العدد 40 - أردني
 

السّجل - خاص

رأى رئيس جامعة الطفيلة التقنية سلطان أبو عرابي في اقتراب شهر رمضان مبرراً لاتخاذ قرار بإعادة ثلاثة موظفين كانوا فصلوا من العمل على إثر اعتداء أحدهم على رئيس الجامعة، وبسبب الإهمال والتغيب عن موقع العمل بالنسبة للموظفين الآخرين.

القرار جاء بعد مضي ما يقارب الشهر على فوضى عارمة شهدتها الجامعة خلال حفل تخريج الطلبة، إذ أقدم موظف سابق في الجامعة على الاعتداء على رئيس الجامعة بالضرب وهو على منصة التخريج وعلى مرأى مئات من الحاضرين.

أبو عرابي برر قراره بالتنازل عن حقه الشخصي وحق الجامعة ضد المسيئين بقوله إنه يأمل في أن يؤدي ذلك إلى إصلاح حالهم، مؤكدا أنه فعل ذلك "إكراما لله ورسوله"، واعتبر تحصيل الحق العام أمرا من اختصاص أجهزة الدولة.

يشكل قرار الجامعة، على ما فيه من "نوازع إنسانية"حسب وصفه، ضربة لاحترام القانون ولهيبة المؤسسات الرسمية، وتعزيزا للجهوية والعصبية القبلية على حساب دولة المواطنة، كما يمثل تعبيرا صريحا عن فشل سياسات الاسترضاء والمحاباة ومنح الامتيازات لبعضهم على حساب الدولة، في التأسيس لمجتمع متحضر يقوم على إرساء العدالة وفقاً للقانون المدني لا القانون الوضعي، كما قال رئيس جامعة أسبق فضل عدم ذكر اسمه.

أكاديمي حال قربه من الرئيس دون الإفصاح عن اسمه، قال إن أبو عرابي تصرف بطريقة تمس القانون في الجامعة التي يقف على رأس الهرم فيها.

يطالب الأكاديمي ذاته بإعادة النظر في قرار فتح جامعات في الأقاليم والمحافظات، فالجامعات التي فتحت في المحافظات البعيدة، لم تستطع التأثير في الريف بنقل ثقافة المدينة إليه، بل إن ما حدث هو العكس، حيث أصبحت ثقافة الريف هي القول الفصل في الجامعات التي يفترض أنها فتحت هناك لتمثل مراكز للإشعاع الحضاري.

رئيس الجامعة الأسبق نفسه وصف ما يجري بأنه «دليل على انهيار مؤسسات البلاد لصالح العشائرية والجهوية»، وتساءل عما إذا كان هناك من يجرؤ على الحديث في مثل هذه القضايا التي استشرت حتى باتت أخبارا عادية تنشر في الصحف، ومعها يقضم جزء من هيبة الدولة الأردنية.

ويتساءل أستاذ القانون محمد الحموري، عن مدى جواز لجوء الدولة إلى تنظيم صلحات عشائرية بوجود القانون. وأكد أن «القضية المطروحة للنقاش سياسية لا قانونية».

هذه التطورات جاءت على خلفية حادثة الاعتداء بالضرب على أبو عرابي، أثناء إلقائه كلمة بمناسبة حفل تخريج الطلبة في نهاية العام الدراسي. أما منفذ الاعتداء عليه فهو موظف سابق في الجامعة، كان تعرض للفصل بقرار من أبو عرابي. أصيب في الحادثة نحو 40 مواطنا نتيجة استنشاق غاز مسيل للدموع، استخدمته الشرطة، فضلا عن إصابة 3 من رجال الأمن وتدمير 5 سيارات للشرطة ودراجة مراقب سير.

الأحداث لم تقتصر على ما جرى في الطفيلة، فقد امتدت بعد ذلك إلى عمان حيث يقيم الوزير والنائب السابق عن الطفيلة، عبد الله العكايلة، ففي اليوم التالي للحفل، شن مجهولون هجوما بالرصاص الحي على منزله في منطقة الجبيهة كاد يفقد خلاله أحد أبنائه، وحدثت هجمات عشائرية متبادلة بين عشائر الطفايلة المقيمين في عمان وبين عشائر العدوان الذين يقيمون في منطقة الجبيهة، ما استدعى تدخل رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي، الذي ترأس جاهة عشائرية أنتجت صلحا عشائريا بين الطفايلة والعدوان.

الصلح العشائري بين العشيرتين حول قضية إدارية وأمنية في الجامعة يعكس صورة سلبية للدولة التي تنازلت عن تطبيق أنظمتها وقوانينها على مواطنيها، في إطار سياسة الاسترضاء التي تتم على حساب نهج إرساء دولة القانون.

في السياق ذاته، تعرض موظفون في مديرية مياه جرش الأسبوع الماضي، لاعتداء من مواطنين مجهولين، أثناء إشرافهما على عملية توزيع المياه ليلا في منطقة الجبل الأخضر ووادي الدير، بحسب أمين عام سلطة المياه منير عويس.

المعتديان كانا طالبا الموظفين بتجاوز دور توزيع المياه وإيصالها لمنطقتهما على الفور، ولدى امتناع الموظفين عن ذلك أقدم احد المواطنين على ضرب المراقب بـ«ماسورة»، فأصيب بجروح أدخل على إثرها إلى المستشفى.

عويس بيّن أن الاعتداءات على الموظفين ازدادت في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن السلطة تسعى من خلال الأجهزة المعنية لتوفير الأمن والحماية لموظفيها.

الحادثة جاءت في أعقاب اعتداء مماثل على موظفي الوزارة ذاتها في إحدى ضواحي عمان. لكن الاعتداء الأخير تم على خلفية متابعة الموظفين حفارةً غير مرخصة، إذ تم احتجاز الموظفين ساعات إلى حين توسط الحكومة للإفراج عنهم.

بو عرابي يعيد 3 موظفين اعتدوا عليه إلى عملهم بمناسبة اقتراب شهر رمضان
 
21-Aug-2008
 
العدد 40