العدد 40 - أردني | ||||||||||||||
السّجل - خاص ركزت كتب التكليف الملكية الموجهة إلى رؤساء الوزراء المكلفين بتشكيل حكومات جديدة تنفذ السياسة العامة للبلاد، على أهمية تطوير الإعلام الرسمي بحيث يكون «مرآة للوطن»، وبحيث «يرصد الواقع». في المقابل، أشار الخطاب الملكي إلى ضرورة إتاحة الحرية للصحافة «حتى تتطور وتزدهر في مناخ من حرية الفكر والرأي والتعبير واحترام الرأي الآخر»، محذرا في الوقت نفسه من «الغوغائية والإشاعة والإثارة ومجانبة الحقيقة والموضوعية». في الأشهر الأخيرة، تفجرت أزمة، في الأوساط الإعلامية الرسمية والخاصة؛ كان مبعثها غياب الشفافية عن المؤسسة الإعلامية الحكومية، ما عكس عدم مقدرة الإعلام الرسمي على التعامل مع الأخبار التي تواترت عن بيع بعض مرافق ومؤسسات وأراضي الدولة. فلم يستطع الإعلام الرسمي تبديد هذه «الإشاعات» وقطع الشك باليقين. ففي أواخر شهر نيسان/ أبريل خرج وزير الدولة لشؤون الاتصال والإعلام ناصر جودة ليؤكد أن «الحكومة لم تبرم أو توقع أي صفقة بيع لأي قطعة أرض تملكها أو عليها منشآت». جاء هذا التصريح رغم أن رئيس الوزراء نادر الذهبي كان أكد لمجموعة من الصحفيين أن "الحكومة في صدد دراسة عروض تلقتها لشراء بعض المنشآت". والمفارقة أنه بعد أيام قليلة فقط، خرج وزير العمل باسم السالم ليؤكد أنه سيتم بيع أراضي ومباني القيادة العامة للجيش في شارع الملك عبد الله، لشركة وطنية تملكها مؤسسة الضمان الاجتماعي، تقوم هي بتأجيرها أو استثمارها، لشركات عالمية كبرى تعمل في الأردن مثل "مايكروسوفت"، وتوفر لها البنية التحتية، وتكون قريبة من العاصمة ومن المطار تحديدا. هذه التصريحات تسببت في إحداث إرباك في البلد، وعدم ثقة في الرواية الرسمية. وبقيت الأمور بين شد وجذب إلى أن تدخل الملك عبد الله الثاني لحسم موضوع بيع الأراضي والمؤسسات في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الأردنية (بترا) مطلع تموز/يوليو الماضي. الملك شدّد على أمور ثلاثة: أولا، أن البيع حق تملكه الدولة، ولا يعني في أي صورة كانت انتقال السيادة عليها إلى خارج الوطن. ثانيا، أنه لم يتم بيع المدينة الطبية كمؤسسة واسم، ولكن هناك "احتمال بيع ممتلكاتها". وثالثا، أن لا نية لبيع الجامعة الأردنية أو المدينة الرياضية. الملك في الوقت نفسه حمل على "بعض الصحفيين"، ممن قاموا "بصورة أوتوماتيكية، ومن دون استقصاء للأمر، بنشر الإشاعات عن صفقة فيها فساد هائل". بعض الأوساط الصحفية والسياسية تلقفت هذه العبارة وطالبت بـ"لجم الإعلام" وتقليص الهامش المتاح؛ وبدأت بـ"الضرب" على صحيفة "العرب اليوم" تحديداً، باعتبارها المقصودة بحديث الملك، وبخاصة أنها كانت أول من أثار المواضيع التي تناولتها المقابلة الملكية. لكن، في المجمل، اعتبرت الغالبية العظمى في الوسط الصحفي، أن الخطاب الملكي لم يكن موجها ضد الصحيفة أو حرية الرأي، وبحسب ما كتبه فهد الخيطان محرر المحليات في الصحيفة، فإن الملك في المقابلة «عاد ليؤكد أنه معني بسماع الرأي الآخر بشأن هذه السياسة»، واستعاد كلمات الملك التي قال فيها:«إنني ارحب بالنقد الذي يوجهه المواطنون. وفي الواقع أشجع عليه عندما يتصل بمسألة الشفافية، وبما إذا كانت هناك أسباب موجبة لبيع بعض الأصول الحكومية». المقابلة الملكية المشار إليها لم توضح الرؤية الملكية في الإعلام فقط، بل إنها أظهرت، من جانب آخر، أن هنالك تفاوتا بين الرؤية الملكية التي عبرت عنها المقابلة، وبين الأجهزة المكلفة بتنفيذ هذه الرؤية، والتي عادة ما تتضمنها كتب التكليف الموجهة إلى رؤساء الوزراء المكلفين، ما يعني أن التوجيهات التي يضمنها الملك كتبه، تسري ليس فقط على أداء الحكومات، بل وعلى عملية اختيار الوزراء أنفسهم. |
|
|||||||||||||