب دائماً للمحتاجين إليها، والكثير من هذه الجمعيات لا تتضح طبيعة عملها تماماً. ويسمح فقط، بحسب قوانين الوزارة، للجان بناء المساجد ولجان الزكاة بجمع التبرعات، ولكن على أرض الواقع فإن أبواب المساجد تمتلئ بالمتسولين وبلجان لا حصر لها، لا يعرف المصلون عادة إذا كان ما يقولونه صحيحا أم لا، فلا وسيلة للتحقق في هذا الازدحام. في حين تنظم وزارة الأوقاف الصلاة، من خلال تزويد بعض المساجد بالأئمة والعمل على تكثيف الدروس والمواعظ في هذا الشهر، إضافة إلى التنظيم المسبق لليلة القدر التي تشهد ازدحاماً كبيراً في معظم المساجد. رمضان في أحد جوانبه فرصة للمتسولين الذين ينتشرون في كل مكان، خصوصاً عند الأسواق التجارية وأمام البنوك، وما زالت وزارة التنمية الاجتماعية تكافح هذه الظاهرة، وتدعو المواطنين للمساعدة بالتبليغ عن هؤلاء، وكثير منهم ليسوا فقراء، بل إن أكثر من نصفهم يملك مصادر دخل أخرى بما في ذلك صندوق المعونة الوطنية، بل ويتلقى بعضهم راتباً تقاعدياً من مؤسسة الضمان الاجتماعي. وربما كان ذلك لمعرفة "المتسولين" بأن رمضان، بالنسبة لبعض الناس، هو شهر العطاء والصدقة. استعدادات الدولة لرمضان تبدو وكأنها تجهيز لمواجهة إعصار مدمر أو حرب شاملة، يفسر ذلك أن المواطنين قد تغيرت نظرتهم إلى هذا الشهر، فمستويات الاستهلاك المرتفعة وحالات الازدحام الشديدة تملأ الشوارع، ما يستدعي اتخاذ إجراءات، تحد من الوقوع في مشاكل وفوضى، في شهر يفترض بأن يكون شهر التسامح والتراحم. |
|
|||||||||||||