العدد 41 - كتاب | ||||||||||||||
هتاك ما يحمل على معارضة إنشاء ما أطلق عليه اسم «وحدة الضمان الاستثمارية»، وكانت ما تزال مجرد فكرة أولية يتم تداولها في حلقات ضيقة، والاعتراض عليها يزداد أكثر وأكثر بعد ولادتها بنظام صادر عن مجلس الوزراء، وعند البدء في التطبيق الذي كان أسوأ مما تضمنه النظام وتعليماته التنفيذية. رفض فكرة الوحدة، يقوم على أنه لم تكن هناك ضرورة موضوعية لها لتعزيز النشاط الاستثماري للمؤسسة، إذ كانت هناك دائرة خاصة فيها منوط بها إدارة محفظة الضمان الاستثمارية، وبإشراف مجلس الإدارة، وبمرجعية مدرجة في بنود قانون الضمان رقم 19 لسنة 2001، وقبله القانون المؤقت رقم 30 لعام 1978، وبتعليمات تنفيذية مفصلة، وبمراقبة داخلية وأخرى خارجية حكومية وخاصة، وكان القرار الاستثماري وقتها متقدماً ومتوازناً وشفافاً بشكل عام. واعتبرنا، مع آخرين من الباحثين وفعّاليات نقابية ونيابية وقوى سياسية، أن مجرد إقرار إنشاء الوحدة الاستثمارية خطوة كبيرة إلى الوراء، تتعارض مع مبدأ «وحدة الإدارة وسلاسة تركيبتها»، والتي هي مرتكز للإدارة العلمية في الشركات الخاصة كما في المؤسسات العامة، وتلمس في هذا التوجه رغبة دوائر حكومية، وأخرى في القطاع الخاص المحلي والوافد، في زيادة تأثيرها وثقلها في توجيه وتحديد القرار الاستثماري، وفي نوعية مكونات محفظة الضمان الاستثمارية. مبررات الجهات الدافعة في اتجاه تشكيل الوحدة، بأن الهدف من ذلك رفد متخذي القرار الاستثماري بكفاءات مالية متخصصة، وبمزايا وشروط تفضيلية لتكون قادرة على «إدارة تجارية» للجانب الاستثماري.. هذه المبررات غير جدية. وقد تأكد انشطار «وحدة الإدارة والمس باستقلاليتها»، وبروز التأثير الحكومي والمصلحي المتزايد عند وبعد صدور النظام الخاص بالوحدة من مجلس الوزراء الذي حدد تشكيلة هيئة إدارتها بوزير العمل رئيساً وعضوية المدير العام، وعضو من العمال، وآخر من أصحاب العمل، إلى جانب قيام مجلس الوزراء بتعيين (5) أعضاء آخرين، وتعيين الرئيس التنفيذي لها من خارج هيكلة إدارة المؤسسة. ونجم عن هذا التغير دور استقلالي متزايد للوحدة ولهيئتها وللرئيس داخل المؤسسة في اتخاذ القرارات الاستثمارية، التي لوحظ في موازاتها اتساع تأثيرات وتوجيهات حكومية وأخرى من بعض فعاليات القطاع الخاص المحلي والوافد، بغض النظر عن كونها تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة. ولم يكن العديد من قراراتها الاستثمارية هو الأنسب للمؤسسة ولمستقبل مئات آلاف المشتركين والمتقاعدين، وبالتبعية لم تكن بالأفضل، بالنسبة لتطوير وتنمية الاقتصاد والمساهمة الناجحة في معالجة مشاكله وأزماته. واتضحت الاستقلالية المتزايدة للوحدة، مقابل مجلس الإدارة، من خلال الصلاحيات الواسعة التي منحت لها، وقيامها بعقد لقاءات ومؤتمرات صحفية، وبإعداد قوائم مالية خاصة بها، وشكت أكثر من جهة داخل المؤسسة من حجب المعلومة الاستثمارية عنها، وأصبحت شفافية المعلومة الاستثمارية في أضيق الحدود. وتبعاً لما تقدم كان من الطبيعي توقع انتكاس الوحدة ونظامها وتطبيقاتها وانعكاس ذلك على تبلور ثغرات متزايدة في اختيار العديد من العاملين فيها، وبأكثر من الحاجة إليهم، وبشروط ومزايا مفرطة يصعب تبريرها، بما في ذلك اختيار الرئيس التنفيذي للوحدة لإمكانية تضارب المصالح، لكونه مساهماً في أكثر من شركة مساهمة، وعضواً في مجالس إدارة بعضها، ومساهماً رئيساً لمجلس إدارة البنك الصناعي، ومديراً سابقاً في البنك العربي ولجمعية البنوك، وليس مفاجئاً، من ثم، بروز أو حدوث تجاوزات متعددة كشف عنها تقرير لجنة المراقبة من حيث إقرار «مكافأة شهرية» له إضافة إلى راتبه الشهري المقرر بمبلغ 3 آلاف دينار، وبما يقارب ضعفه، وصرف أكثر من 75 ألف دينار مكافأة أخرى في نهاية 2007، إلى جانب ما شاب اختيار بعض ممثلي الضمان في إدارة الشركات التي يساهم بها، من أخطاء جسيمة. في ضوء ما سبق، ليس مستغرباً بدء تصاعد تحركات ومطالبات عديدة تنادي بضرورة تصويب الاختلالات والسلبيات في القرارات الاستثمارية للضمان، والإلحاح على تغيير إدارتها، وإصدار نظام جديد يلغي نظام الوحدة الاستثمارية، حفاظاً على أهداف الضمان الأساسية وسلامة استثماراته، وديمومة خدماته التأمينية، وتعزيز مساهمته في تطوير وتنمية وتوازن الاقتصاد الوطني. |
|
|||||||||||||