العدد 41 - أردني
 

"ليس كل صاحب شيك مرتجع هو بالضرورة شخص سيء النية". قد ينطبق هذا القول على أي شخص يتعامل بالشيكات؛ لكنه ما من شك يتمثل في أوضح صوره في سوق الخضراوات و"الحسبة"، ولدى المزارعين كباراً وصغاراً.

فرأسمال المزارع هو المحصول أو "الموسم" الذي قد يأتي وقد لا يأتي، بحسب ظروف جوية وسياسات دولة لا يمكن ضبطها أو التنبؤ بها.

ومثل أي تبادل تجاري، يقوم التعامل بالشيكات على مبدأ أن يطلب المزارع المعدات الزراعية التي يحتاج إليها لإنجاح محصوله من تاجر (شركة زراعية) مقابل شيك يتم تسديده "على الموسم".

وربما كانت السياسات الحكومية وعدم اتبـــاع أجندة زراعية مدروسة بعناية، مــــن أهم الأسبـــاب التي روجت لشيوع أنباء الشيكات المرتجعة. إذ يشكو المزارع من أنــــه، إن نجـــا من موجة صقيع، فقد لا ينجو من قرار حكومي بوقف التصدير، أو بفتح بــاب الاستيراد لمحصول هو كل نتاجه في عام معين، ما يؤدي إلى كساد المحصول.

كما كان لانتشار الشركات الزراعية وتنافسها في السوق المحلية المحدودة في مواردها، أثر عظيم في انتشار ظاهرة الشيكات المرتجعة. ويلحظ المهندس الزراعي، محمد أبو دية، أن احتدام هذا التنافس، مع "قلة الشغل"، دفع بالشركات الزراعية إلى منح شروط مخففة للمزارعين للتسديد؛ فباتت الشيكات أسلوباً سهلاً في هذا المجال. في جانب آخر، يلحظ أبو دية أن بعض المزارعين قد يستغلون هذا الأمر، فيمددون فترة التسديد إلى سنة أو سنتين، وهو أمر قد ترضى به الشركات "حتى تمشي شغلها." في المقابل، أدى هذا الأمر بشركات كثيرة إلى تحديد نطاق عملها ونشاطها وحصره في مزارعين معروفين و"مجربين" لديها، حتى تتجنب تراكم الشيكات المرتجعة التي يشكل تداولها في المؤسسة التي يعمل فيها أبو دية 10 بالمئة من حجم العمل أي ما يساوي 30 ألف دينار تقريباً.

ويؤكد أبو دية أنه قليلاً ما يلجأ إلى القضاء لتسوية هذا الأمر، ويقول: "ماذا أستفيد إذا سجن المزارع؟ ربما لو تركته يعمل ويزرع قد أحصل على مالي إذا نجح محصوله".

أسواق الخضراوات أو "الحسبة"، ساهمت أيضاً في رواج هذه الظاهرة. وما يحدث هو أن الحسبة تشجع المزارع على إنشاء مزرعة وتمده بالمعدات اللازمة من خراطيم وأنابيب ومواد زراعية متعددة مقابل احتكار توريد المحصول إليها.

واللافت في هذه الظاهرة، أنها تراكمية في كثير من الأحيان. «أبو دانا» الذي كثيراً ما يتعامل بالشيكات لتلبية مستلزمات زراعته من معدات وأدوات يشرح أن "بعض المزارعين لا يستطيعون تسديد شيك لجهة معينة، فيلجأون إلى تجيير شيك بشيك، ويستمرون في الزراعة ولو بخسارة حتى لا ينكشفوا للشركات الدائنة".

شيكات المزارعين المرتجعة: تأجيل البلاء لا دفعه
 
28-Aug-2008
 
العدد 41