العدد 39 - اقليمي | ||||||||||||||
تحسين يقين الضفة الغربية- ثمة ارتباك سياسي في الشارع السياسي، لا يقتصر على الساحة الفلسطينية، بل يمتد إلى الشارع الإسرائيلي، ، حيث لا يبدو أنه سيكون هناك حسم لقضية الصراع والتفاوض ولا اقتراب نحو الحسم. لم يرشح عن لقاء الرئيس عباس الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت سوى ما يمكن أن يرشح عن أي لقاء أدنى بكثير من لقاء القمة الأخير؛ فلم يتم استكمال ما بدىء به من حديث عن إطار عام للمفاوضات، ولا بحثت فيه بشكل جدي أية قضية من قضايا الحل النهائي، بل استمر الإسرائيليون في حرف المفاوضات عن مسارها الصحيح، مستغرقين في الحديث عن القضايا اليومية التي يمكن بحثها من خلال ما يسمى بالارتباط، أو ضمن مستويات سياسية من الصف الثالث. ما رشح من نتائج لقاء القمة لا ينسجم مع وصفها بالقمة الفلسطينية –الإسرائيلية، حيث اقتصر اللقاء على بحث قضية تصاريح المواطنين، وأولئك الذين يقيمون بدون بطاقات هوية، وتركيز اللقاء حول المعتقلين خصوصا المعتقلين السياسيين، كمروان البرغوثي أمين سر حركة فتح، وأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية، وعزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي النائب عن حركة حماس، وبحث قضايا المعتقلين القدامى أمثال ابو علي يطا، وسعيد العتبة وآخرين. ويلاحظ أنه لم يحضر أحمد قريع رئيس الفريق التفاوضي اللقاء، في حين حضر هشام عبد الرازق الذي وصفه بيان الرئاسة بمسؤول ملف الأسرى فيها. وانسجم مع هذا البطء السياسي في المفاوضات بطء الحديث عن الحوار الوطني، فحتى الآن لم تعلن حركة حماس وحركة فتح وباقي الفصائل أجوبتها عن الأسئلة المصرية حول غاية الحوار ومدى التزام به، وآلياته، بل إن الوضع يزداد فتورا على الأرض، في ظل عدم التعاطي من جانب حماس مع القيادة المصرية، وما شهده معبر رفح من مسيرات ترأسها قادة من حماس، تطالب بفتح المعبر، وقد تسارع الوضع سوءا، بعد حادثة منع وفد برلماني عبور معبر رفح باتجاه قطاع غزة، مما أغضب حماس، وجعل المصريين يشككون في نوايا حماس، خصوصا ما حدث في الشجاعية على خلفية تفجيرات الجمعة الدامي، وزاد الأمر سوءا عدم قيام الحركة ببعث أجوبتها إلى المصريين. مما يغضب حماس ما توحي به تصريحات السياسيين المصريين، من تحميل لها المسؤولية بشكل أكبر من حركة فتح، ومن ما يقرب من التهديد المباشر الحازم والحاسم بمقاومة أي اجتياح جماهيري تقوده حماس نحو الأراضي المصرية، والذي ترى فيه حماس «مبالغة واستفزازا» من الجانب المصري. على مستوى التنازع بين الفصيلين، لم يحدث هناك من تقدم على طريق المصالحة، بل اقتصر الحديث والفعل السياسي على الآني لا الاستراتيجي؛ فمن خلال وساطة حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تم الاتفاق على وقف الحملات الاعتقالية المتبادلة، والإفراج عن معتقلين في الضفة والقطاع، في ظل سماح حماس لإذاعة «صوت الشعب»، وفتح مؤسسات وطنية، من باب عدم تورطها بمخالفات على حد وصف حركة حماس، والحكومة المقالة. لكن بعض التهدئة التي حدثت لم تمنع استمرار منع الصحف اليومية من دخول القطاع، في الوقت الذي أضرمت النيران في قرية سياحية في غزة، ومصادرة ممتلكات المركز الإعلامي التابع لجامعة بير زيت في غزة، و استمرار اعتقال عدد من كبار الكوادر الفتحاوية وبعض المحافظين والشخصيات الاعتبارية. بينما تقوم هدنة شبه مطلقة بين حماس وإسرائيل التي لم تتعرض إلى أي إطلاق صواريخ سوى بعض الصواريخ التي