العدد 41 - أردني | ||||||||||||||
السّجل - خاص إصابةُ 30 عاملاً بالتعب والإرهاق ونقلهم إلى مراكز صحية ومستشفيات، ووعدٌ من جهات أهلية "مؤازرة" بتبني مطالب العمّال ومتابعتها مع المعنيين.. تلك هي حصيلة ستة عشر يوماً من الإضراب عن الطعام، الذي نفذه عمّال مياومة أردنيون، للمطالبة بـ"تثبيتهم"، ومنحهم الحقوق التي يتمتع بها سواهم من الموظفين، كالضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، والعلاوات السنوية. قضية هؤلاء العمّال تراوح مكانها منذ سنوات، وقد بدأت تتفاقم أخيراً، دون أن تجد حلاً. حتى إن وزير تطوير القطاع العام، ماهر المدادحة، قال في لقاء جمعه بإعلاميين، إن مطالب هؤلاء العمال "غير مشروعة"، مؤكداً أن مشكلتهم نتجت عن ضغوط مختلفة ومتراكمة، بما فيها ضغوط "النواب"، الأمر الذي يجعلها غير قابلة للحل. المدادحة، أكد أنه لن يتم تعديل أوضاع زهاء 10 آلاف من عمال المياومة تحتاجهم الدوائر الحكومية للقيام بأعمال التحميل والتنزيل والأعمال الموسمية وسواها، لأنهم "لا يحملون المؤهلات"، مضيفاً أنه تم إصدار تعليمات موحدة لاستخدام العاملين بالأجور اليومية، بما يمنحهم جميع الحقوق من تأمين صحي وضمان اجتماعي وإجازات، أسوةً بالموظف المثبت. العمّال المتمسكون بمطالبهم حتى النهاية، يرون أن تثبيتهم بحسب الأقدمية خلال مدة زمنية محددة هو الحل الوحيد لقضيتهم. ويستهجن رئيس لجنة عمّال المياومة، محمد السنيد، أن تصف وزارة تطوير القطاع العام، مطلبهم هذا بـ«المستحيل». السنيد، تساءل عن مغزى وجود عامل مثبت، وآخر بالمياومة في الوظيفة نفسها، وفي الموقع نفسه. وأبدى استغرابه لما حدث أخيراً، فبعد تثبيت 110 عمّال وفق أقدمية التعيين في العام الماضي، أصبح الحديث يدور حول عدم قانونية ذلك، واقتصار التثبيت على حملة الشهادات، واستثناء زملائهم غير الحاصلين على شهادات، العاملين معهم لسنوات طويلة في الموقع نفسه والوظيفة نفسها. السنيد ثمّن تصريحات وزير الزراعة، مزاحم المحيسن، التي وصف فيها عمال المياومة بـ»أبناء الدولة». وتساءل عن التمييز القائم بين «أبناء الدولة الواحدة» وعدم معاملتهم المعاملة نفسها، بخاصة عندما يقومون بالوظيفة نفسها، آملاً من الحكومة «أن تغير موقفها بشأن عمّال المياومة، وأن تتفهم مطالبهم، وتتعامل معهم بمعيار العدالة»، مضيفاً: «لو التزمت الحكومة بتثبيت عمال المياومة بحسب أقدمية التعيين لما وجدنا عمال مياومة لمدة 17 عاماً». المدادحة، رأى أن بروز مشكة «عمّال المياومة»، من فئة العاملين خارج جدول تشكيلات الوظائف وخارج قانون الموازنة، شكّل تشوهاً هيكلياً في الخدمة المدنية، وأثر في مستوى الخدمات التي يقدمها الجهاز الحكومي. العمّال سجّلوا في هذا الشأن، عتباً على الوزارات والمؤسسات المعنية (تطوير القطاع العام، الأشغال العامة، المياه، الزراعة، وديوان الخدمة المدنية)، لتجاهل مطالبهم، وعدم الاكتراث باعتصاماتهم المتكررة. يوضح المدادحة أن ظاهرة «عمّال المياومة» سببُها عدم وجود شواغر كافية في جدول التشكيلات بما يفي باحتياجات الدوائر، ما أدى لتشغيل هؤلاء خارج الجدول ضمن مسمى «المياومة». إضافة لعدم التزام الدوائر بإنهاء خدمات العمال على حساب المشاريع بعد انتهاء تلك المشاريع. بحسب إحصاءات وزارة تطوير القطاع العام، بلغ عدد المعينين خارج جدول تشكيلات الوظائف وخارج قانون الموازنة 23,319 عاملاً