العدد 41 - اقليمي | ||||||||||||||
تحسين يقين سرب موقع «دبيكا» القريب من الاستخبارات الإسرائيلية في مطلع هذا الأسبوع ما أسماه خطة مصرية-سعودية تقضي بتفاهم جميع الأطراف على عودة مصر للسيطرة على قطاع غزة، والإشراف على الأمن فيه، وإشراف الأردن على مؤسسات السلطة الوطنية بما فيها أجهزة الأمن. بربط ذلك بعودة الاتصالات بين حركة حماس والحكومة الأردنية، ، وانتهاء بزيارة كونداليزا رايس التي يتردد أنها ناقشت الخطة في الإسكندرية يوم الثلاثاء (26/8/2008)، فإن ما يرشح عن الإعلام الإسرائيلي يظل هو الجديد، في ظل تكرار وإعادة التصريحات الفلسطينية حول إثبات أو نفي موقف ما، خصوصاً حول ما زال يثار بصوت خافت عن إعلان مبادئ فلسطيني –إسرائيلي. بمقتضى الخطة وفق التسريبات الإسرائيلية سيتم السماح لحماس بالعمل في الضفة الغربية ودخول مؤسسات منظمة التحرير، وإنهاء النزاع وتداعياته ما بين حركتي حماس وفتح. على الأرض هنا، باستثناء الإفراج عن الأسرى يوم الاثنين، واتهامات السلطة وحماس المتبادلة حول التضييق على الموالين لأحد الطرفين في الوظيفة العمومية، في كل من الضفة والقطاع ، ، وباستثناء وصول السفينتين الأوروبيتين المتضامنتين مع الشعب الفلسطيني تحت الحصار.. ما زالت الأحداث السياسية تسير ببطء في رام الله وغزة، غير متأثرة بحرارة الصيف، فلا يكاد يرشح جديد يحمل بذور التغيير، ويحدث اختراقاً داخلياً في مجال المصالحة الوطنية ، أو في المفاوضات المتعثرة من جهة أخرى، إلا من حديث ما زال غامضا عن إعلان مبادئ افتراضي. زيارات رايس سيكون لها معنى إذا صحت تسريبات موقع «دبيكا» ، وإلا ليس هناك ما تتابعه الوزيرة ، ربما باستثناء إزالة بعض النقاط العسكرية. وسيكون بالتالي لأهم المتغيرات التي طفت على السطح قراءة أخرى وبالذات عودة الاتصالات بين حماس وعمان- التي يلقي عليها الفلسطينيون أملا بإحراز مصالحة بين حركتي فتح وحماس، لما للأردن من تأثير ودور فاعل على الساحة الفلسطينية لأسباب موضوعية وتاريخية.. الشارع السياسي الفلسطيني فلسطينيا وفي ظل الدعوة لتمتين الجبهة الداخلية لتقوية الموقف التفاوضي، فإن الدور الأردني يأتي في سياق دور عربي، يتمثل بمصر والسعودية وقطر ، بقصد تحقيق هدف المصالحة كهدف ذي أولوية. ومع عدم التقليل من شأن المصالحة والوحدة الوطنية ، -وهي حسب آراء اليسار واليمين والوسط حاجة وطنية بحد ذاتها بغض النظر عن الموقف التفاوضي- فثمة شكوك كبيرة حول توقع إحراز اختراق ، فالفجوة بين الموقفين لا تتعلق بالعلاقات الداخلية الفلسطينية، بقدر ما تتعلق بمصالح الاحتلال الاستراتيجية، التي يروق لأصحابها أن يجدوا في الاقتتال الفلسطيني ذرائع لخطط توسعية. لم يتغير الموقف الإسرائيلي قبل استيلاء حماس على قطاع غزة، ولا بعده، كما لم يتغير حين كانت علاقتها جيدة مع السلطة ولا بعدها، وكذلك الحال قبل اختلافها مع الأردن وبعده. في ظل تسريبات موقع «دبيكا» حول الخطة المصرية-السعودية المفترضة فإن ردود فعل المطبخ السياسي الفلسطيني تجاه التسريبات الإسرائيلية عن اقتراح أولمرت حول حدود الدولة باستثناء «مؤقت» للقدس من الحل، تناقض القبول الضمني بإعلان اتفاق مبادئ جديد، لأن القبول باتفاق كهذا يعني في ما يعنيه، تأجيل قضايا معينة كالقدس من قضايا الحل النهائي. الاقتراح