العدد 40 - أردني | ||||||||||||||
تُعدّ المدارس اللبنة الأولى في بناء أي مجتمع عصري. ولكي تكون كذلك، لا بد من تزويدها بالمرافق التي تجعل منها بيئة مناسبة للتعليم، والاهتمام بها لخلق جيل مثقف، قادر على بناء دولة القانون والمؤسسات في المستقبل. مثل هذا الفهم لدور المدرسة هو الذي جعل الملك عبد الله الثاني يطلق مبادرة التعليم الأردنية، التي تتعاون فيها وزارة التربية والتعليم مع المؤسسات الدولية. في هذا الإطار وقعت شركة مايكروسوفت العملاقة عقداً قبل ثلاث سنوات لدعم هذه المبادرة، التي دعمتها أيضاً شركات عالمية أخرى مثل IBM, Dell, HP. كما تشارك شركات محلية مثل "منهاج" في هذه المبادرة، التي قطعت شوطاً طويلاً في تطوير التعليم ورفع مستوى المدارس في الأردن، وشركة "إنتاج" التي تساهم بدعم هذه المبادرة. وأطلقت هذه المبادرة في العام 2003 ضمن اجتماع "المنتدى العالمي الاقتصادي". تعبّر هذه المبادرة عن شراكة بين القطاعين العام والخاص، ما يعطيها بعداً معنوياً جديداً يدعم قدرتها على التغيير. نتائج المبادرة ظهرت من خلال عدد من الإنجازات التي حققها النظام التعليمي في الأردن. نجح الأردن في تحقيق فوز غير مسبوق عند مشاركته في معرض إنتل الدولي الذي أقيم في أيار/مايو الماضي، بحصده ثلاث جوائز في مجالات مختلفة، وكانت المشاريع الفائزة بهذا المعرض، مشاريع ريادية تتعلق بأنظمة الري وتحلية المياه والتخاطب بين الأصمّ والضرير عبر جهاز الكمبيوتر والأجهزة المساعدة الأخرى. المدارس الفائزة بهذه الجوائز كانت من القطاعين الحكومي والخاص، ما يدلل على نجاح هذه المبادرة برفع المستوى العملي للطلبة. وهنالك إنجاز «الربط الإلكتروني» بين المدارس، وإقامة شبكة واحدة تجمع هذه المدارس بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتكنولوجيا. وهي عملت أيضاً على تطوير مناهج الحاسوب وإدخالها جميع الصفوف، من المرحلة الابتدائية، لإنشاء ثقافة إلكترونية تساعد على تحقيق إنجازات أفضل في المستقبل. وتضع المبادرة الاستراتيجيات المختلفة لتحسين التدريس في المدارس، مثل إنشاء «اللوح الإلكتروني»، وإصدار المناهج الإلكترونية للمواد التعليمية الأساسية، كالعلوم والرياضيات. ذاعت هذه المبادرة على مستوى دولي. وهناك دول، كالسعودية وفلسطين، تفكر في تبني مبادرات مثيلة، في حين تشير أخبار في الصحافة العالمية إلى احتمال تعميم المبادرة لتصبح عالمية، في محاولة لرفع المستوى التعليمي للمدارس في جميع أنحاء العالم، بخاصة دول العالم النامي. فالشراكة العالمية التي تحققها هذه المبادرة، تدفع لإنشاء مبادرات أخرى على شاكلتها، لتحقيق التعاون الدولي. إلا أن كثيراً من المدارس ما زالت تفتقر للمرافق الأساسية والتنظيم السليم، ما يعيق العملية التعليمية. وهنالك الكثير من الأخبار عن إنشاء مختبرات للحاسوب في مدارس في قرى نائية لا يعرف طلابها –ولا معلموها– استخدام هذا الجهاز! تكمن المشكلة في عدم النظر للعيوب الأساسية التي يعاني منها النظام التعليمي في الأردن، كقلّة الخبرة لدى المعلمين، والفوضى المنتشرة في المدارس الحكومية، ما يستدعي الاهتمام بالبنية التحتية للمدارس، وتقويم عمل الإدارات والمعلمين، في نشر الثقافة، وإرساء أسس التربية والتعليم الصحيحة. هناك نحو 500 مدرسة حكومية تعدّ غير صالحة للاستخدام. تنتشر هذه المدارس في المحافظات خارج عمّان والقرى النائية، ما يشير إلى خلل كبير في البنية التحتية للنظام التعليمي يجب معالجته بـ«استصلاح» هذه المدارس وإعادتها إلى دورها الطبيعي في إطار العملية التربوية. يطرح هذا العدد الكبير من المدارس التي تحتاج لإصلاح، تساؤلات حول دور وزارة التربية والتعليم، ولماذا لا تعمد بنفسها إلى إعادة هذه المدارس إلى الحياة، بدلاً من البحث عن ممولين وشركاء. يكمن الدور الأساسي لـ«التربية» في متابعة المدارس وإصلاحها. يساعدها في ذلك أن المجتمع الأردني مجتمع فتي، يشكل الشباب نسبة كبيرة منه. فلا بد من إعطاء المدارس أولوية في عمل الوزارة، خشيةَ أن يصبح بعض هذه المدارس، كالبرامج التلفزيونية التي تعرض برعاية الشركات. مبادرة التعليم الأردنية نجحت في تحقيق الكثير من أهدافها خلال خمس سنوات، وينتظر منها المزيد لتحسين وضع المدارس في الأردن، ورفع مستوى التعليم باستخدام طرق علمية حديثة، تعمد إلى التجريب والعمل بدلاً من التلقين المستمر. ويقع على عاتق وزارة التربية والتعليم تحقيق هذه الأهداف. ومن المنتظر أن تقوم شراكة بين الوزارات والمؤسسات الرسمية وبين شركات القطاع الخاص، وتعاون التربويين والمعلمين والطلبة جميعهم، للوصول إلى صيغة صحيحة ومتكاملة للتعليم، تنجح في رفع المستوى الفكري وإرساء ثقافة وطنية صحيحة للطلبة. |
|
|||||||||||||