لم تؤثر سلبا على الهدنة بسبب التزام حماس بتطبيق شروط الهدنة، حيث يريد كل جانب تحقيق مصلحته من وراء الهدنة، حماس بإحكام سيطرتها على القطاع والاعتراف بها كقوة سياسية لاعبة رئيسية على الملعب السياسي، وإسرائيل حتى تهدئ شارعها السياسي المضطرب أصلا بدون صواريخ قادمة من غزة. لكن الإسرائيليين غير مجمعين على استمرار الهدنة من الجانبين، فرغم أن ايهود باراك امتدح التزام حركة حماس بالهدنة، إلا أن الجانب الأمني المخابراتي في إسرائيل لا يتفق مع رؤية باراك الذي يمثل الجيش. فوفقا لرئيس هيئة الأركان جابي أشكنازي فإنه يرى استمرار الهدنة ما دامت حركة حماس ملتزمة به، في حين يطالب الشين بين علنا بإنهاء الهدنة واجتياح قطاع غزة وإجراء عمليات واسعة. على المستوى الإقليمي، فحسب القراءة الإسرائيلية فإن حماس غير منسجمة ولا مسرورة من المفاوضات الإسرائيلية السورية، حيث ترى المصادر الإسرائيلية أنه في ظل تسوية ما بين إسرائيل وسوريا، ستصبح سوريا في وضع لا يسمح لها بدعم وإيواء الراديكاليين الفلسطينيين على أرضها، بل ولا حتى دعم حزب الله اللبناني ولا المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي للعراق. إسرائيل تقول ذلك علنا، إما لجعل حماس تتخوف على مستقبلها الوجودي والسياسي وبالتالي دفع حماس نحو الالتزام بالمقترحات الإسرائيلية وشروط الجيش والحكومة في إسرائيل للتعاطي مع حماس سياسيا على الأرض، لا مجرد ضبط الوضع الأمني من خلال الحفاظ على الهدنة. وإما لإرسال رسائل إلى حزب الله اللبناني ولسوريا عن تصور إسرائيل عن مستقبل العلاقات السياسية والعسكرية هنا. ينسجم مع هذه الرسائل ما تختار له وسائل الإعلام الإسرائيلية من وقت للتحدث عن خطط الجنرال الأميركي دايتون في دعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، والتي ليست بالأمر السري، لكن اختيار إسرائيل لهذا الوقت الحرج ينبع من ميل الإسرائيليين من تكريس النزاع بين فتح وحماس، وبالتالي الفصل السياسي بين الضفة الغربية وغزة، حيث أكده بنيامين نتنياهو المتوقع تحالفه مع موفاز، والذي تحدث صراحة عن «النزاع المبارك» كونه يؤيد استمرار ذلك النزاع في ظل تخوفه من حرب مقبلة حسب تحليل الكاتب الإسرائيلي مناحيم بن في معاريف. نتنياهو وموفاز مسكونان بالخوف من العرب، ولا يمكنهما الوثوق بأحد، لذلك فإن استمرار النزاع بين حركتي فتح وحماس يمنحهما مبررات مستقبلية -في حالة وصولهما إلى الحكم- بالإبقاء على حالة اللاحرب واللاسلم والتي يستطيعان من خلالها تحقيق مشروعهما الاستيطاني العنصري، وجعل جدار الضم حدودا للكنتونات الفلسطينية المصنوعة والمحاصرة. الخلاف البادي على السطح بين قوى من حماس مع مصر، سيؤجل الحوار الوطني ان استمر، فهل ستتجاوزه حماس، أم ستحتاجه قوى حمساوية لتأجيل الحوار الوطني لا ترى نفسها أمام دفع استحقاقات هذا الحوار، على المستوى السياسي الخارجي، وعلى المستوى الداخل ممثلا بإجراء انتخابات جديدة؟ يقول العارفون، أنه حتى يكون لهذا السؤال قيمة لا بدّ من إطفاء فتيل الاقتتال الداخلي والبدء فورا في الحوار الوطني، والذي اقترح نبيل عمرو السفير الفلسطيني في القاهرة أن يكون مكانه فلسطين، وبعد ذلك سيكون هناك حديث فاعل عن المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية، وحتى ذلك الوقت على الفلسطينيين عدم إضاعة المزيد من الوقت، وأن يصلحوا علاقاتهم العربية، ويوثقوا علاقاتهم الدولية، حتى لا يستغل الاحتلال فرصة الوقت الضائع. |
|
|||||||||||||