الذي أعلنت عنه هآرتس في بداية الأسبوع الفائت ليس جديدا، خصوصا حول تبادل الأراضي، فهناك اتفاق فلسطيني وإسرائيلي حول الأمر، منذ محادثات كامب ديفيد 2 بين الراحل عرفات وإيهود باراك، لكن الاختلاف هو في النسبة، حيث ترى إسرائيل أنها 5 بالمائة، في حين يرى الفلسطينيون انها لن تتجاوز ال 1.8 بالمئة شرط ألا تؤثر سلباً على التواصل الجغرافي في الضفة الغربية وألا تنتقص من سيادتها. وفقاً لصائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات، فإنه لا صحة لما أعلنته هآرتس، وأن القيادة لم تتسلم مقترحات كهذه، وأنها عند مواقفها الثابتة بضرورة اعتماد المرجعية الدولية وتنفيذ القانون الدولي الخاص بالأرض المحتلة. رئيس الوزراء سلام فياض كرر الموقف من استثناء القدس، مؤكداً على فلسطينية كامل الأغوار، التي توليها الحكومة اهتمامات خاصة في مجال الخدمات وعمليات التنمية على طول الغور الفلسطيني، والذي يعلن الإسرائيليون دائما أطماعهم به، أكان ذلك بوضع جدار بين سلسلة جبال الضفة الغربية والغور، أو الحديث عن المنطقة الآمنة بين الأردن وإسرائيل، بما يذكر بخطة إيغال ألون القديمة. الشارع السياسي البعيد عن كواليس المفاوضات لا يستبعد طرح إعلان مبادئ جديد، في ظل انسداد الأفق السياسي، وقد رشح عن قادة فصائل الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب والمبادرة الوطنية ،ما يشي بتوقع قيادات هذه الفصائل اليسارية لمثل هذا الإعلان، غير المرحب به كونه يبقي على القضايا العالقة بدون حسم، ويشرعن سياسات التهويد والمصادرة للأرض والقدس. لأجل ذلك دخل قادة الفصائل في نقاش معمق حول ضرورة إنجاز المصالحة وترتيب البيت الداخلي ، وذلك لتغيير قواعد اللعبة المفروضة إسرائيليا ودخول التفاوض على أرض أكثر صلابة، على ما كشف عنه المحلل السياسي علي الجرباوي، في حين يرى أحمد صبح، القيادي في حركة فتح، أن تحقيق المصالحة حاجة وطنية ذاتية قبل أن تكون شرطا لتحقيق نتائج أفضل في المفاوضات، في حين لم ترشح بعد ردود فعل حول ما نشره الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي عن «الخطة المصرية-السعودية». في هذا الوقت، قامت سلطات الاحتلال بإغلاق مؤسسة الأقصى التي جعلت المسجد الأقصى همها، وفي ظل الحديث الدائر عن استهداف البلدة القديمة، وباب المغاربة بشكل خاص، فإنه من الواضح أن الاحتلال ماضٍ بتنفيذ أجندته غير عابئ بالطرف الآخر المقتتل فيما بينه. هذا الجو ينذر باحتمالات استثناء الشعب من أن يكون له رأي في الحلول، وفي ظل ما قد يطرأ من فراغ سياسي لا يستبعد جورج جقمان، الأستاذ في جامعة بيرزيت، انطلاق انتفاضة شعبية جديدة. لقد استنكر الفلسطينيون إغلاق مؤسسة الأقصى، لكن لم يصدر بعد تعقيب على ما نشرته الاستخبارات الإسرائيلية. وسوف تزداد الانفعالات السياسية إذا تحول النقاش من انسحاب الاحتلال وقيام دولة كاملة السيادة، إلى إعادة عقرب الساعة إلى الوراء 41 عاما. علماً بأن تحسن العلاقات بين حركة حماس وعمان يأتي ضمن نسق عربي يسعى إلى إحداث المصالحة، حيث يعول على الأردن كما على دول عربية؛ فما أعلن من وساطة قطرية، و عن إيفاد وفد أمني عربي إلى غزة لإنهاء الانقسام، وتأكيدات مصر على النجاح في تحقيق الوحدة الفلسطينية، كل ذلك يسرّع من إنجاز المصالحة.
