العدد 40 - كتاب | ||||||||||||||
بين ألعاب الأولمبياد، لم تحظَ الدورة الأخيرة في بكين، باهتمام عربي عام، باستثناء متابعة القنوات والصفحات الرياضية المتخصصة لهذه المناسبة الدولية. شاءت المصادفات أن تتزامن الألعاب مع تداعيات طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية للرئيس السوداني، وتطورات الانقلاب في موريتانيا، وأن تحل هذه المناسبة عشية موافاة محمود درويش المنية. افتتحت الدورة في الثامنة وثماني دقائق من اليوم الثامن للشهر الثامن من العام 2008. ورقم ثمانية يعني في الصينية: "الربح". ليس معلوماً لمتابع غير متخصص مثل كاتب هذه السطور ما حققه العرب حتى الآن في هذه الدورة، وإن كانت أنباء تتحدث عن فضيات قليلة، وذهبية واحدة. لكن ما خسروه في ميادين أخرى ظاهر وبيّن. هذه الخسارات هي من الأسباب التي تجعل التعلّق بالرياضة مقصوراً على الشرائح غير المعنية بالشأن العام في بلادها. الفئات الأخرى مشغولة بنكد الأحوال العامة أو بالسياحة في بلاد الله. يقال إن الرياضات العربية عموماً والقول الفصل عند العارفين، لا تحفل كثيراً بألعاب القوى والمهارات واللياقات الجسدية، وأن القليل من هذه الألعاب يتم إشراك الإناث فيها خلافاً لبقية دول العالم وشعوبه. أي أن المسألة ثقافية وليست شأناً رياضياً محضاً. ولا يتوقف الأمر عند الرياضة، فنسبة الإناث العازفات في فرق موسيقية، قليلة، مثلاً. وكان العدد أكبر في عقود سابقة. في أولمبياد بكين جرى عرض مبهر في ملعب سمي "عش الطائر"، وتم فيه استعراض أزياء ورقصات ولوحات من تاربخ الصين الممتد لآلاف السنين، واستعراضات من الوفود المشاركة عكست أيضاً مظاهر من حضارات الدول المشاركة. ولوحظ أن الوفد الجزائري ضم 61 لاعباً، فيما ضم الوفد الفلسطيني أربعة لاعبين فقط. وحضر رؤساء دول من بينهم الفرنسي ساركوزي الذي أطلق تصريحاً مميزاً قبل وصوله بكين: "لا يمكن معاداة ربع البشرية"، في إشارة إلى عدد سكان الصين الذين يقدَّرون بمليار وثلاثمائة مليون نسمة ويشتملون على 22 إثنية. كما حضر الرئيس الجزائري بوتفليقة، والرئيس بوش الذي التُقطت له صور وهو ثمل ويقترب من لاعبات أميركيات بصورة لفتت انتباه المصورين. قامت الصين قبل المناسبة وخلالها بالحد من التلوث، وذلك عبر تخفيض عدد المركبات السائرة في العاصمة إلى النصف (أربعة ملايين من ثمانية ملايين) بتخصيص يوم للأرقام الفردية، وآخر للزوجية.. ويسجَّل للأردن أنه كان سباقاً في هذا المضمار قبل سنوات، وليت الأمر يتكرر لمواجهة الضغط بالغ البشاعة في عدد المركبات وفي الازدحام، ولعل هذا الأسلوب يدفع أصحاب السيارات للمطالبة بتوفير مواصلات عامة شاملة،حيث يعدّ الأردن واحداً من أقل دول العالم كفاءة في هذا المضمار. نجحت الصين في تنظيم هذه المناسبة بما يعكس مستوى التنظيم العام في هذا البلد، بما في ذلك الانضباط الحديدي، وهو ما حمل منظمات حقوق إنسان على الدعوة لمقاطعة المناسبة، عير أن هذه الدعوات أخفقت، فلا أحد في العالم بات يستغني عن بلاد التنين أو بوسعه إدارة الظهر لها. |
|
|||||||||||||