العدد 41 - كاتب / قارئ
 

يتعين حين النظر إلى مسألة التقاتل الفلسطيني-الفلسطيني أن ندرك أن كلا الطرفين ("فتح" و"حماس") يدعي امتلاك الحقيقة و"النص" المقدس الذي لا يتسلل الشك من يمينه أو شماله.

فـ"فتح" التي كانت السباقة إلى الثورة والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، تنطلق من إرث تاريخي وتدعي أنها وحدها من يمتلك مفاتيح التفاوض لكي لا أقول الجنة الموعودة، وكم هي بعيد تلك الجنة لو يعلمون؟ وهي انطلاقاً من هذه الرؤية والحق التاريخي أرادت أن تفرض وصايتها على حكومة "حماس" التي شكلها إسماعيل هنية، وحين لم تنجح أخذت زمام المكابرة، واستمرأت ذلك، على اعتبار أنها بسلطتها تملك المفاتيح الإسرائيلية والدولية والعربية وتحظى بالتأييد. غير أن ما فات عليها أنها لم تملك زمام الإقناع حتى لنفسها، فالديمقراطية لا تعرف القسمة على واحد.. حتى لو كان هذا الواحد هو الذي سمح بهذه الديمقراطية والتعددية، حتى لو كان ذلك رغم أنفه.

أما "حماس"، فما زالت أسيرة خطابها الذي يزداد تطرفاً تجاه القسمة على واحد فقط، فقد ارتكبت من الأخطاء الكثير بدعوى "الحق الديمقراطي" والحق الديني أيضاً، الذي يبيح لها تكفير من تشاء ووصم من تشاء بالخيانة والعمالة، ضاربة عرض الحائط بالتاريخ والنضال والتضحيات، بل بالجغرافيا أيضاً حين استأثرت بغزة. وهي أيضاً لم تترك للديمقراطية مطرحاً، وسارت مسار الحزب الذي قفز فجأة إلى السلطة، وعمل على الإطاحة بكل خصومه ورفاق سلاحه القدماء.

المتابع للأحداث يمكن أن يدرك ببساطة أن استراتيجية "فتح" السلمية التي تراها "حماس" استسلامية، لن تأتي أي أكل، بل إنها ستزيد من غطرسة إسرائيل، وكذا الحال بالنسبة لاستراتيجية "حماس"، القائمة على المواجهة، لأن العنف أثبت في كل المفاصل الحديثة من التاريخ الفلسطيني، بل والعربي، أنه لا يؤدي إلى أية نتيجة، ما دامت إسرائيل متفوقة عسكرياً هذا التفوق الذي لا يمكن إنكاره.

إذا توحدت الاستراتيجيتان وعملتا لخدمة هدف مشترك، يمكن أن يكون ذلك الطريقة المثلى لصفحة جديدة من النضال.

يتعين على الطرفين أن يدركا أن الساحة لا تتسع لطرف واحد، وأن لا مناص من وصولهما إلى وحدة، وأن الخاسر الأكبر من هذا الصراع هو الشعب الفلسطيني الذي دفع وما زال يدفع دمه على طريق النضال الطويل، راضياً وصابراً ومكافحاً، ولا يريد لهذا الدم أن يسفك مجدداً على مذبح تقاتل الأشقاء.

لؤي عطا الله

الحقيقة وراء صراع “فتح” و“حماس”
 
28-Aug-2008
 
العدد 41