العدد 41 - اقتصادي | ||||||||||||||
السّجل - خاص تباينت الآراء حول زيادة إقبال المواطنين على التعامل بالبورصة والسلع العالمية عبر الإنترنت، بعد صدور قانون ينظم عملها، أو تراجع التعامل بها نتيجة الفتوى التي أصدرها مجلس الإفتاء بتحريم التعامل من خلالها. ففي الوقت الذي أقر البعض بصحة هذه الفتوى، رأى آخرون أن الحكم يتفاوت من حالة إلى أخرى، فيما ذهب بعض آخر إلى القول إن الفتوى سياسية والهدف منها تقليل الإقبال على هذا النشاط. وتركز الفتوى على "المال الذي يقوم المكتب بإقراضه إلى العميل، مشروطا بحصر عملياته بالمتاجرة بالعملات والمعادن والنفط مع المكتب دون غيره، فيكون قرضا مشروطا، ومن قبيل اشتراط عقد في عقد الإقراض من المكتب للعميل". وأيد المحامي المختص بالشؤون المالية والضريبية، عبد الرحيم الحياري، الفتوى خاصة قائلا إن المكاتب تضمن نسبة ربح تراوح بين 10-20 بالمئة ، وهو ما يشبه الربا، حيث إن أي ربح مضمون في الشريعة يعتبر ربا، بخاصة وأن القانون الأخير والكفالات التي فرضتها الحكومة غير كافية لعدم وجود هيئة رقابية تشرف عليها. وكانت صدرت إرادة ملكية بالموافقة على القانون المؤقت رقم ( 49 ) لسنة 2008، المسمى "قانون تنظيم التعامل في البورصات الأجنبية" في الثامن عشر من شهر آب/أغسطس الجاري. يشترط القانون تسجيل شركة برأسمال 5 ملايين دينار، ورسوم تسجيل قيمتها 1.5 مليون دينار إلى جانب دفع رسوم سنوية مقدارها نصف مليون دينار. وبيّن الخبير المالي، وجدي مخامرة، أن الفتاوى تباينت بين تحليل وتحريم التعامل بالبورصات، ولكن مع الفتوى الجديدة سوف يعيد الكثيرون حساباتهم بالتعامل بالبورصة، إذ إنهم وضعوا أموالهم بناء على تحليل التعامل فيها. وأشار مخامرة إلى أن صدور قانون تنظيم عمل البورصات والفتوى من مرجعية مثل مجلس الإفتاء ستجعل كثيرين يسحبون أموالهم ليضعوها في استثمارات تتوافق مع الشريعة، خاصة في المناطق الشعبية أو المحافظات، ولا سيما الذين باعوا بيوتهم ومصاغهم الذهبي للتعامل في هذه البورصات. واختلف صاحب شركة البورصة، أحمد طاهر، مع مخامرة حيث توقع زيادة نسبة المستثمرين في القطاع بعد صدور الإرادة الملكية بتنظيم عمل البورصات والظروف الاقتصادية الصعبة للمواطنين، التي تدفعهم للبحث عن مصادر دخل بديلة. وأشار الطاهر إلى تضارب بالفتاوى حول هذه الشركات، فيما لن تتجاوز نسبة المتأثرين بالفتوى من المتعاملين بالبورصات 3 بالمئة من ما نسبته 30-35 بالمئة من المستثمرين. وبحسب الفتوى، التي صدرت منتصف الشهر الجاري، فإن "ربح المكتب المضمون يشبه القمار، والتعامل يتم دون تقابض في المجلس، كما أن فيه محذورا شرعيا آخر، وهو قيام المكتب بالبيع ثم الشراء فيما لا يملكه الإنسان، وقد نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك". وأكد أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية، هايل عبد الحفيظ، صعوبة الجزم بتحريم أو تحليل التعامل بالبورصات العالمية، لان ذلك يتعلق بطريقة عمل ونظام كل شركة. ورأى عبد الحفيظ أن معظم حالات التعامل بالبورصات العالمية غير مشروعة، في حين "يقال إن هناك شركات تلتزم بالقواعد الشرعية". وبين عبد الحفيظ أن التعامل بالعملات الأجنبية يقع فيه الحرام، لأن المضاربة فيه تكون بهدف تحقيق الأرباح على حساب قيمة العملة. وأشار الحياري إلى أن مكاتب البورصات العالمية العاملة في عمان ليست لها ضوابط قانونية ولا إدارة تشرف عليها، والمستثمرون فيها عرضة للنصب والاستغلال باستثناء المكاتب التابعة للبنوك، مشيرا إلى أن هذه البورصات تختلف عن سوق عمان المالي الخاضع للتنظيم والرقابة. ولفت عبد الحفيظ إلى أن تحريم التعامل بالبورصات يأتي لعدم التزامها بالتقابض، وإنما هي أرقام على الإنترنت، ما يؤثر على العملات وأسعارها، إضافة إلى أن النقد يصبح مقصودا لذاته. ولم يستبعد اقتصاديون أن تلقي هذه الفتوى بظلالها على بورصة عمان، التي تشهد هبوطا منذ بضعة أيام، فقد انخفض الرقم القياسي المرجح لبورصة عمان بنسبة 8.8 بالمئة خلال الأسبوع الماضي. الفتوى تثير تساؤلات عدة، في ظل التوجه المتسارع نحو توظيف التكنولوجيا، وخصوصا الإنترنت، في التعاملات المالية، ومنها التداول في البورصات العالمية والعربية. كم أن الفتوى تستند في التحريم على مبدأ البيع أو الشراء فيما لا يملكه الإنسان ما لم يقبض ثمنه، وهي آلية معمول بها في كل الأسواق حتى أسواق السلع التي يشتري منها التجار بضائعهم، والتي تتم عادة عبر وسطاء لا يملكون السلعة، بينما أتاحت لهم تقاليد الأسواق شراء وبيع ما لا يملكون ممن يملكون لحساب من لا يملكون، وهو تقليد شائع محكوم بقوانين ومعمول به حتى في أكثر الأسواق بدائية. ومن المتوقع أن تكون الفتوى بالنسبة لآلاف التعاملات التي تتم عبر الإنترنت، أو تلك التي ينفذها متعاملون ووسطاء بين بورصة وأخرى، أو تلك التي تنفذها غرف التداول في البنوك، محل شكوك، وأن تأخذ هذه الشكوك تداعياتها عمقا واسع النطاق على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، بخاصة وأن آلافاً من المتعاملين، يتداولون في البورصات العالمية عبر مكاتب تستخدم الإنترنت، لتعذر التعامل المباشر بحكم البعد الجغرافي. |
|
|||||||||||||