العدد 6 - علوم وتكنولوجيا | ||||||||||||||
على الرغم من انتشار استخدام شبكة الإنترنت من قبل شعوب العالم قاطبة في جوانب كثيرة من الحياة، بحيث أصبحت معلماً من معالم تحضر وتطور الشعوب والأمم، إلا أن عناوين مواقع الإنترنت ما تزال، حتى وقت قريب، تكتب بالأحرف اللاتينية. وقد شكّل هذا الأمر عائقاً كبيراً أمام المستخدمين من غير المتحدثين باللغة الإنجليزية، وبخاصة الدول العربية، إذ يجد الكثيرون صعوبة في التعامل مع اللغة الإنجليزية المهيمنة حالياً على الإنترنت. لذلك تسعى كثير من الدول غير الناطقة باللغة الإنجليزية، ومنها الدول العربية، جادة لزيادة أعداد المستفيدين من شبكة الإنترنت من خلال اعتماد أسماء النطاقات الدولية. وأسماء النطاقات الدولية (أو IDN كما هو متعارف عليها عالمياً) هي أسماء النطاقات التي تحتوي أحرف لا تنتمي الى مجموعة أحرف آسكي (ASCII) مثل أحرف اللغة العربية أو الصينية وغيرها مثل (.comنطاق). وتكمن المشكلة في مثل هذا النوع من الأحرف في أن نظام أسماء النطاقات المعيارية لا يسمح بها. ما دفع بالمنظمات المعنية القيام بالكثير من العمل لإيجاد طريقة للالتفاف على هذه المشكلة، إما بتغيير المعايير المتبعة حالياً وهو أمر صعب ومكلف، أو عن طريق الاتفاق على طريقة لتحويل أسماء النطاقات الدولية الى أحرف آسكي المعيارية مع الحفاظ على استقرار نظام أسماء النطاقات المعياري. وقد كان لأسماء النطاقات الدولية تاريخ مع معايير الإنترنت، فقد اقترحت هذه الفكرة عام 1996 وطبقت عام 1998. وبعد شوط طويل من المناقشات والاقتراحات مع هيئة «ICANN” التى تشرف على إدارة عناوين الإنترنت على المستوى العالمي، تمت الموافقة على كتابة القسم الأول من أسماء المواقع على شبكة الإنترنت بإحدى عشرة لغة غير لاتينية تشمل اللغة العربية من خلال تبني نظام «IDNA” (Internationalizing Domain Names in Applications)، وهو آلية للتعامل مع أسماء النطاقات التي تحتوي أحرف لا تنتمي لمجموعة آسكي، ليكون المعيار لأسماء النطاقات الدولية. أما بالنسبة لنطاق المستوى الأعلى (Top Level Domain) من اسم الموقع (مثال: .com)، فلا بد من كتابته بالأحرف اللاتينية حسب المعايير الأميركية الموضوعة منذ ستينات القرن الماضي. وقد بدأ التسجيل لتلك النوعية من النطاقات عام 2000، ولكنها لم تلقَ رواجاً في تلك الفترة نظراً لعدم وجود المتصفح الذي يدعمها في ذلك الوقت، لكن ذلك لم يمنع مجموعة من الأشخاص من تسجيل العديد من النطاقات القيمة منذ العام 2000 على أمل أن تلقى فكرة أسماء النطاقات العربية رواجاً في المستقبل للإتجار بها. ولعل من أكبر المنافع المرجوة من هذه الخدمة بالنسبة للمستخدم العربي هو التغلب على مشكلة صعوبة الوصول الى المواقع العربية بسبب التهجئة اللاتينية لاسم النطاق، بالإضافة الى تعزيز استخدام الإنترنت من جانب المستخدمين العرب، إذ ليس من الضروري الإلمام باللغات الأجنبية كي تقوم بتصفح المواقع ذات أسماء النطاقات العربية. لكن، وبالمقابل، فإن هنالك العديد من الصعوبات والتحديات التي تواجه استخدام هذه الطريقة. فالطريقة المستخدمة حاليا في تعريب النطاقات العربية لن تكون مجدية حتى يتم تعريب نطاق المستوى الأعلى. