العدد 38 - اعلامي | ||||||||||||||
دلف رئيس الوزراء نادر الذهبي يوم الأربعاء 30 /7 إلى قاعة المسرح في مجلس النواب وهو يحمل ملفاً من 52 صفحة، تشمل إنجازات حكومته منذ تشكيلها في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام الماضي، وحتى الثامن والعشرين من شهر تموز الحالي. مكتب الذهبي كان وزع على النواب قبل دخولهم القاعة، كتيباً يحمل عنوان «إنجازات الحكومة». رئاسة المجلس اختارت قاعة المسرح لعقد اللقاء عوضاً عن المجلس، لأن العرف درج على أن تُعقد اللقاءات «غير الرسمية» مع الحكومة في هذه القاعة، بسبب فض الدورة الاستثنائية للمجلس ودخول النواب في إجازة. الرئيس جلس على السدة يجاوره رئيس المجلس عبد الهادي المجالي ووزير المالية حمد الكساسبة ووزير الشؤون البرلمانية عبد الرحيم العكور، وبعد مقدمة بسيطة للمجالي اختصر الذهبي الكتيب والإنجازات في 50 دقيقة. المجالي أثنى على مداخلة الرئيس وطلب من النواب التقيد بالوقت المحدد للمداخلة التي استغرقت ما بين دقيقتين وثلاث دقائق، مشدداً على ضرورة الالتزام لكي لا يضطر إلى قطع الصوت على المتحدث. لم يقدم الذهبي خلال مداخلته الكثير من المعلومات، لذا كان اللقاء باهتاً من حيث التغطية الصحفية في اليوم التالي، وكذلك من حيث المداخلات النيابية التي انحصر معظمها في الثناء على خطوة الذهبي ومباركتها والدعوة لاستمرارها كل ستة أشهر أو أكثر. استمر اللقاء أكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة، تم فيه وضع النواب بصورة «إنجازات الحكومة»، وتحدث خلاله الرئيس ومن ثم 54 نائباً. بعض مداخلات النواب حول موضوع العلاقلات الأردنية العربية، وحول الأسرى المحررين من السجون الإسرائيلية والموقوفين في سجن قفقفا، ومواضيع الإصلاح السياسي، تجاوز الذهبي الرد عليها واكتفى بالرد على مواضيع ذات صلة بأسعار المشتقات النفطية والأسهم وسوق عمّان المالي ومشروع قانون الضمان الاجتماعي المنتظر. اللقاء الذي تأجل عقده من الثلاثاء 29 من الشهر الماضي في الحادية عشرة صباحاً وعُقد في اليوم الذي تلاه عند الخامسة وعشر دقائق مساء، وجده النائب بسام حدادين أشبه بالمؤتمر الصحفي، ولاحظ أنه لا يؤشر إلى سلطة رقابية حقيقية للمجلس على الحكومة بسبب فض الدورة. حدادين قال ذلك في مداخلة له أثناء اللقاء دعا فيها الذهبي إلى «عدم تكرار التجربة»، مشيراً إلى أن اللقاء كان يجب أن يعقد خلال الدورة وليس في وقت حل المجلس، وأن يتم منح النواب الوقت الكافي للحديث وليس دقيقتين فقط. الصحف اليومية تركت السواد الأعظم مما جاء في اللقاء لوكالة «بترا»، تاركة مساحة لمندوبيها لكتابة مقدمات مختلفة عما جاء في خبر الوكالة، بيد أن يومية «الرأي» التزمت بخبر «بترا» من الباب حتى المحراب. كُتّاب اليوميات لم يشيروا خلال الأيام اللاحقة للقاء الرئيس بالنواب أو يعلقوا على إنجازات الحكومة بالنقد أو بالإيجاب، وهذا ما عزز الصبغة الباهتة للّقاء، وعدم وجود جديد في محتواه. بعض مندوبي الصحف اليومية ممن حضروا اللقاء الذي انتهى عند الثامنة والنصف مساء، اختاروا وضع مقدمات مطولة لخبرهم أشاروا فيها إلى قضايا لم ترد ضمن خبر الوكالة التقليدي، مثل كلمات النواب ومداخلاتهم، ولذلك تم التأشير لبعضها وترك بقية الخبر وكلمة الرئيس ورئيس المجلس لـ«بترا» تفعل بها ما تشاء. احتل اللقاء مساحة واسعة في اليوميات صباح يوم الجمعة، أخذت التغطية في بعضها صفحة كاملة، الأمر الذي بدا للقارئ تسويقاً من قبل الصحف لإنجازات الحكومة، وبخاصة أن معظم المساحة خصصت لما جاء على لسان الرئيس، ولم يمنح النواب سوى 5 بالمئة أو أقل من مساحة الصفحة التي خصصت لتغطية اللقاء. صحيفة «الغد» اختارت عناوين اقتصادية بالكامل فقالت: «رئيس الوزراء يستعرض إنجازات الحكومة أمام النواب .. قانون مؤقت خلال أسبوع لتنظيم عملية المتاجرة بالبورصات العالمية (...) لا يوجد فلس واحد من نفقات مهرجان الأردن من الموازنة العامة للدولة (...) مشروع جديد لضريبة الدخل سيقدم لمجلس الأمة خلال العام (...) تخفيض نسبة المديونية الخارجية من الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 28.6بالمئة (...) 