وعاملة حتى نهاية العام 2006، موزعين على 23 وزارة ودائرة ومؤسسة، منهم 14752 عاملاً على حساب المادتين 104 الخاصة بأجور العمال، و502 الخاصة بالأجور اليومية. المدادحة أكد أن الوزارة اتخذت إجراءات فعلية للحدّ من مشكلة عمّال المياومة، تتمثل بحصرهم وتوزيعهم. في هذا السياق، تم استثناء 1441 من العاملين على حسابات مؤقتة من التثبيت، ولن يتم تعديل أوضاعهم (وهم العاملون كمراسلين صحفيين محليين في دولهم، والموظفون المحليون في السفارات الأردنية بالخارج، والعاملون على حساب التعويضات بوزارة العمل، والعاملون على حساب مكافآت الفرق الفنية في وزارة الثقافة). وفق المدادحة، جرى تثبيت 2652 عاملاً في وزارة الأوقاف تنفيذاً للمكرمة الملكية، خلال العامين 2007 و2008، وتثبيت 6719 عاملاً خلال هذا العام 2008 من وزارات ومؤسسات مختلفة، وسيتم استحداث زهاء 2500 وظيفة على جدول تشكيلات العام 2008 لتثبيت البقية. أما العمال الباقون والبالغ عددهم 10 آلاف عامل تقريباً، فلن يتم تثبيتهم أو تعديل أوضاعهم. كشف المدادحة عن تنظيم شؤون عمال المياومة الذين لن يتم تثبيتهم، بـ«إصدار تعليمات من مجلس الوزراء لحفظ حقوقهم الوظيفية والتقاعدية ولتوفير التأمين الصحي لهم، وتم رفع أجورهم اليومية إلى 5 دنانير، وتخصيص زيادة سنوية مقدارها 3 دنانير، بمعدل 10 قروش على الأجرة اليومية». عمال المياومة اعتبروا الزيادات السنوية حقاً من حقوقهم، مؤكدين أن هذه الزيادات لا تحقق الأمن الوظيفي، ولا تواكب الارتفاعات المتلاحقة لأسعار السلع، بخاصة في الفترة الأخيرة. من جانب آخر، يقترح المدادحة إجراءات وقائية لتفادي تكرار المشكلة ومنع تزايد أعداد عمّال المياومة، تتضمن الالتزام بجدول التشكيلات من حيث عدم التعيين إلا على البنود المخصصة للتعيينات، وربط استحداث الشواغر على الأجور اليومية على حساب النفقات الرأسمالية بتوفر المشاريع فعلياً، والتوقف نهائياً عن التعيين على حساب خارج الموازنة، وإلغاء وظيفة من تنتهي خدمته على هذه الحسابات. العمال ما زالوا يتمسكون بوعود وزراء ورؤساء حكومات سابقين، بشأن مطلبهم الرئيسي: «التثبيت». وزير الزراعة الأسبق عاكف الزعبي وعد بتثبيت العمال البالغ عددهم 3600 عامل، على ثلاث مراحل، 1200 عامل في كل سنة، إلا أن التعديل الوزاري حال دون تنفيذ ذلك. لاحقاً جدّد الوزير مصطفى قرنفلة الوعدَ بتثبيت هؤلاء العمال، دون أن يتحقق شيء على أرض الواقع. يتمسك العمال بهذه الوعود وسواها، وتخالج بعضهم ثقةٌ بإمكانية تطبيقها، وهو ما جعلهم يتنادون لاعتصام يحمل الرقم 17 في مسيرتهم لنيل حقوقهم، يخططون لتنفيذه أمام وزارة الأشغال في التاسع من أيلول/سبتمبر المقبل، بعد أن أنهوا إضرابهم الأخير عن الطعام. يزيد من استياء هؤلاء العمال، ما يشعرون به من «تجاهلٍ لا مثيل له»، بحسب السنيد، إزاء إضراباتهم واعتصاماتهم، ومناشدتهم الحكومةَ الاستجابةَ لمطالبهم، على خلاف ما يحدث عند اعتصام منتسبي النقابات المهنية وسواها. عمّال المياومة يصرّون على حقّهم في الحصول على مطالبهم. يحدث هذا في ظل غياب التحركات النقابية الداعمة لهم، وقلة الجهات المساندة لمطالبهم (فقط ثلاث نقابات، وعدد من الأحزاب، بإصدار البيانات). والسؤال هنا: هل يسفر اعتصامهم المقبل عن شيء، أم يبقى حدثاً يضاف إلى نضالاتٍ تتراكم لآلاف عمّال المياومة، في ساحة يبدو أنهم وحدهم فيها! |
|
|||||||||||||