العدد 42 - كتاب
 

تعرضت بورصة عمان خلال الأسبوع الأخير المنتهي يوم الخميس 29/8/2008 إلى هزة عنيفة أصابت أسعار معظم الأسهم المتداولة بما فيها الأسهم المصرفية والمالية والصناعية الاستخراجية، وبنسبة هبوط ناهزت 10.4 بالمئة، وهي نسبة هبوط أسبوعي تعتبر الأشد والأسوأ منذ سنوات، كما أن الموجة الهبوطية في البورصة لم تقتصر على انخفاض عام في الأسعار بل امتدت لتسجل هبوطا في حجم وقيمة التداول بنسبة 29 بالمئة، ومعدلات تراجع مقاربة بالنسبة لعدد الأسهم المتداولة وأرقام العقود المبرمة.

الاتجاه الهبوطي العام، رغم حدته، في الأسبوع الأخير فإنه يمكن تلمس بداياته منذ مطلع النصف الثاني من هذا العام، وحتى الآن، فقد اتسم بتقلبات متعددة في الأسعار هبوطاً وارتفاعاً مع ميل هبوطي مستمر وبخاصة منذ تجاوز رقم المؤشر العام لأسعار الأسهم الحرة المرجح سقف (5000) نقطة ارتفاعاً لينزلق بعدها حتى نهاية الأسبوع الأخير إلى (4040) نقطة.

الموجه الهبوطية الأخيرة في البورصة لم تفاجئنا بل توقعناها أكثر من مرة وأشرنا إليها في أكثر من مقال ودراسة، وكنا، وما زلنا، نعتقد أنها ستأتي بوصفها تحركا تصحيحيا معاكسا لموجات ارتفاع متتابعة في أسعار معظم الأسهم خلال النصف الأول من هذا العام، وبما يعادل 1097 نقطة وبنسبة ارتفاع 30 بالمئة، وكذلك انعكاساً لتوجه صعودي في الأسعار في 2007 بلغ 661 نقطة وبمعدل ارتفاع 22 بالمئة، وبالتأكيد فإن اتجاهات الارتفاعات السابقة هذه لم تعكس، في تقديرنا، أسباباً موضوعية بقدر ما عكست مضاربات ومحاولات هيمنة وسيطرة من متعاملين محليين، وأكثر من متعاملين غير أردنيين.

الارتفاعات غير العادية، إن لم نقل الشاذة، في الأسعار واتجاهاتها أظهرها وكشفها أكثر من معيار علمي لقياس أداء البورصة ومدى موضوعيته فنسبة قيمة الأسهم السوقية إلى ما تحقق من عائد أو ربحية (PLE) قفز في المتوسط من 17 مرة في نهاية 2006 إلى 28 مرة في نهاية 2007، وإلى 31 مرة في نهاية شهر حزيران 2008، وتوازت مع هذا الاتجاه غير العقلاني قفزة القيمة السوقية للأسهم إلى القيمة الدفترية لها في المتوسط من (2.9) مرة في نهاية 2006، إلى (3) مرات في نهاية 2007، وإلى (3.6) مرة في نهاية حزيران 2008.

الارتفاع الكبير المتسارع لأسعار الأسهم الذي لا تعكسه وقائع المسارات الفعلية لقوائم الشركات المالية في مجموعها، و/أو المسارات الإيجابية لتطور ونمو الاقتصاد الوطني، هو عبارة عن مخاطر وأشواك، تماماً كما يكون عليه الأمر عند حدوث انخفاضات متسارعة، ولا يغير من هذه الحقيقة إصرار العديد من المتعاملين والوسطاء وبعض المحللين على الترحيب والتهليل بأي اتجاه تصاعدي في الأسعار، مقابل الصدمة والاستنكار ومحاولة افتعال مبررات وأسباب غير دقيقة لاتجاهات الهبوط، كما حاول بعضهم تحميل مسؤولية هبوط حدث قبل أسابيع بقيام المصفاة بنشر إفصاح صحيح، أو محاولة بعض الوسطاء تحميل الضمان مسؤولية الهبوط الأخير بسبب قيامه بإجراءات تصويبيه داخلية.

توقعنا هزة الهبوط الأخيرة، والتي يمكن أن تستمر، تأثراً وانعكاسا لأزمة اقتصادية ومالية عميقة أصابت معظم الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة وعلى رأسها الأزمة المتفاقمة للاقتصاد الأميركي وانعكاساته السلبية المحلية والدولية.

في مقالين متتابعين لنا نشرا في جريدة «ے» أولهما في العدد 28 بتاريخ 29/5، والثاني في العدد 29 بتاريخ 5/6/2008 سلطنا أضواء النقد على اختلالات وتشوهات ومضاربات خطرة في أداء تداول البورصة، وفي بعض بنود الأنظمة والتعليمات التي تسيرها وتؤدي إلى ارتفاعات أو فقاعات وحركات تصحيحية هبوطية غير صحية في الحالتين، وطالبنا بإجراء تعديلات وتصويبات كلية تمنع تكرار حدوث ارتفاعات أو انخفاضات سعرية وحركية عشوائية وغير موضوعية، وما زلنا نرى لذلك أهمية أكبر وأكثر إلحاحاً الآن.

أحمد النمري: هبوط البورصة ليس مفاجئا
 
04-Sep-2008
 
العدد 42