العدد 6 - ثقافي | ||||||||||||||
عالج الدكتور فيل Dr. Phil في برنامجه الشهير الذي يذاع عربياً على القناة الرابعة لفضائية الMBC ظاهرة إطلاق النار من الطلاب على زملائهم وعلى جميع من يصادفونه أمامهم في عدد من الجامعات والكليات في أميركا، كان آخرها سقوط ثلاثين ضحية وعدد من الجرحى عندما قام طالب أميركي من أصل صيني بفتح النار على كل من صادفه في كلية فرجينيا الأميركية. وقد تحدث هذا الطالب، فيما بعد، عن دوافعه حيث هاجم الطلاب الأثرياء المدللين الفاسدين في الكلية، كما هاجم من سماهم الأشرار الفاسقين. وهذا هو الحادث الثاني والعشرين في مسلسل هذه الظاهرة الجديدة حيث انتقل العنف الدموي من الشوارع الخلفية في الأحياء الفقيرة، ومن الشوارع في أحياء الزنوج إلى قلب الجامعات الأميركية وكلياتها. وقد سبق هذا الحادث الأخير إطلاق نار عشوائي وبالأسلوب نفسه في جامعات وسكنسن وكليفلاند وكولومبيان بحيث أصبح المعنيون في أميركا أمام ظاهرة مغلقة قرعت جميع أجراس الإنذار، فإن يصل العنف الدموي وعلى طريقة عصابات القتل والمخدرات إلى قلب الجامعات والتي هي النواة الأساسية الأولى المكونة لمجتمع متحضر، فإن ذلك يعني أن السوس قد وصل إلى العظم.. وبطبيعة الحال، لم يكن منتظراً من الدكتور فيل وضيوفه العديدين وبينهم مسؤولو تربية وعلماء نفس ومسؤولو شرطة، أن يذهبوا بعيداً في المجتمع الأميركي، فأميركا نفسها قامت على أقصى درجات العنف الجماعية حيث تم إبادة معظم السكان الأصليين من الهنود الحمر بطريقة منهجية منظمة. واكب عمليات الإبادة رجال دين مسيحيون طرحوا فتاوى غير إنسانية زاعمين أن الهنود الحمر ليس لهم أرواح مثل الرجل الأبيض – ولذلك فهم يشبهون الحيوانات، وبالتالي فإن قتلهم ليس خطيئة. العنف الدموي الوحشي، إذاً، هو في صميم تكوين الثقافة الأميركية – وثقافة العنف هي أعمق ثقافة في أميركا – ويجب ألا ننسى أن أميركا هي أول من استخدم القنبلة الذرية في هيروشيما وناجازاكي في اليابان – ولم يكن مفاجئاً أن يتولى الإدارة الأميركية مجموعة من القتلة جاهزين لشن الحروب في أي مكان – وآخرهم بوش وعصابته الدموية من المحافظين الجدد والصهاينة الذين ما يزالون يرتكبون أبشع جرائم التدمير والإبادة في العراق وأفغانستان وفي فلسطين أيضاً بدعم كامل للعصابة الدموية في إسرائيل.. من هنا فإن هذا الخيط الدموي في صميم النشأة بين إسرائيل والولايات المتحدة هو أحد أهم الأسباب للتحالف العضوي بين هاتين الدولتين – إنهما دولتان قامتا على القتل والإبادة للسكان الأصليين. وعودة إلى برنامج الدكتور فيل، إذ قال أحد المسؤولين الحكوميين بأن 47% من العائلات الأميركية تمتلك سلاحاً مرخصاً، فالسلاح يباع في المدن الأميركية كما تباع شرائح الهامبورغر والهوت دوغ. ادخل أي محل للسلاح وتغير مسدسك أو بندقيتك وادفع الثمن وامض... فالقانون لا يقف في وجهك. يضاف إلى ذلك ثقافة العنف بتغذية من مئات بل آلاف الفضائيات التي تبث مسلسلات العنف على مدار الساعة – وهو عنف وصل إلى درجة لا يمكن تصورها، كما شاهدنا في أحد الأفلام التي عرضت أخيراً بعنوان S.A.W أي منشار حيث يصل العنف إلى درجة مقرفة تدعو إلى الاشمئزاز والتقيؤ - ...... هذا لأن جرعات العنف التقليدية السابقة لم تعد تؤثر في نفوس مدمني مشاهدة العنف – ويجب أن نتذكر أن معظم هؤلاء من الأطفال.. تطرق المتحدثون في البرنامج إلى بعض الأمور التفصيلية والأمور التي قد تقود إلى قطع الطريق على هؤلاء الطلاب العنيفين – ولكن هذه المعالجة الموضعية غير مجدية، إذ إن المشكلة قائمة في ثقافة العنف – واستئصال جذور هذه الثقافة يعني منع مسلسلات العنف، ويعني إغلاق محلات بيع الأسلحة، وهذا مستحيل، لأن شركات السلاح هي التي تضع القوانين – ولأن شركات إنتاج مسلسلات العنف العملاقة هي أساسية في الاقتصاد الأميركي.. وبعبارة أخرى فإن استئصال مصادر ثقافة العنف (هذا إذا تغاضينا عن النشأة الأولى) هو أمر مستحيل إلا بتغيير النظام الأميركي نفسه!. دورة العنف الدموي سوف تستمر في أميركا – وأميركا ستستمر في تصدير فائق العنف إلى جميع أنحاء العالم، وبالنسبة للداخل الأميركي، توقع أحد المفكرين الأميركيين قبل بعض الوقت أن العنف في أميركا سينشر، ويأخذ أشكالاً جديدة على ثلاثة محاور: - العنف بين الرجال والنساء. - العنف بين البيض والسود. - العنف بين الأثنيات والأقليات المتعددة داخل أميركا. بهذا فإن العنف عمودياً وأفقياً هو ما ينتظر هذه الدولة من حيث أسسها ونظامها. وذلك هو ما دفع كاتباً ألمانياً اسمه يواخيم إلى أن يؤلف كتاب ترجم إلى اللغة العربية بعنوان:” رحمتك يا ر ب”!! ويرى المؤلف أنه لم يبق أمام الجنس البشري سوى إقامة الصلوات والدعاء في مواجهة هذا الديناصور الأميركي الأعمى الذي سيدمر العالم لا محالة. |
|
|||||||||||||