العدد 38 - اعلامي
 

دفعت انتقادات واسعة من قبل صحفيين ومنظمات ناشطة في مجال حقوق الإنسان الحكومة المصرية إلى التنصل من مشروع قانون بحوزتها يفرض رقابة مشددة على البث المسموع والمرئي أعده وزير الإعلام أنس الفقي.

موقف الحكومة عكسه المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء مجدي راضي عندما قال: «مشروع القانون لم يمر بأي من مراحل التشريع في الدولة ولا يوجد أصل له».

الحكومة تدخلت بالنفي بعد أيام من قيام يومية «المصري اليوم» بنشر «مسودة» لمشروع قانون حول تنظيم المرئي والمسموع، مشيرة إلى أن الحكومة أعدته وسترسله قريباً لمجلس الشعب المصري تمهيداً للمصادقة عليه.

المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ونقابة الصحفيين المصريين، وناشطين مصريين عبروا عن رفضهم لتوجه الحكومة في إصدار مشروع قانون يحد من حرية المرئي والمسموع.

النفي الرسمي لم يُقنع إعلاميين وحقوقيين مصريين وفق الناشط الحقوقي من المنظمة العربية لحقوق الإنسان فتاح إبراهيم، فقد صرح قائلاً: «اعتاد الصحفيون والحقوقيون في مصر على قيام الحكومة بنفي الأخبار الصحيحة، وبالتالي فان نفي المتحدث باسم مجلس الوزراء لا يقدم أو يؤخر».

يربط إبراهيم بين مشروع القانون وبين وثيقة تنظيم البث الفضائي التي ناقشها وزراء الإعلام العرب قبل أقل من ثلاثة أسابيع، خلال اجتماعهم الأخير في 20 حزيران/يونيو الماضي في جامعة الدول العربية. مشروع القانون المنشور في «المصري اليوم» خرج من رحم وثيقة تنظيم البث الفضائي العربية، وبالتالي فهو «نتاج لها وانعكاس طبيعي لسياسات وزراء الإعلام العرب الرامية للجم قنوات معينة».

وثيقة تنظيم البث الفضائي العربية وضعت قيوداً مشددة على البث الفضائي ووقف بث فضائيات وقنوات إخبارية إذا وجهت انتقادات لقيادات عربية.

وزير الإعلام المصري، أنس الفقي، دعا عند إقرار وثيقة تنظيم البث الفضائي كلَّ دولة عربية لتعديل تشريعاتها أو سن تشريعات جديدة تهدف إلى تفعيل الوثيقة.

على خلفية الوثيقة، رصدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في مصر خلال الأشهر الماضية، العديد من حالات التضييق على المحطات الفضائية والعاملين فيها كما حدث مع كل من هويدا طه وحسين عبد الغني، من قناة «الجزيرة»، اللذين استُدعيا أكثر من مرة للتحقيق معهما في مواضيع تم بثهما عبر المحطة التي يعملان لها. كما حُقق في مواضيع بُثت عبر قنوات «الحوار»، و«الزوراء»، و«الحكمة»، و»البركة». والأخيرتان تم وقف بثهما عبر قمر «النايل سات» لأسباب لم يتم الإفصاح عنها من قبل الحكومة المصرية حتى الآن. كما تم دهم شركة القاهرة للأخبار ومصادرة أشرطتها.

مشروع القانون المثير للجدل جاء في 44 مادة وصفت من قبل المنظمة العربية لحقوق الإنسان بأنها «مطاطة ومرنة»، تسمح بتأويلها وفق رؤية أجهزة النيابة العامة وأجهزة الأمن بالشكل الذي يسهل استخدامها ضد المعارضين أو النشطاء أو الصحفيين. يلزم مشروع القانون مقدمي خدمات البث المسموع والمرئي بمراعاة القواعد بضمان إتاحة البرامج الثقافية والتعليمية، وعدم التأثير سلباً على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية ومبدأ المواطنة والنظام العام والآداب العامة، ما أدى بنقابة الصحفيين المصريين للسؤال عن المقصود بتلك الأمور ومفهوم «السلم الاجتماعي».

هذه الخطوط العريضة تراها «العربية لحقوق الإنسان» مرنة إلى درجة يمكن معها تأويلها من قبل السلطات وفق الطريقة التي تشاء، الأمر الذي يجعلها مواد «خطرة» على العاملين في هذا الحقل.

الحكومة المصرية تتنصل من مشروع يتضمن مواد “خطرة”
 
07-Aug-2008
 
العدد 38