العدد 1 - ثقافي | ||||||||||||||
درج جانب كبير من المفكرين العرب على أن يضعوا موضع التساؤل المشروعات والمبادرات الرسمية وغير الرسمية التي ترفع شتى الشعارات التنموية، وبخاصة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وعلى وجه أخص ما يشتبه بمراميه وبمصادر دعمه وتمويله. بل إن موقف التردد والتشكيك يطال حتى المشروعات التي تبدو في الظاهر مبرأة من الشبهات والأغراض "غير الوطنية وغير القومية". إذ ينظر إلى كثير منها بوصفه تظاهرة استعراضية عابرة، أو مبادرة نبيلة المقاصد سرعان ما تنحسر وتتكشف عن مؤسسات بيروقراطية ونفعية ضيقة الأفق.
ومن المؤمل أن لا تدخل هذا الباب "مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم"، التي أطلقت في مؤتمرها الأول في أواخر تشرين الثاني في دبي حزمة من المبادرات والمشروعات النوعية للتطوير المعرفي في المنطقة، بدعم من وقْفٍ قدرُه 10 مليارات دولار. وأُعلِن في المؤتمر، الذي شارك فيه نحو 300 من المفكرين والأكاديميين والمثقفين العرب، عن إطلاق أكثر من خمس وعشرين مبادرة ستعمل المؤسسة على تفعيلها، ومنها إطلاق "تقرير المعرفة العربي" التحليلي الذي سيصدر سنويا بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتحديد الخطوات اللازمة للتغلب على المعوقات والارتقاء بالمستوى العلمي والثقافي، إضافة إلى برنامج تحسين جودة التعليم العالي. كما تتضمن قائمة المبادرات برنامجا للبعثات يستهدف نخبة المهنيين العرب الشبان الراغبين في دراسة الماجستير في أكثر الجامعات تقدماً في العالم، وبرنامجا للماجستير الإلكتروني الذي يخدم النساء الطموحات اللواتي تحول التزاماتهن العملية والعائلية دون الالتحاق بالمعاهد والجامعات لاستكمال الدراسات العليا، وآخر لتأسيس صندوق لتطوير المحتوى العربي على شبكة الإنترنت.
وتتمثل أبرز المبادرات التي ستتبناها المؤسسة في مجمع المعرفة الذي وصفه بأنه سيكون بمثابة القلب النابض للمؤسسة، وأوجز رسالته في توفير مصادر المعرفة ونشرها وتسهيل الوصول إليها، ورعاية المشاركين في إنتاجها، والقادرين على الإنتاج، خاصة الشبان والشابات الموهوبين والمبدعين من خلال عدد كبير من البرامج والمشاريع المعنية بالترجمة والنقل المعرفي وتشجيع التأليف باللغات الأجنبية، وتعزيز قدرات دور النشر العربية، إضافة إلى إصدار مجلة شهرية متخصصة في متابعة وعرض إصدارات دور النشر العربية والأجنبية. وترافق ذلك منح تفرغ للأدباء والباحثين والمفكرين، لتمكينهم من إنجاز مشاريع كتبهم وأعمالهم الجديدة، وجوائز لتكريم المبدعين في الآداب والأبحاث، سواء للأعمال الجديدة أو لمجمل الأعمال.
وسينتظر المراقبون العرب كذلك ما سيؤول إليه مشروع «التقرير العربي الأول للتنمية الثقافية»، الذي أعلنه رئيس «مؤسسة الفكر العربي» مؤخرا في جدة بغرض تقديم المعلومات والإحصاءات لتكون في متناول واضعي السياسات وصانعي القرار في المجال الثقافي العربي. وسيُعنى التقرير السنوي برصد وتشخيص وتحليل مكونات اقتصاد المعرفة، مع تسليط الضوء على واقع التنمية الثقافية في المجتمع العربي، وأدوات الإنتاج الثقافي في مجالات الإعلام والإبداع الأدبي والفني، وحركة النشر عموما، والتعليم والبحث العلمي وتكنولوجيا المعلومات، وإعداد خريطة معرفية للمؤسسات الثقافية العربية في مختلف قطاعاتها. |
|
|||||||||||||