391 مليون دينار كلفة تنفيذ شبكة الأمان الاجتماعي (...) فساد واضح ومتاجرة في الأعلاف والحكومة ستعيد النظر بالكميات المصروفة لمربي المواشي». صحيفة «الدستور» حاولت الاجتهاد من خلال إضافات معينة عبر تسليط الضوء على مداخلات النواب الذين تحدثوا عن الإصلاح السياسي والمعتقلين الأربعة والعلاقات العربية. الصحيفة سلطت الضوء على تجنب الرئيس الخوض في قضايا سياسية وحديثة في الجانب الاقتصادي فقالت: «تجنب رئيس الوزراء نادر الذهبي الحديث عن إنجازات حكومته في الأشهر الثمانية الأخيرة في ملفات الإصلاح السياسي والحريات العامة والأسرى الأردنيين في إسرائيل، إضافة إلى العلاقات العربية العربية، واكتفى بجردة حساب اقتصادية واجتماعية وتأكيد أن الهم الأساسي للحكومة كان وما زال هو المحافظة على أمن المواطن الاجتماعي والمعيشي لمواجهة التحديات الاقتصادية التي يفرضها ارتفاع أسعار المواد الأساسية والنفط». هذه المقدمة عكست رأي الصحيفة وموقفها من اللقاء الذي رأته، وفقاً لما جاء في بداية خبرها، مكرساً للوضع الاقتصادي. يومية «العرب اليوم» أخذت عناوينها جانباً نقدياً حيناً، وخبرياً حيناً آخر، فقالت في أحد عناوينها الإخبارية: «قانون جديد لضبط التعامل بالبورصات العالمية الأسبوع المقبل (...) الحكومة تعيد تعداد المواشي لإعادة النظر في توزيع الأعلاف ورفع نسبتها». من بين العناوين التي احتوت موقفاً من قبل إدارة الصحيفة: «النواب يثيرون قضايا الإصلاح السياسي ورئيس الوزراء يتجاهل الحديث فيها (...) دعوات نيابية للحكومة لتخفيض أسعار المحروقات والذهبي يدعوهم للانتظار حتى الثامن من آب (...) نواب يطالبون بالإفراج عن الأسرى الأردنيين الأربعة والذهبي يتحدث عن المعتقلين في العراق». يومية «الرأي» اكتفت بخبر «بترا» ووضعت عنواناً قالت فيه: «الذهبي يطلع النواب على منجزات حكوماته خلال 8 أشهر». يومية «الرأي» اختارت الاتكاء على خبر «بترا» من الباب وحتى المحراب، ولذلك لم تجتهد في أي إضافات على ما جاء في ما بثته الوكالة، وفي هذا يقول الزميل راكان السعايدة إن خيار تغطية الخبر كان لإدارة التحرير، مشيراً إلى أنه لو تُرك المجال لأن تتم التغطية بطريقة مختلفة لكان الخبر مميزاً عما جاء في «بترا»، وقريباً من مقدمات الصحف الأخرى التي سلطت الضوء على بعض كلمات النواب. يردّ السعايدة اعتماد بعض الصحف على خبر «بترا» لنقل ما جاء في لقاء الرئيس بالنواب لأسباب عدة، أبرزها تأخر وقت اللقاء واستمراره حتى ساعة متأخرة من الليل، الأمر الذي يخلق حالة من الضغط على المندوب فالمحرر فمدير التحرير فالصف والإخراج وبالتالي المطبعة وبعد ذاك التوزيع. طول مدة اللقاء وبالتالي تجنب تأخر صدور الصحف، كان منفذاً مهماً للهروب من السؤال عن أسباب ترك مجمل التغطية للوكالة الرسمية، بيد أنه من الحري الإشارة هنا إلى أن جلسات مجلس النواب المسائية كانت تعقد عند الخامسة مساء، وتتواصل حتى السابعة أو الثامنة في بعض الأحيان، ولم يكن يتم الارتكان على خبر الوكالة، وإنما على تقارير مندوبي الصحف. كان يمكن للصحف اليومية مجتمعة اختزال الحدث بأقل عدد من الكلمات والتأشير لإنجازات الحكومة بشكل مكثف والحديث عن مداخلات النواب حولها أيضاً، وعدم ترك المساحة الكبرى للحكومة وما جاء في تقريرها الذي كان يشبه كشفَ حساب متأخراًَ. |
|
|||||||||||||