** فصائل اليسار الفلسطيني تحذر من "الانسياق وراء رايس" حذرت كل من الجبهة الشعبية وحزب الشعب والجبهة الديمقراطية من " الانسياق وراء محاولات وزيرة الخارجية الأميركية لتخفيض سقف الحقوق الفلسطينية ن وجاء في بيان أخير أصدرته الفصائل الثلاثة: " تأتي زيارة وزيرة الخارجية الأميركية للأراضي الفلسطينية، في ظل الحديث عن مسعى الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، للتوصل إلى وثيقة تضع سقفا جديدا للعملية التفاوضية أكثر انخفاضا من السقف الذي حدده مؤتمر انابوليس، وذلك تحت دعوى توثيق المدى الذي قطعته المفاوضات وترسيم ما حققته من تقدم مزعوم لتشكيل وديعة تتابعها الإدارة الأميركية اللاحقة. إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب الفلسطيني، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، تحذر من الانسياق خلف هذه المساعي، التي تريد إدارة بوش من خلالها تسجيل نجاحات لسياستها الخارجية ،على حساب التآكل المطرد للموقف التفاوضي الفلسطيني وشطب مرجعية قرارات الشرعية الدولية. وتؤكد القوى الثلاث على أن الموقف الرسمي الذي تبنته م.ت.ف برفض الدولة ذات الحدود المؤقتة بمختلف تعبيراتها، والتمسك بالبرنامج الوطني القائم على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967وعاصمتها القدس، وحق العودة وفقاً للقرار 194، هو الموقف القادر على قطع الطريق على المحاولات الأميركية – الإسرائيلية الهادفة إلى تكريس الأمر الواقع المفروض على الأرض، والتعهدات المتبادلة بموجب رسائل الضمانات بين بوش وشارون في 2004، إلى مرجعية جديدة للعملية التفاوضية بديلا عن قرارات الشرعية الدولية. إن هذا النوع من الاتفاقات الذي تسعى الإدارة الأميركية وإسرائيل لفرضه، في الوقت الذي لا يحمل فيه تغييرا جذرياً لواقع الاحتلال، إنما يعطي مشروعية لاستمرار الاستيطان وقضم الأراضي الفلسطينية، والتحكم في حق الاستقلال الوطني ، وربطه باشتراطات ومعايير قوة الاحتلال والسياسة الأميركية المتواطئة معها، كما انه يفتح الطريق أمام المسعى الإسرائيلي لربط القضية الفلسطينية بصيغ إقليمية دأبت على رفضها الدول العربية الشقيقة، وفي مقدمتها دول الجوار في مصر والأردن وسورية ولبنان، تجاه قضيتي الدولة واللاجئين، وذلك في إطار الموقف العربي الشامل الذي عبرت عنه قرارات القمم العربية وجامعة الدول العربية ومبادرة السلام العربية. إن استمرار المفاوضات على الشاكلة الحالية، في ظل استمرار وتصعيد التوسع الاستيطاني وبناء الجدار العنصري، وفي ظل تمسك إسرائيل بمواقفها تجاه الحدود، والقدس واللاجئين، والترتيبات الأمنية وغير ذلك، وفي ظل تواطؤ الإدارة الأميركية مع الموقف الإسرائيلي، لم يعد منسجما مع الحد الأدنى من المصالح الوطنية الفلسطينية، الأمر الذي يدعونا إلى تكرار مطالباتنا السابقة بوقف المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية بصيغتها الراهنة، واستعادة زمام المبادرة دفاعا عن حقوق شعبنا الثابتة على أساس التمسك بقرارات الشرعية الدولية، الأمر الذي يتطلب إنهاء حالة الانقسام القائمة فوراً، والتوجه بوحدة شاملة لإنجاز مهام التحرر الوطني التي تواجه شعبنا، والتي لا يعوض عنها، مسعى الإدارة الأميركية لتسجيل نجاحات على حساب الشعب الفلسطيني، مقابل إخفاقات سياساتها الخارجية في المنطقة وفي مناطق مختلفة من العالم، وآخرها جورجيا، أو مع مسعى رئيس حكومة إسرائيل لمواجهة أزماته الخاصة، في تسويق بضاعة الاحتلال بأشكال جديدة. |
|
|||||||||||||