العدد 38 - استهلاكي | ||||||||||||||
لا يمثل موعد العودة إلى المدارس مصدر قلق فقط للطلاب الذين يودون الاستمتاع بالاستيقاظ في وقت متأخر واللعب طول النهار دون أداء الفروض المدرسية، بل شمل أيضا أولياء الأمور الذين بدأوا يقلقون من «موسم المدارس» الذي يضغط على جيوبهم وميزانياتهم المضغوطة أصلاً. وتتجاوز الكلف المدرسية الأقساط السنوية للمدارس الخاصة وكلف الاشتراك في الحافلات المدرسية إلى كلف جديدة تضعها معظم المدارس بدءاً بأثمان الكتب والزي المدرسي، وانتهاء بالأنشطة والرحلات وحتى حفلات عيد الميلاد والتخرج وغيرها من المناسبات التي يجري تصويرها. في المدارس الحكومية، حيث تختفي كلف الأنشطة والرحلات، تبرز كلف القرطاسية والكتب والزي المدرسي التي تعصر جيوب الفقراء الذين يتمنون أن يلتحق أبناؤهم بالمدارس الحكومية التي توفر ظروف تعليم أفضل ومستويات أفضل من حيث المعاملة وأساليب التعليم. وقال أولياء أمور إن جزءاً كبيراً من ميزانيات أسرهم يتحول، خصوصاً في هذا الوقت من السنة، نحو مصروف المدارس، ما يقلل حجم الإنفاق على الاحتياجات الأخرى في ظل انعدام قدرة معظم الأسر على التوفير. وسام السوالمي، وزوجته يخططان لتوفير تكاليف المدارس طوال العام. أبناؤهما الأربعة يدرسون في مدارس خاصة بذوي الدخل المحدود، وهي تلك التي تتراوح أقساطها السنوية بين الألف والأربعة آلاف دينار. يقول السوالمي: «تعليم أولادي في مدارس خاصة مكلف جداً، ولكنني لا أستطيع إرسالهم إلى مدارس حكومية، لأنني أريد أن أضمن لهم مستقبلاً جيداً». ويضيف الموظف في إحدى شركات تكنولوجيا المعلومات الخاصة، والذي تعمل زوجته في الشركة نفسها، إنه وفي كل عام، يقوم «بتدبير» الأقساط المدرسية إما عبر الاستدانة من البنوك عن طريق البطاقة الائتمانية، أو من خلال الجمعيات التي يتفق فيها مع زملائه في العمل وبعض أفراد العائلة، وهو ما يزيد من الضغوط على مصروف هذه العائلة، حيث لا تتمكن من شراء جميع ما يلزمها أو السفر في العطل حتى إلى مواقع داخل المملكة. السوالمي، اختار إيصال أولاده إلى مدارسهم يومياً عوض إشراكهم في الحافلات المدرسية، والتي شهدت رسومها ارتفاعاً تجاوزت نسبته الثلاثين في المائة. وكانت نقابة أصحاب المدارس الخاصة رفعت نسبة الأقساط المدرسية للمرحلة الأساسية بنسبة حدها الأعلى 15 بالمائة، وزيادة الأقساط المدرسية للمرحلة الثانوية بنسبة حدها الأعلى 20 بالمائة. نقيب أصحاب المدارس الخاصة، منذر الصوراني، عزا في تصريحات صحفية رفع الأقساط إلى ارتفاع أسعار المحروقات، الذي أثر بشكل سلبي على ربحية أصحاب المدارس الخاصة، مبيناً أن كل ما يتعلق بصناعة التعليم من أحبار، وأوراق، وتكاليف الحافلات، ورسوم رخص المهن، ورسوم الإعلان على حافلات المدارس الخاصة ارتفع هو الآخر. مدير العلاقات العامة في إحدى المدارس الخاصة قال: إن رفع الرسوم يأتي أيضاً بهدف تحسين ظروف المعلمين الذين طالبوا بزيادات على رواتبهم تضاهي نسب التضخم والارتفاعات المتتالية على الأسعار. وقال مفضلاً عدم الكشف عن اسمه: «يعمل في مدرستنا معلمون لديهم خبرة واسعة، وهو ما يسهم إيجابياً في رفع مستوى تعليم الطلاب. لا نستطيع ان نهمل معلمينا وإلا هجرونا إلى مدارس أخرى أو سافروا إلى الخارج». وبعيداً عن المدارس الخاصة التي توزع أيضاً على تلك المخصصة لذوي الدخل المحدود التي تتراوح أقساطها بين 200 و1000 دينار، وتلك المخصصة لذوي الدخل المرتفع، التي تراوح أقساطها بين الأربعة آلاف و24 ألف دينار سنوياً، يصارع الفقراء لتدبير كلف دراسة أبنائهم في المدارس الحكومية التي لا تتجاوز رسومها الخمسة دنانير سنوياً. أبو إبراهيم، الذي يعمل بائع بسطة ويقطن جبل الأشرفية، لا يستطيع تدبير الرسوم المدرسية، وتجد زوجته صعوبة في توفير الزي المدرسي، والقرطاسية، والحاجات المدرسية الأخرى لبناتهما الثلاث اللواتي يدرسن في احدى المدارس الأساسية. تقول أم إبراهيم: «لولا أهل الخير من سكان المنطقة الذين يعطوني سنوياً حقائب مستعملة وأزياء أولادهم المستعملة لما تمكنت بناتي من الذهاب إلى المدرسة». وتستذكر أم إبراهيم ما مرت به عائلتها من صعوبات العام الماضي، وتبتسم بمرارة عندما تتذكر كيف غابت إحدى بناتها عن المدرسة لثلاثة أيام لأنها أضاعت فردة حذائها. |
|
|||||||||||||