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول عصام بايزيدي، المدير العام لمحرك البحث araby.com ، إن الحصول على عنوان مثل .comنطاقhttp://www. ليس عملياً لأنه عبارة عن خليط من الأحرف العربية واللاتينية ما سيضطر المستخدم الى التحويل بين اللغتين عند طابعة العنوان. مشكلة أخرى ستظهر بسبب أسماء النطاقات الدولية هي الأمن المعلوماتي والاحتيال، فمع وجود العناوين الدولية سيكون من الممكن للمحتالين أن يدعوا بأنهم شركة من الشركات المعروفة باستخدام الترجمة العربية لاسم نطاقها. يقول بايزيدي: “هنالك العديد من أسماء المواقع العربية مثل .comالعربية أو .comالجزيرة أو .comمكتوب التي ليست مُلكاً للشركات التي تحمل الاسم نفسه، لذا فإن من الممكن لشخص ما يمتلك أحد أسماء النطاقات المعرّبة لشركة ما أن يدّعي بأنه الشركة بهدف الاحتيال. وقد حدثت مثل تلك الخدعة من قبل مع موقع paypal.com حيث سجل أحد المحتالين اسم النطاق paypal.com، باستبدال الحرف a الأول بالحرف a السيريلي المستخدم في الأبجدية الروسية والبلغارية، وأقنع مستخدمي الموقع بإدخال اسم الدخول وكلمة السر مدعياً بأنه موقع PayPal”. “أظن بأن أسماء مواقع ويب المعرّبة ما تزال في بداياتها، ولعل أكبر العوامل التي أخرت استخدام أسماء النطاقات الدولية تتمثل في التطبيقات التي تدعمها. فحتى عام 2005، لم تتوافر التطبيقات التي تدعم مثل هذه الأسماء، وحتى يومنا هذا ما تزال شريحة كبيرة من زائري الإنترنت تستخدم الإصدار السادس من المتصفح Internet Explorer الذي لا يوفر الدعم لاستخدام أسماء النطاقات الدولية إلا من خلال وجود برامج إضافية كي تتمكن من معالجة هذه النطاقات، ما يعد غير مجد للمستخدمين. وعلى الرغم من أن الإصدار السابع من هذا المتصفح أصبح يدعمها، إلا ان الأمر سيتطلب سنتين على الأقل كي يقوم مستخدمو الإصدار السادس بتحديث متصفحاتهم. لذا فلن تكون عملية تعريب أسماء المواقع مستخدمة بشكل فاعل في المواقع الشهيرة قبل عام 2010»، يقول بايزيدي رداً على سؤال عن سبب تأخر انتشار أسماء النطاقات المعرّبة. ويضيف: «هنالك مشكلة أخرى هي دعم أنظمة البريد الإلكتروني المرتكزة على الويب. فأحد المميزات المرجوة من أسماء النطاقات الدولية هي عناوين البريد الإلكتروني الدولية، وهذا لن يكون ممكناً حتى يقوم مزودو خدمة البريد الإلكتروني مثل Yahoo و Hotmail وGmail بتقديم الدعم اللازم لهذه العناوين في نظام العنونة الخاص بهم”. وعلى الرغم من مرور حوالي ثمانية أعوام منذ بدء التسجيل للنطاقات المعرّبة، إلا أن المواقع ذات النطاقات المعرّبة ما تزال ضئيلة جدا من حيث العدد حتى الآن. يقول بايزيدي بهذا الصدد: “بالنسبة لمحرك البحث araby.com، فرغم أنه يدعم أسماء النطاقات الدولية، إلا أن المحتوى الموجود من النطاقات ذات الأسماء العربية قليل للغاية حتى الآن. فمن بين 100 مليون صفحة مفهرسة في araby.com، هنالك أقل من 1000 صفحة قادمة من نطاقات مسجلة بأسماء نطاقات دولية، وغالبية هذه الصفحات إن لم تكن جميعها لا تعدو كونها صفحات إعلانية بدلاً من المحتوى الحقيقي للصفحة”. |
|
|||||||||||||